صفقة سلاح
أمريكية جديدة لمصر.. 4.7 مليار دولار تُدفع ليس من أجل حماية الحدود ولا ردع
إسرائيل، بل لتجهيز
الجيش لمعركة لم تبدأ بعد.
لكن مع
من؟
ليس مع
إسرائيل فهذا بات خطا أحمر، العدو هنا غامض.. مليشيات تُصنع في الظل حروب تُفتعل
لتغطية الاحتلال خرائط تُرسم بمداد الغاز والممرات البحرية.
ما يبدو
في ظاهره "تعزيزا للقدرة الدفاعية" يخفي في باطنه إعادة تشكيل لعقيدة
الجيش
المصري. لم يُطلب منه بعد الآن أن يدافع عن الأرض فقط، بل أن يتحوّل إلى
أداة ضبطٍ إقليمي: يطارد مليشيات عابرة للحدود، يلاحق طائرات مسيّرة، ويُستنزف في
حروب بالوكالة لا نصر فيها. جيشٌ كان رمزا للسيادة يُدفع ليكون مجرد
"موظف" على طاولة ترتيبات واشنطن وتل أبيب.
ما يبدو في ظاهره "تعزيزا للقدرة الدفاعية" يخفي في باطنه إعادة تشكيل لعقيدة الجيش المصري. لم يُطلب منه بعد الآن أن يدافع عن الأرض فقط، بل أن يتحوّل إلى أداة ضبطٍ إقليمي
لقد رأينا
العراق وسوريا واليمن تُجرّد من جيوشها، ورأينا مصر والأردن والمغرب يُعاد تشكيل
جيوشها لا لتقود الأمة بل لتُستأجر لحراسة استقرار مرسوم من الخارج.
المعادلة
صارت جهنمية: مليشيات تُصنع، سلاح يُباع، فوضى تُدار، ثم يُطلب من الجيش أن ينتشر.
وهنا تبرر المليشيات وجود السلاح، ويوظف السلاح لتبرير استمرار المليشيات.. حلقة
لا تنكسر.
المفارقة
أن إسرائيل ليست مهددة بل مطمئنة، فالمنظومة الدفاعية الجديدة لا تُبنى لردعها بل
لتكمل هندسة أمنية تجعلها القوة الهجومية الوحيدة، بينما تُحاصَر الجيوش العربية
داخل أقفاص المليشيات والوظائف الأمنية.
حين تتحول
السيادة إلى "وظيفة"
صفقة
"NASAMS" ليست مجرد صفقة بل
عقد عمل جديد تأمين الممرات، وضبط اللاجئين، وتأمين شركاء واشنطن، ومحاربة عدو قد
لا يُذكر اسمه أبدا.
لكن
السؤال يبقى: هل هذا هو الجيش الذي قام ليحمي الأمة؟ أم صار موظفا في شركة أمن
إقليمي تُدار من الخارج؟
وسط هذه
الترتيبات يغيب المشروع الإسلامي؛ لا لأنه عسكري أو إرهابي بل لأنه يهدد منطق
"الوظيفة". يُراد
له أن يُقصى أن يبقى مجرد صوت رمزي لا يقلق ترتيبات الغاز والموانئ ولا أن يكشف
حقيقة المخططات.
حين تُعاد
صياغة العقيدة العسكرية لحماية "صفقة القرن" بدل فلسطين، وحين تُدار
الجغرافيا كشبكة أمن غربي لا كأمة إسلامية، تصبح وظيفة الجيش الوحيدة هي منع عودة
فكرة التحرر.
الخاتمة:
من "جيش الوطن" إلى "جيش الوظيفة"
في لحظة
إعلان خطة ترامب يتضح أن مصر لم تعد مجرد وسيط لغزة، بل صارت جزءا من المؤسسة
الأمنية الكبرى في المنطقة.
من "NASAMS" إلى خطة ترامب يتم
تثبيت الجيش المصري كحارس إقليمي: يضبط الحدود، يطارد المليشيات ويُبقي إسرائيل
مطمئنة. لكن التناقض صارخ: جيشٌ بُني لحماية الوطن يعمل الآن كموظف في شركة أمن، ودولة
رفعت شعار فلسطين لكنها عمليا تبرد قضيتها وتجمّدها.
وهكذا
القصة باختصار؛ من قلب العروبة إلى مركز وظيفة أمنية، ومن حامل لراية التحرر إلى
ضامن لاستقرار يُدار من الخارج.