قال نائب رئيس مجلس النواب
اللبناني السابق،
إيلي الفرزلي، إن "
إسرائيل تعمل بخبث على زرع بذور
الفوضى في الداخل اللبناني، مستغلة الانقسامات القائمة حول سلاح
حزب الله"، موضحا
أن "هذه المناورات تهدف إلى تفجير مواجهة بين الجيش والمقاومة، وإدخال لبنان في
حلقة مرعبة من الفوضى والصراع الداخلي تهدد وحدة الدولة واستقرارها".
وأضاف الفرزلي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الحكومة
اللبنانية، مهما بدت ضغوطها قوية، ستجد نفسها مضطرة في النهاية إلى التراجع عن مخطط
نزع سلاح حزب الله أمام استمرار الغي الإسرائيلي، حفاظا على الاستقرار الداخلي ووحدة
اللبنانيين"، مشدّدا على أن "أي محاولة لنزع سلاح
حزب الله دون خطوات ملموسة من إسرائيل ستواجه واقعا اجتماعيا وسياسيا وعسكريا يقف في
وجهها، وستكون تداعياتها خطيرة للغاية على الجميع".
وأشار إلى أن "الهدف من فتح ملف السلاح ليس مجرد نزعه، بل إضعاف سلطة
الدولة وإدخال الجيش في مواجهة مع شعبه"، مؤكدا أن "إسرائيل تسعى لإحداث
فتنة وهوة بين المقاومة والجيش لفرض سيطرة على جنوب الليطاني وربط المناطق الحدودية
بسوريا ضمن مشروع تقسيمي واسع".
وشدّد نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق، على أن "الخطر الداهم
يكمن في النوايا الإسرائيلية لتقسيم المنطقة وزعزعة استقرارها بشكل منهجي".
وأوضح الفرزلي أنه مع "مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، لكن وفق قاعدة
(الخطوة مقابل خطوة) التي أعلنها المبعوث الأمريكي توماس باراك. غير أننا لا نعتقد
أن إسرائيل ستلتزم بذلك، ولا نرتاح إطلاقا للنوايا الإسرائيلية المبيتة تجاه لبنان
وسوريا؛ فالمخطط المعلن يقوم على التقسيم والهيمنة، خاصة في ظل تصريحات نتنياهو الأخيرة
حول ما يسميه (إسرائيل الكبرى)".
وتاليا نص المقابلة
الخاصة مع "عربي21":
كيف ترى المشهد العام في
لبنان اليوم في ظل الانقسام الحالي بخصوص أزمة نزع سلاح حزب الله؟
المشهد العام في لبنان اليوم تحكمه
أفكار ضمنية عميقة تتعلق بمحاولة تقسيم هذا البلد، وهو تقسيم لم يعد مجرد افتراض
أو تحليل بل أصبح جزءا من الخطاب السياسي الإسرائيلي. فقد عبّر نتنياهو بوضوح حين
قال: "إنه يريد إسرائيل الكبرى"، وهذه الفكرة ليست إلا إعادة إنتاج
للمشروع الصهيوني القديم الذي يسعى إلى إعادة رسم حدود المنطقة على أسس مذهبية
وطائفية. "إسرائيل الكبرى" لا يمكن أن تقوم إلا عبر إقامة كيانات صغيرة
وضعيفة تُحيط بها، وهذه الدويلات لا تُبنى إلا على الانقسامات الداخلية، وهو ما
يفسر السعي المستمر لإبقاء لبنان في حالة انقسام وصراع.
هذا الطرح ليس جديدا، بل هو ما جاء في
مذكرات كبار القادة الصهاينة منذ عهد بن غوريون وحتى اليوم، حيث ظلّت الفكرة
المركزية أن أمن إسرائيل يتحقق فقط إذا تمزقت الدول المحيطة بها. ومن هنا تُبرر
إسرائيل وحلفاؤها استمرار الحديث عن "حزب الله وسلاحه" أو
"الانسحاب الإسرائيلي" وكأنها ذرائع لإدامة الصراع. لكن المقاومة في
لبنان أعلنت بوضوح موقفها: "فليقف العدوان أولا، ولنذهب بعدها إلى احتكار
الدولة للسلاح". أي أن الشرط الطبيعي والمنطقي هو انسحاب الجيش الإسرائيلي
قبل أي حديث عن سلاح المقاومة.
