مدونات

رائحة نكسة 67 تلوح في أفق 2025.. هل نحن أمام نسخة جديدة من الهزيمة؟

"الجيش المصري، الذي كان يوصف يوما بـ"درع الأمة"، أصبح أداة لتأمين النظام السياسي وقمع الداخل، لا لمواجهة التحديات الخارجية"- الرئاسة المصرية
إعلام مضلل و"بطولات" وهمية

تتكرر اليوم في مصر أجواء ما قبل نكسة حزيران/ يونيو 1967، حين امتلأت الشاشات بالانتصارات الزائفة والخطابات الرنانة، بينما كانت الحقيقة مختلفة تماما على الأرض. الإعلام الرسمي الحالي، في عهد عبد الفتاح السيسي، يسير على النهج ذاته: تهويل للقدرات، و"عنترية" بلا سند، في وقت يتآكل فيه دور الجيش، بعدما تحولت عقيدته من حماية الوطن إلى حماية النظام، والانشغال بمشاريع جانبية بعيدة عن الأمن القومي.

من "جمال الهزائم" إلى "سيسي الأزمات"

في ستينيات القرن الماضي، كان جمال عبد الناصر -رغم مشروعه القومي- سببا في هزيمة عسكرية كبرى. أما اليوم، فإن السيسي يعيد إنتاج نسخة أكثر هشاشة من تلك المرحلة؛ من دون أي مشروع قومي حقيقي، بل بمسار يقوم على إضعاف الداخل وفتح المجال لفرض وقائع جديدة في غزة وسيناء، تخدم في النهاية أجندة الاحتلال الإسرائيلي.

عقيدة قتالية مشوهة
السيسي يعيد إنتاج نسخة أكثر هشاشة من تلك المرحلة؛ من دون أي مشروع قومي حقيقي، بل بمسار يقوم على إضعاف الداخل وفتح المجال لفرض وقائع جديدة في غزة وسيناء، تخدم في النهاية أجندة الاحتلال الإسرائيلي

الجيش المصري، الذي كان يوصف يوما بـ"درع الأمة"، أصبح أداة لتأمين النظام السياسي وقمع الداخل، لا لمواجهة التحديات الخارجية. ومثلما زُج بالجنود في معركة غير متكافئة عام 1967، يعيد السيسي اليوم نشر قوات في ظروف يعلم مسبقا أنها مكشوفة أمام التفوق الإسرائيلي المدعوم بلا حدود من الولايات المتحدة.

دعم أمريكي مطلق لإسرائيل

المعادلة الاستراتيجية اليوم أكثر قسوة من الأمس؛ فإسرائيل لم تعد مجرد قوة عسكرية إقليمية، بل هي الذراع الأهم لواشنطن في الشرق الأوسط، وتتلقى دعما سياسيا وعسكريا وتكنولوجيا غير محدود. أي مواجهة غير متكافئة ستعني كارثة محققة، لكن النظام في القاهرة يصر على تسويق صورة "البطل المزعوم" عبر إعلامه المحلي.

غزة.. المبرر الزائف

اللافت أن هذا التصعيد يتزامن مع المجازر التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة. النظام المصري يستخدم هذه المأساة كذريعة لإلهاء الشارع عن أزماته الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، وكمبرر مسبق لأي فشل أو هزيمة محتملة، بحيث يتم تعليقها على "العدو الخارجي".

نكسة جديدة تلوح في الأفق

إذا استمر هذا النهج، فنحن أمام نسخة محدثة من نكسة 67، ولكن بثمن أفدح. ففي حين كانت الهزيمة الأولى عسكرية بالأساس، فإن ما يلوح في الأفق اليوم يحمل أبعادا سياسية واقتصادية واجتماعية، بل ويمس الهوية الوطنية المصرية ذاتها.

سؤال مفتوح

هل يشهد المصريون والعرب نكسة جديدة تُسوق لهم على أنها "معركة وجود"؟ وهل تتحول مأساة غزة إلى غطاء لإطالة عمر نظام مأزوم؟ المشهد مفتوح على احتمالات خطيرة، والتاريخ يعيد نفسه بشكل أكثر مأساوية، ما لم تتغير المعادلة.