صحافة دولية

هل تتحول "خطة ترامب" إلى بوابة جديدة للتطبيع بين الاحتلال ودول عربية؟

الخطة نوضع غزة تحت إشراف دولي - جيتي
رغم مرور أيام على طرح خطة السلام ذات العشرين بندًا بشأن غزة، ما زالت الخطة تثير جدلاً واسعًا بين أطرافها وبينما تعتبرها واشنطن خطوة نحو تهدئة الصراع وإعادة إعمار القطاع، وترى أطراف فلسطينية أنها محاولة لتكريس الهيمنة الإسرائيلية.

وفي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية وصف توماس فريدمان خطة ترامب للسلام في غزة، أنها محاولة طموحة لتحويل مأزق الحرب إلى فرصة لإعادة ترتيب المنطقة: ليس فقط لوضع إطار جديد لحل الأزمة، بل أيضًا لدفع موجة تطبيع إقليمي تشمل السعودية ولبنان وسوريا وربما العراق، وقد تمتد آثارها إلى إيران إذا ما نجحت.

وبحسب التقرير قد فريدمان التحية لمهندسي الخطة، بمن فيهم جاريد كوشنر وستيف ويتكوف وتوني بلير، لكنه يحذر من أن نجاحها يبدو مرهونًا بصعوبة استثنائية، لا سيما وأنها تطرح في ظل "أقسى" لحظة في النزاع.

يبدأ التقرير بالقول إن الأحداث في المنطقة والحرب جعلت من تحقيق السلام أمرا بالغ التعقيد، ويشير فريدمان إلى أن عمليات القتل والاختطاف والردود العسكرية العنيفة عمّقت التصدع بين الطرفين وأضح أن كل محاولة للتقارب تتطلب جمع "شظايا" متباعدة في ظل انعدام ثقة كبير.

وقال كاتب التقرير أن تحديات تطبيق الخطة تبدأ بإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي وقيادة حركة حماس والفاعلين العرب الإقليميين والممانعين على قبول ترتيبات كهذه يتطلب ضغطًا سياسياً هائلًا وجهدًا استثنائياً من الرعاة الدوليين، بالإضافة إلى موارد زمنية وسياسية واقتصادية ضخمة، ويذكر فريدمان أن قبول نتنياهو العلني بالخطة لا يكفي، وأن ما يقوله القادة علنًا لشعوبهم هو الفيصل في المواقف.

كما يسلط التقرير الضوء على ضرورة موافقة حماس، التي ما زال بعض قادتها في دوحة، ليصبح لأي خطة مجال للتنفيذ، ويورد تعليقا نقله عن كاتب في صحيفة عبرية مفاده أن ثمة طرقًا كثيرة يمكن أن تفشل بها أي صفقة، لكنه يقر بأن المحاولة ذاتها تستحق السعي.

ويعرض فريدمان عناصر استراتيجية وراء ضرورة الصفقة منها انتشار الطائرات المسيرة والأسلحة الذكية يغير قواعد الاشتباك الإقليمية، ما يجعل الأطراف غير مستعدة لحرب جديدة طويلة؛ ومن ثم فإن وجود تسوية يمنع التدحرج إلى مواجهة أوسع.

ويربط كاتب التقرير بين الضغوط الدولية المتزايدة بفعل وسائل التواصل الاجتماعي، التي تبث صور المدنيين المتأثرين، وبين الحاجة لإيجاد حل يمنع المزيد من العزلة الدولية لإسرائيل.

على صعيد الحل السياسي، أشار التقرير إلى أن الخطة تهدف إلى بناء "جسر ثقة" عبر وضع غزة تحت إشراف دولي مؤقت يسمح بانتقال تدريجي للحكم، مع انسحاب إسرائيلي ومشاركة للسلطة الفلسطينية في الضفة، وإعادة إعمار بموجب إشراف دولي.

ويذهب فريدمان إلى أن هذه الخطوة قد تهيئ الطريق لإحياء فرصة حل الدولتين، شرط ربط الانسحاب بمكافآت سياسية وشرطية لمنع تكرار العنف.

ويتناول التقرير أيضاً الآثار الإقليمية المحتملة وأبرزها نجاح الخطة قد يسهل توسيع اتفاقيات التطبيع لتشمل دولًا عربية إضافية، وقد يضع ضغوطًا داخل إيران وتبعات على شبكاتها الإقليمية، وفي الوقت نفسه يحذر الكاتب من أن الانتصارات العسكرية التكتيكية لا تعادل إنجازًا استراتيجيًا ما لم تتبعها حلول سياسية ودبلوماسية.

يختم فريدمان بالتذكير بأن التاريخ يعلم أن محاولات السلام تفشل أحيانًا على أعتابها، لكنه يصف هذه المبادرة بأنها تستحق المحاولة، ويشدّد على أن نجاحها أو فشلها سيكون لهما انعكاسات بعيدة على مسار المنطقة، داعيًا في الوقت نفسه إلى تريّث حذر وملحّ على حدٍ سواء في قراءة مآلاتها.