ولكي لا تبقى حجة بيد إسرائيل ومن
يتبنى منطقها، جاء الطرح باتجاه رئيس الجمهورية بقولهم: "الخطوة تبدأ من
هناك"، وهذا بحد ذاته يكشف أن القضية ليست مرتبطة بسلاح بقدر ما هي مرتبطة
برغبة إسرائيل في التهرب من التزاماتها الدولية.
في الواقع، إسرائيل تعمل بخبث على زرع بذور الفوضى في الداخل اللبناني،
مستغلة الانقسامات القائمة حول سلاح حزب الله، وهذه المناورات تهدف إلى تفجير مواجهة
بين الجيش والمقاومة، وإدخال لبنان في حلقة مرعبة من الفوضى والصراع الداخلي تهدد وحدة
الدولة واستقرارها.
ما الهدف الحقيقي من وراء
هذا المسار برأيكم؟
الهدف الأساسي هو إفقاد الدولة
اللبنانية سلطتها، وإظهارها كدولة عاجزة عن حماية نفسها وعن ممارسة سيادتها
الكاملة، ومن خلال ذلك يتم خلق فتنة وهوة بين المقاومة والجيش اللبناني، وإثارة
الشكوك بين اللبنانيين أنفسهم، بحيث يصبح الجيش في موقع المواجهة مع جزء من شعبه
بدل أن يظل متفرغا للدفاع عن الوطن. هذه الفوضى تخدم هدفا استراتيجيا لإسرائيل
يتمثل في السيطرة على جنوب الليطاني وربط بعض المناطق الشرقية في الجنوب بخط يمتد
باتجاه الجبهة الشرقية والسويداء في سوريا، حيث تم ترتيب ترتيبات أمنية سرية في
بعض المناطق.
إن المؤامرة الحقيقية التي يجب
الانتباه إليها هي محاولة تقسيم لبنان من الداخل، وليس مجرد نزع سلاح أو تنفيذ
انسحاب؛ فهذه مسائل كان قد اتُخذ القرار بشأنها على المستوى الدولي والوطني، لكن
الأخطر هو ما قد يترتب على تهرّب إسرائيل من تنفيذ هذه الالتزامات، حيث تصبح
النتيجة إعادة إشعال الساحة اللبنانية في إطار مشروع تقسيمي واسع خطير للغاية.
لكن الحكومة تمضي قدما في إجراءات
نزع سلاح حزب الله بالرغم من استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات على السيادة
اللبنانية.. ما تعقيبكم؟
من الناحية الواقعية، لا تستطيع
الحكومة اللبنانية بأي شكل من الأشكال، ولا يستطيع الجيش اللبناني عمليا، الذهاب
بعيدا في تطبيق خطة نزع سلاح حزب الله في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات.
المقاومة أعلنت منذ البداية أنها لن توجّه السلاح إلى الجيش اللبناني، ولن تدخل في
مواجهة عسكرية معه، لأن هذه معركة عبثية تخدم إسرائيل أولا وأخيرا. لكن في
المقابل، قد تكون هناك ضغوط أو أساليب أخرى تستهدف دفع الجيش إلى الدخول في صراع
مع أبناء وطنه من خلال سيناريوهات غير مباشرة.
من المعروف أن الجيش اللبناني يعكس في
تركيبته تركيبة المجتمع اللبناني المتنوعة والمعقدة، وبالتالي فإن أي خطوة من هذا
النوع ستترك آثارا سلبية جدا على الجيش، وعلى صورته، وعلى قدرته التنفيذية. قائد
الجيش الحالي شخصية وطنية محترمة، ويتمتع الجيش بعقيدة قتالية وطنية طالما تمسكت
بشعار حماية الأرض والدفاع عن السيادة، ومن الصعب أن يقبل بالانجرار نحو هدف يخدم
العدو أكثر مما يخدم لبنان.
