كتاب عربي 21

مشروع ترامب إلى فشل

"مراعاة ترامب لنتنياهو ستدمّر أحلامه، لا في جائزة نوبل للسلام، بل وكل مشروعه العالمي والأمريكي"- جيتي
ليس من الممكن الموافقة على مشروع ترامب لوقف الحرب، ولا سيما بعد كلمة نتنياهو التي ألقاها في المؤتمر الصحفي، بالمشاركة مع ترامب. وقد تضمنت رؤيته لتفسير المشروع، ووصل إلى حدّ القول إنه مشروعه الأصلي، الذي شنّ الحرب لتحقيقه.

صحيح أن تفسير نتنياهو تجاوز، بهذا القدر أو ذاك، نصوص المشروع، ولكن سكوت ترامب ليس بلا مغزى، بعد سماعه لخطاب نتنياهو، وما عبّر عنه من إعجاب.

فمن يدقق في مشروع ترامب لا يجد فيه إيجابية واحدة بالنسبة إلى غزة ومقاومتها، أو إلى الشعب الفلسطيني، عدا وقف الحرب، وبالتحديد وقف حربيّ الإبادة والتجويع.

من يدقق في مشروع ترامب لا يجد فيه إيجابية واحدة بالنسبة إلى غزة ومقاومتها، أو إلى الشعب الفلسطيني، عدا وقف الحرب، وبالتحديد وقف حربيّ الإبادة والتجويع

طبعا، هذا الاستثناء ليس بالشيء البسيط أو الثانوي، وإنما هو بمثابة "الإشكال رقم 1" في هذه الحرب؛ لأن ما وصله القتل الجماعي للناس بعامة (حرب الإبادة)، وما وصله تدمير العمار وما تبقى من بيوت سكن، فاق في وحشيته وإثخانه بلحوم البشر وعظامهم، وتمزيقهم قطعا قطعا في الشوارع، أي حدّ عرفته الحروب من قبل.

فحرب غزة عمليا، ثلاث حروب: الحرب البريّة، وهي الحرب التي تدخل ضمن قانون الحروب، تمثلت بين الجيش الصهيوني والمقاومة، ثم حرب الإبادة التي وُجّهت للأهالي، مسنين ونساء ورجالا وأطفالا. أما الحرب الثالثة، فكانت حرب التجويع المحرّمة دوليا، كحرب الإبادة سواء بسواء، وذلك بمقاييس القانون الدولي، والقوانين المعترف بها في الحروب.

ولذلك يجب أن ترتبط الموافقة على وقف الحرب، بالإصرار على الانسحاب الكامل للاحتلال فورا من قطاع غزة، كما رفع الموانع فورا عن إيصال المساعدات، والأدوية الطبية، وحليب الأطفال الجوعى.

أما ما عدا ذلك، فإن مشروع ترامب، مقرونا بخطاب نتنياهو، يشكل بالنسبة إلى الأبعاد الثلاثة: وقف الحرب، والانسحاب الكامل، وإدخال المساعدات، كل ما يستحق الرفض جملة وتفصيلا، خصوصا وضع نظام لمستقبل غزة، من دون استشارة شعبها أو استفتائه حول ما يُراد أن يحكمهم. وإن في هذا الموقف الاستبدادي لظلم كبير، يهبط على الشعب من علٍ، كأن السيد ترامب يتعامل مع مستأجرين عنده، أو كأن نتنياهو يتعامل مع فئات تابعة في نظام أبارتايد.

يبقى التحدّي الأكبر، الذي يُواجه حماس والشعب في غزة، بل يُواجه كل الشعب الفلسطيني، وهو تهديد ترامب لحماس بأنها إذا لم "تبصم" على المشروع، خاضعة خانعة، فسيترك الأمر للجيش الإسرائيلي، مدعوما مباشرة، ودعما كاملا من قِبَل ترامب والجيش الأمريكي، لفرض المشروع فرضا، وبالقوّة العسكرية.

ما الجديد الذي سيضيفه ترامب إذا فشل مشروعه التابع لنتنياهو، في إخضاع المقاومة والشعب، وخداع كل من يلتقيهم، من عرب ومسلمين؟

ولكن ما يجري الآن، ولمدّة سنتين، هي الحرب؛ يشنّها الجيش الصهيوني، وبقيادة نتنياهو وبدعم أمريكي، امتدّ من بايدن إلى ترامب. والنتيجة كانت الهزيمة السياسية، أمريكيا، وأوروبيا، ودوليا، ورأيا عاما عالميا، وفشلا عسكريا على مستوى عدم تحقيقه للأهداف العسكرية.

ومن ثم، ما الجديد الذي سيضيفه ترامب إذا فشل مشروعه التابع لنتنياهو، في إخضاع المقاومة والشعب، وخداع كل من يلتقيهم، من عرب ومسلمين؟ يبدو أن مراعاة ترامب لنتنياهو ستدمّر أحلامه، لا في جائزة نوبل للسلام، بل وكل مشروعه العالمي والأمريكي.

وبكلمة، لا بدّ من اتخاذ موقف إيجابي من وقف الحرب. أما مناقشة البنود الأخرى فمسألة ضرورية، وإلّا فشل وقف الحرب، أو وقعت كارثة على القضية الفلسطينية، وعلى العرب والمسلمين، وأحرار العالم، وعلى الرأي العام العالمي، في مصلحة نتنياهو.

وأخيرا وبالمناسبة، بأي حق يقرّر ترامب في مشروعه تجريد حماس من سلاحها، وتركها وشعب غزة بلا حماية إزاء نتنياهو وسموتريش وبن غفير؛ الذين يتوعدونهم بالقتل الجماعي؟ ثم مَنْ مِنَ العرب يستطيع تحمل مسؤولية ما هو مؤكد من مذابح وإبادة إذا جردّت حماس من السلاح؟