مدونات

الأساطيل التي أزعجت اسرائيل

"لم يكتف العدو بمنع وصول السفن، بل اعتقل النشطاء في ظروف قاسية"- الأناضول
لم يكن الإبحار لغزة مسألة ارتجالية من النشطاء، بل رحلة منظمة استمر الاعداد والتنسيق لها وقتا طويلا، وتطلب إمكانيات ودعما شعبيا ودوليا من بعض الدول، وقد نجح هذا الأسطول في استنهاض همم كثيرين عبر بقاع العالم، حتى أن دولا غربية -طبعا- حذرت العدو من المساس بالسفن والنشطاء.

كما أنه من المؤكد أن النشطاء لم يبحروا لغزة من باب الترف والترفيه والتنزه، بل لأنهم رأوا الدم المُسال في غزة من الأطفال والنساء وكبار السن والمعاقين؛ حتى الحيوانات لم تسلم من قصف العدو، وهذا حرّك وجدانهم؛ لأنهم لم يألفوا عن إسرائيل هذه الصورة، فقد تم غسل أدمغتهم عبر عقودٍ طويلة، بأن العرب هم الإرهابيون، وأن إسرائيل تعيش في محيط لا يرغبها ويهددها باستمرار.

إن اصرار النشطاء على متن السفن للوصول لسواحل فلسطين رغم المشقة وخطر الأمواج ومواجهة العدو، وبُعدهم عن أعمالهم وذويهم، يؤكد أن الإنسانية لا يحدها دين أو جغرافيا أو لغة، بل إن الإنسانية هي اللغة العالمية التي تحرض الضمير على الوقوف بجانب المظلوم بغض النظر عن دينه وجنسه وجنسيته ولونه ولغته، ويا عجبي للتاريخ الذي سيكتب أن اغلب النشطاء ليسوا من أبناء ديننا الإسلامي.

اصرار النشطاء على متن السفن للوصول لسواحل فلسطين رغم المشقة وخطر الأمواج ومواجهة العدو، وبُعدهم عن أعمالهم وذويهم، يؤكد أن الإنسانية لا يحدها دين أو جغرافيا أو لغة، بل إن الإنسانية هي اللغة العالمية التي تحرض الضمير على الوقوف بجانب المظلوم

وبالعودة لعنوان المقال، فمن يتأمل الأساطيل البحرية القادمة لغزة (أسطول الصمود العالمي( يجد أنها ليست محملة بالأسلحة الخفيفة أو الثقيلة، ولا تحمل متطوعين للجهاد ضد إسرائيل، بل تحمل حليبا للأطفال، وماء للعطشى، وطعاما للجوعى، وملابس للعراة، وأملا لمن خاب أملهم في جيرانهم وإخوانهم العرب، إذن لماذا تمنع إسرائيل أساطيل السفن البحرية من الوصول لغزة؟

تقوم سياسة الاحتلال على الغطرسة والقوة التي لا هوادة فيها على الأغيار في البر والجو والبحر، فكلنا رأينا ماذا فعلت بالأرض العربية؛ بدءا من غزة إلى الضفة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن إلى قطر والقائمة لم تنته بعد، وها هي تمارس الغطرسة في البحر.

العدو بهذه الغطرسة يعمل من وجهة نظره على حفظ هيبته، ويرى أن السماح للبعض الآن بالوصول سيجشع الآخرين، لذا يرسل رسالة للجميع، بأن "أمن إسرائيل فقط هو المهم، فيا من تفكر بالوصول لغزة، لا تفكر، لن تصل، نحن لك بالمرصاد".

لم يكتف العدو بمنع وصول السفن، بل اعتقل النشطاء في ظروف قاسية، كم تم احتجاز 42 سفينة، فالعدو الآن قد وصل لمرحلة غطرسة لم يسبق لها مثيل في تاريخه، فقد فتح جبهات عديدة على نفسه، خاصة بعد الاعترافات الدولية بفلسطين كدولة، إلى اعتراف دول ومنظمات دولية بأن ما تقوم به إسرائيل، هو إبادة جماعية تستدعي العقاب، كما أن بعض الدول مثل كولومبيا طردت السفير الإسرائيلي وقطعت العلاقات الدبلوماسية ردا على الحرب على غزة، كما تم طرد السفير الإسرائيلي من جامعة في السنغال، وكثير من الأحداث التي وقعت في العالم ضد إسرائيليين بغض النظر عن مناصبهم.

يبقى القول واجبا بأن العدو يقوم بكل شيءٍ من أجل بقاء أمنه، ولم يعد يأبه بالرأي العام الدولي، طالما أن أمريكا معه؛ تفكر معه وتفكر له وتدعمه بكل مقومات البقاء.