وإجمالا نقول إن أي محاولة لنزع سلاح حزب الله دون خطوات ملموسة من إسرائيل
ستواجه واقعا اجتماعيا وسياسيا وعسكريا يقف في وجهها، وستكون تداعياتها خطيرة للغاية
على الجميع.
ما طبيعة "الأساليب
الأخرى" التي تشيرون إليها؟
على سبيل المثال، المقاومة قد تقرر
ألّا تواجه الجيش بالسلاح، لكنها تستطيع أن تلجأ إلى المجتمع نفسه ليكون حائط الصد.
تخيّل أن آلاف النساء والأطفال من أبناء المقاومة نزلوا إلى الشوارع واعترضوا طريق
الدبابات أو القوات المتقدمة، فكيف سيتصرف الجيش اللبناني حينها؟، هل يطلق النار
على الشعب؟، هل يقتل النساء والأطفال في مشهد سيؤدي إلى أزمة وطنية وأخلاقية غير
مسبوقة؟، هذا السيناريو يوضح أن أي محاولة لفرض الصراع بالقوة ستؤدي عمليا إلى
إضعاف الجيش وإحراجه أمام شعبه، بدل أن تحقق أي هدف سياسي أو عسكري.
ماذا عن الخطة التي سيقدمها
الجيش للحكومة من أجل حصر السلاح بيد الدولة؟
في هذا الملف، يمكن القول إن الأمر قد
حُسم من حيث المبدأ؛ فالجيش اللبناني سيقدم خطته التي لا اعلم تفاصيلها حتى الآن؛
فهي خطة عسكرية، وهذه الخطة سيكون عليها إجماع وطني في حال جرى تنفيذ ما تم
الاتفاق عليه مع المبعوث الأمريكي توماس باراك. المهم هنا أن الجيش يحاول أن يوازن
بين كونه مؤسسة وطنية جامعة وبين الضغوط السياسية التي تُفرض عليه أدوارا أكبر من
قدراته.
بحسب ما هو معلن، فإن الجيش سيقدّم
خطته مطلع الشهر المقبل، ولكن لا تتوافر معلومات دقيقة عن طبيعة هذه الخطة أو
تفاصيلها العسكرية. المؤكد أنها ستُصاغ بلغة تعكس التزام الجيش بواجبه الوطني،
لكنها في الوقت نفسه ستأخذ بعين الاعتبار الانقسام السياسي القائم، وهو ما قد
يجعلها خطة إطارية أكثر من كونها خطة تنفيذية مباشرة.
وهل تعتقد أن إقرار هذه
الخطة سيكون عن طريق إجماع وطني؟
نعم، يمكن أن يكون هناك إجماع وطني
حول هذه الخطة إذا تبنى اللبنانيون ما تم التوافق عليه مع توماس باراك بخصوص مبدأ
"الخطوة بخطوة"، كما أشرت آنفا. هذه القاعدة هي الأساس في كل شيء:
انسحاب إسرائيلي يقابله ذوبان تدريجي في الدولة واحتكارها للسلاح. هذا ما أعلنه
رئيس البرلمان نبيه بري والمقاومة بوضوح، حيث أكدوا أن تسليم السلاح لا يمكن أن
يتم وإسرائيل ما زالت في حالة عدوان يومي، لا يُعرف متى ينقض على أبناء هذه
الطائفة أو تلك، سواء في الشرق أو الشمال أو الوسط.
ما فرص نجاح سيناريو
"خطوة بخطوة" على أرض الواقع؟
الفرص ربما تكون موجودة ومتاحة،
والسبب أن باراك نفسه صرّح بشكل واضح لا لبس فيه: "لقد قدمتم خطوة، والآن
مسؤولية إسرائيل أن تقدم". هذا التصريح العلني بالفم الملآن يؤكد أن إسرائيل
لم يعد بإمكانها التنصل من التزاماتها، ويكشف أن القاعدة التفاوضية المعتمدة هي
التدرج المتبادل، لا الفرض الأحادي.
