قتل شخصان برصاص قوات الأمن
المغربية ليل الأربعاء بزعم محاولتهم اقتحام ثكنة للدرك جنوبي المملكة خلال
احتجاجات وأعمال شغب غير مسبوقة أعقبت دعوات للتظاهر أطلقتها حركة "جيل زد 212" الشبابية، رغم أنّ جلّ هذه
التظاهرات جرى بهدوء.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية عن مصدر في السلطات المحلية لمحافظة انزكان إنّ عناصر الدرك الملكي في بلدة القليعة "اضطرت إلى استعمال السلاح الوظيفي، في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، لصدّ عملية هجوم واقتحام لمركز الدرك الملكي، في محاولة للاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة (...) حيث لقي شخصان مصرعهما متأثرين بإصابتهما بأعيرة نارية".
وأشار إلى إصابة أشخاص آخرين بجروح، من دون أن يحدّد عددهم.
وعن توالي الأحداث في البلدة الواقعة في جنوب البلاد، أوضح المصدر أنّ مجموعات من الأشخاص رشقوا مركز الدرك الملكي بالحجارة وحاولوا اقتحامه، ليتمّ صدّهم "باستعمال قنابل مسيّلة للدموع".
وأضاف أنّ هؤلاء "عاودوا، بعد تعزيز صفوفهم بمجموعات كبيرة من مثيري الشغب، الهجوم على مركز الدرك الملكي، مدجّجين بأسلحة بيضاء"، و"استولوا على سيارة و4 دراجات نارية تابعة لمصالح الدرك الملكي، وتم إضرام النار في السيارة وفي جزء من بناية المركز، مع الشروع في محاولة الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية".
من جانبها، أعلنت محافظة إنزكان أيت ملول بمدينة القليعة وسط المغرب مقتل شابين برصاص الدرك الملكي.
وقالت المحافظة في بيان الخميس، إن "عناصر الدرك الملكي بالقليعة اضطرت مساء الأربعاء، إلى استعمال السلاح الوظيفي في إطار الدفاع الشرعي عن النفس".
وهذا أخطر حادث تشهده المملكة في احتجاجات نظمّتها "جيل زد 212"، الحركة الشبابية التي تطالب بإصلاحات في قطاعي الصحة والتعليم.
وتجمّع مئات المتظاهرين، غالبيتهم من الشباب، في كل من الدار البيضاء وفاس وطنجة وتطوان ووجدة وأطلقوا شعارات تدعو إلى تحقيق "العدالة الاجتماعية" و"إسقاط الفساد"، فيما دعا آخرون إلى "رحيل" رئيس الوزراء عزيز أخنوش، وفق فيديوهات مباشرة بثّتها وسائل إعلام محلية.
وأعلنت وزارة الداخلية المغربية، الأربعاء، في بيان، إصابة 263 عنصر أمن بجروح متفاوتة الخطورة، و23 محتجا، وإضرام النار وإلحاق أضرار جسيمة بـ 142 عربة أمن و20 سيارة خاصة، وتوقيف 409 أشخاص.
تفاعل حكومي
وفي بيان صادر الأربعاء، قال حزب "التجمع الوطني للأحرار"، قائد الائتلاف الحكومي، إنه يتفاعل مع مطالب التعبيرات الشبابية التي تشهدها البلاد، وأكد استعداده للانخراط في كل مبادرات النقاش والحوار.
وأضاف الحزب في بيان، أنه يشيد بالمقاربة المتوازنة للسلطات الأمنية، ودورها في حفظ الأمن العام، وحماية المواطنين وممتلكاتهم.
واستنكر "محاولة أطراف سياسية السطو على طموحات التعبيرات الشبابية"، معبرا عن رفضه "مساهمة هذه الأطراف في تحريض الشباب".
وقالت وزيرة الإسكان وسياسة المدينة المغربية، فاطمة الزهراء المنصوري، إن "مطالب حراك الجيل الجديد الذي انطلقت بمنصات التواصل الاجتماعي ثم الشارع مشروعة".
واعتبرت المنصوري الأربعاء، أن "مطالب الشباب بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد تعبر عن الواقع المر للمغاربة".
ودعت المنصوري، وهي المنسقة الوطنية للأمانة العامة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة (المشارك في الائتلاف الحكومي)، في لقاء حزبي، إلى "ضرورة الإنصات لهؤلاء الشباب"، بحسب ما ورد في مقطع مصور أرسل لوسائل الإعلام.
وأقرت المنصوري بوجود مشاكل بعدد من القطاعات مثل الصحة، مضيفة أن: "المغاربة يعانون في قطاع الصحة، لكن لا أعتقد أن الحكومة هي السبب المباشر، فالمشاكل قديمة ومتجذرة منذ السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات".
وتساءلت: "هل يمكن توفير هذا العدد من الأطباء بين عشية وضحاها؟ قطعاً لا، ولا يمكن أن نكذب على المغاربة ونقول: سنحل أزمة الصحة غدا، ولم أكذب يوما على المغاربة ولن أفعل، وإذا كان لابد أن أغادر الحكومة فسأفعل، لكن دون أن أخدع الناس".
بنكيران يدعو لوقف التظاهر
من جانبه، دعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المغربي عبد الإله بنكيران، الشباب المنخرط في احتجاجات جيل "زد" إلى "وقف المظاهرات".
وحذر من أن استمرارها بعد تسجيل أعمال عنف وإتلاف للممتلكات "قد يهدد أمن الوطن واستقراره".
وأوضح بن كيران في كلمة مصورة بثها على منصات التواصل الاجتماعي، الأربعاء، أن حزبه "يقر بحقهم في التعبير السلمي، غير أن تطور الأحداث نحو رشق بالحجارة، واستهداف لعناصر الأمن، وإحراق سيارات واعتداء على ممتلكات خاصة وعامة، يُخرج الحراك من إطار المطالب الاجتماعية إلى دائرة الانفلات الأمني "الذي لا تُحمد عقباه".
وأضاف أن "استمرار العنف سيفقد الاحتجاجات مشروعيتها، بل قد يرتد سلبا على المطالب التي رفعتها، خصوصا قضايا التعليم والصحة ومحاربة الفساد."
وبحسب بنكيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق، فإن "المنطق السياسي يقتضي التوقف الآن، حتى لا تتحول الحركة من مبادرة إصلاحية إلى سبب في إفساد الأوضاع"، مبرزا أن المصلحة الوطنية "تظل فوق كل اعتبار".
الأمين العام للعدالة والتنمية أكد في ندائه على أن المغرب يعيش "نعمة الأمن والاستقرار"، محذرا من أن أي مساس بهذه النعمة ستكون له عواقب وخيمة على البلاد والعباد.
ومجموعة "جيل زد 212" التي ظهرت مؤخرا على موقع "ديسكورد" تصف نفسها بأنها "فضاء للنقاش" حول "قضايا تهمّ كلّ المواطنين مثل الصحة، التعليم ومحاربة الفساد"، مؤكدة رفض "العنف" و"حب الوطن والملك".
واسم هذه الحركة يجمع بين "جيل زد" أي الفئة العمرية التي ينتمي إليها أفرادها وهم مواليد نهاية العقد الأخير من القرن الماضي وبداية العقد الأول من القرن الحالي، وبين الرقم 212 وهو مفتاح الاتصال الهاتفي الدولي بالمملكة.