انتقل دونالد ترامب، من مشارك في الحرب العدوانية والإبادية والتجويعية، إلى صاحب مشروع يتضمّن وقفاً للحرب، إلى جانب فرض 20 بنداً أخرى، لتحقيق ما يشبه الحلّ للصراع. بل إلى ما يؤدّي، إلى علاقة عربية وإسلامية مع الكيان الصهيوني، يتشكّل عبرها «الشرق الأوسط الجديد». ولعلّ من علائمه الأساسية، الدخول في خيمة الإبراهيمية. وهي خيمة يعتبرها علماء المسلمين، من سنّة وشيعة، خيمة ضلال، وبُعد من الإسلام، والبعض يعدّها كفراً.
هذا المزيج القهري-الصهيوني، يريد ترامب، فرضه على
غزة، شعباً ومقاومة، وعلى الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وعلى الدول العربية والإسلامية. ولا خلاف بينه وبين مشروع نتنياهو، الإبراهيمي، غير وضع الهمزة مفتوحة، أو مكسورة على ألف إبراهيم الأولى، وقد عاد ترامب، إلى الموافقة على لفظها مفتوحة في اسم أبراهام، بدل إبراهام، تنازلاً لنتنياهو، الذي ادّعى، أنها مفتوحة في العبرية.
يعني، بكلمة، إنّ مشروع ترامب، يضع الألغام تحت ما هو مطلب عالمي، محقّ وعادل، من ناحية وقف الحرب العدوانية-الإبادية-التجويعية، التي يشنّها الجيش الصهيوني بقيادة نتنياهو، على الشعب في قطاع غزة، قتلاً جماعياً، وتجويعاً شبه شامل. وقد راح يخلطه بمجموعة من البنود التي تلبّي مطلب نتنياهو، في غالبها. ولا تناقض لنتنياهو معها، إلاّ في وقف الحرب. بل حتى في التطبيق العملي، في مراحل الانسحاب، ترك لنتنياهو، من الثغرات بعد إطلاق كل الأسرى وتسليم كل الجثث. وذلك ليعود إلى الحرب في أي لحظة، لا سيّما، إذا ما ضمن تجريد
حماس، من السلاح والقضاء على الأنفاق.
إنّ مشروعاً يحمل كل هذا الانحياز للكيان الصهيوني، سيواجِه ألواناً من المقاومات والعثرات، وذلك لصدامه مع موازين القوى.
واللافت للنظر هنا، كيف لترامب، أن يجد مَن يثق في عهوده، وما يمكن أن يُعطي من ضمانات، فيما سيرته في الحكم، في أثناء الأشهر الثمانية الماضية، لم تتّسم إلاّ بالغدر والخديعة والكذب والتراجعات! ولهذا لا يحقّ لأحد أن يثق بوعوده، أو ضماناته، خصوصاً، ما بعد تجريد حماس من السلاح، أو بعد تسليم كل الأسرى الأحياء.
هذه المسألة المتعلّقة بسلاح المقاومة، يجب وضعها في المقدّمة من حيث عدم رهن وقف إطلاق النار، بتجريد حماس من سلاحها.
تسليم السلاح، كما دلّت عشرات التجارب لمقاومات فلسطينية وعربية وعالم ثالثية، لا يقبل به عاقل، أو حذر. وبالمناسبة، إن الولايات المتحدة الأميركية، حتى اليوم، لم تجرّد شعبها من السلاح، ولم تعتبره حكراً للدولة، فيما هو حملاً لسلاح، في ظلّ دولة آمنة من
الاحتلال، ولا ثمّة من يُعرّض شعبها إلى الإبادة، من وحوش تتربّص به.
إن إصرار ترامب، على مشروعه لوقف الحرب، ضمن الشروط التي وضعها، يحمل في طيّاته وتفاصيله، كل أسباب فشله. لأنه مشروع لا يفتقر للعدل فحسب، وإنما أيضاً يفتقر للاعتدال الجزئي ولبعض الحيادية، من قِبَل رئيس دولة يريد أن يقدّم مشروعاً، ليس للقضية الفلسطينية فحسب، بل لكل الدول العربية والإسلامية أيضاً. إنه مشروع انحياز شبه شامل، لنتنياهو وسموترتش وبن غفير، ونقطة على السطر.
بكلمة: إنّ مشروعاً يحمل كل هذا الانحياز للكيان الصهيوني، سيواجِه ألواناً من المقاومات والعثرات، وذلك لصدامه مع موازين القوى. وأوّلها ما يعانيه كل من ترامب ونتنياهو، من عزلة دولية، بسبب ما ارتكبا من جرائم إبادة وتجويع، وانتهاكات للقانون الدولي، والقِيَم الإنسانية في غزة. ناهيك عما ارتكباه من حروب عدوان على لبنان وإيران واليمن.
الأخبار اللبنانية