ما موقف المؤسسة العسكرية
في لبنان من الورقة الأمريكية؟
المؤسسة العسكرية في لبنان ليست صاحبة
قرار في هذا الموضوع، بل القرار يعود إلى الطبقة السياسية ومجلس الوزراء والقادة
السياسيين. الجيش اللبناني ينفذ ما يُقرره السياسيون، ويعطي رأيه فقط في الجوانب
التقنية المتعلقة بالتنفيذ وإمكانية التطبيق وصيغته العملية. أما بالنسبة للخطة
الأمريكية فقد تم اتخاذ القرار الحكومي بشأنها، بل جرى الاتفاق عليها خلال زيارة
باراك الأخيرة، حين أعلن رئيس الجمهورية بوضوح، بصفته المتحدث باسم لبنان:
"خطوة مقابل خطوة"، أي تنفيذ لبناني يقابله التزام إسرائيلي.
ما هي الخطوة المرتقبة من
الجانب الإسرائيلي؟
لا أدري. نحن لا نرتاح أبدا للنوايا
الإسرائيلية المبيتة لا تجاه لبنان ولا تجاه سوريا. المخطط المعلن هو التقسيم،
ونتنياهو نفسه صرّح تصريحا شهيرا عن "إسرائيل الكبرى" التي تشمل لبنان
وسوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن. هذا التصريح أثار ردود فعل عربية مباشرة،
حيث أدان بعض وزراء الخارجية العرب هذه التوجهات واعتبروها رفضا علنيا لمشروع
الهيمنة الإسرائيلي.
هل سيتم نزع سلاح حزب الله
قبل نهاية العام الجاري كما تخطط الحكومة؟
لا، لا يوجد شيء اسمه مدة زمنية
محددة. المبدأ المعتمد هو "خطوة مقابل خطوة"، وهذا قد يؤدي إلى احتكار الدولة
للسلاح في مرحلة لاحقة. كلمة "نزع" غير موجودة أصلا في أدبيات النقاش،
بل يجري الحديث عن "احتكار" الدولة للسلاح بعد تنفيذ إسرائيل التزاماتها.
في حال لم تنفذ إسرائيل ما
تم الاتفاق عليه، هل تعتقد أن الحكومة ستمضي قدما في نزع سلاح حزب الله أم ستتراجع
الحكومة اللبنانية؟
بالطبع ستتراجع، وإذا لم تتراجع فلن
يُنفذ أي شيء على أرض الواقع. الأمر هنا مرتبط مباشرة بسلوك إسرائيل.
هل نحن على أعتاب تشظي
لبناني؟
حتى الآن الشعب اللبناني يقف وقفة لا
بأس بها دفاعا عن مبدأ وحدة البلد. صحيح أن المعركة كبيرة جدا، لكن هناك قناعة
راسخة لدى الناس المؤمنين بوحدة الوطن أنهم سيدافعون عنها حتى الرمق الأخير ومهما
كانت التضحيات.
أثيرت معلومات حول وجود
خلافات داخل الثنائي الشيعي.. ما صحة ذلك؟
لا توجد أي خلافات على الإطلاق داخل
الثنائي الشيعي. هذا كلام يُطرح في الإعلام لكنه لا يعكس الواقع.
برأيكم، كيف يمكن إنهاء
الأزمة المتفاقمة على أرض الواقع بشكل يرضي الطرفين؟
الأمر كله بيد إسرائيل والكرة في
ملعبها، كما قال باراك، إذا التزمت إسرائيل بمبدأ "خطوة مقابل خطوة"
يمكن أن تُحلّ الأزمة. أما إذا تهربت أو ناورت فستبقى الأزمة مفتوحة.
هل هناك تحركات جارية الآن
من أجل محاولة احتواء هذه الأزمة؟
نعم، هناك تحركات جدية على مستوى
المجموعة الدولية، وهناك دور للولايات المتحدة عبر المبعوث الأمريكي، وكل ذلك يجري
بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية التي تحاول لعب دور توازني.
البعض يرى أن حزب الله يمر
اليوم بحالة ضعف كبير وهناك مَن يحاول استغلال هذا الضعف.. ما مدى صحة ذلك؟
لا أستطيع أن أفهم جيدا كلمة
"ضعف"، أي ضعف؟، رغم الضربات التي تلقاها حزب الله في المعارك الأخيرة،
فإنها وقعت على حدود لبنان، واستمرت شهرين كاملين، وشملت آلاف الطلعات الجوية
وآلاف عمليات القصف، وسقطت أطنان من القنابل على مناطق ضيقة جدا. ومع ذلك، لم
تستطع إسرائيل أن تتقدم كيلومترا واحدا واحدا في الأرض اللبنانية. حجم الضحايا كان
كبيرا، لكن المقاومة أثبتت أنها صلبة جدا، وأن إسرائيل رغم قوتها التدميرية لا
تستطيع فرض احتلال ثابت.
المطلوب اليوم هو استقرار الوضع، وأن
تسيطر الدولة على كامل التراب الوطني، وتحتكر السلاح في إطار الجيش. لدينا مرجعية
دولية وهي القرار 1701، برعاية دولية ومحلية، وإسرائيل لا تستطيع أن تدير ظهرها
لهذا القرار، وإلا فلن يقبل الشعب اللبناني مطلقا بالوضع القائم.
ما مدى تأثير حزب الله
وأبناء الطائفة الشيعية في المشهد اللبناني اليوم؟
دورهم واضح على مستوى الدولة؛ فهم
يعملون تحت سقف الدستور، ولديهم مواقع نيابية ووزارية ويُمثلون رئاسة مجلس النواب،
إضافة إلى الدور الذي يلعبه الرئيس بري في المفاوضات. هذا كله يترجم حضورهم السياسي
والدستوري، فضلا عن الدور المقاوم على الأرض.
إلى أي حد يواجه لبنان
اليوم أخطر مرحلة في تاريخه المعاصر؟
الخطر كان دائما قائما في ظل الاحتلال
الإسرائيلي. نذكر عام 1983 حين احتلت إسرائيل بيروت، وكان الشعب أعزل، وكانت
الأوضاع كارثية. الفارق أن سوريا في ذلك الوقت كانت معنية بالمواجهة المباشرة مع
إسرائيل، وكان هناك عمق استراتيجي للمقاومة.
أما اليوم، فالوضع مختلف: حزب الله
أقوى وأكثر ثقة، والمقاومة مطمئنة لقدرتها على صد أي محاولة إسرائيلية للاحتلال.
صحيح أن إسرائيل تستطيع أن تدمر بطائراتها وأن تُحدث خرابا شبيها بما تفعله في
غزة، لكن لا قدرة لها على الاحتلال والاستقرار؛ فغزة لا تتجاوز مساحتها 360
كيلومترا مربعا، ورغم ذلك لم تستطع إسرائيل البقاء فيها.
من هنا، أستطيع القول إن الحلول
ممكنة، والأزمات قابلة للمعالجة، لكن الخطر الحقيقي يكمن في النوايا الإسرائيلية
المبيتة لتقسيم الدول العربية وتمزيقها. مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس
مشروع احتلال جغرافي بقدر ما هو مشروع تفكيك وتمزيق. إسرائيل أضعف من أن تحتل،
لكنها قادرة على التدمير. أما نحن، فنريد لبنان المستقر، الدولة القادرة، السيادة
الكاملة، واحتكار السلاح عبر الجيش، وعندما يكتمل الانسحاب الإسرائيلي، تسقط الحجج
التي بررت وجود سلاح المقاومة، وهذا هو الحل الطبيعي والمعترف به حتى من باراك
نفسه.
أخيرا، هل الأمور تتجه نحو
التعقيد أم نحو الحلحلة؟
الأمور في تقديري تتجه نحو الحلحلة
إذا التزمت إسرائيل بمنطق الأمور الطبيعية، أما إذا رفضت واستمرت في العدوان ورفض
الخضوع لهذا المنطق، فستبقى الأزمة مفتوحة.