قال المتحدث الإعلامي باسم حركة
الجهاد الإسلامي، محمد الحاج موسى، إن "الفصائل الفلسطينية تدرس مقترح ترامب، وستعلن موقفها الرسمي والنهائي منه قريبا فور انتهاء المشاورات"، مؤكدا أن "الفصائل تدرسه بشكل مُعمّق وضمن مشاورات واسعة مع جميع الأطراف المعنية".
وأضاف، في حديث خاص مع "عربي21": "لقد تعامَلنا بإيجابية ومسؤولية عالية مع جميع المقترحات السابقة، ومَن حال دون التوصل لاتفاق هو الاحتلال وراعيه (أمريكا) الذي يتبجح الآن بإنذار الشعب الفلسطيني ومحاولة إجبارنا على الموافقة دون إبداء أي تحفظ على ورقة أمريكية إسرائيلية"، مُشدّدا على أن "الثوابت الوطنية، وعلى رأسها حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، خط أحمر لا يملك أحد حق المساس بها".
وأكد الحاج موسى أن "ما قُدّم يُمثل صفقة من جانب واحد؛ فالمسودة التي تم عرضها هي ورقة أمريكية - إسرائيلية تحتاج إلى دراسة مُعمّقة في كثير من جوانبها، حيث تحتوي على قضايا مُلغّمة ومُعقّدة جدا، وحتما سيكون للمقاومة موقف واضح من هذه الورقة، لأنها تحتوي على نقاط خطيرة بالفعل، خاصة أن هذه الورقة لم تُكتب بأيادي فلسطينية، ولم تُناقش أصلا عبر الوسطاء مع الفلسطينيين".
وتابع: "المشكلة الأساسية أن هذه الورقة تراعي بالكامل ما يريده الاحتلال الإسرائيلي؛ فنتنياهو أدخل جميع التعديلات التي يرغب بها خلال اجتماعه مع جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، ومن ثم جرى تقديم هذه الورقة، التي تحقق كل أهداف الاحتلال دون أي اعتبار للشعب الفلسطيني أو للقضية الفلسطينية، ولمستقبل قطاع
غزة، ولا مستقبل الضفة الغربية، ولا مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني بأكمله".
توضيح وتعديل بنود خطة ترامب
وأردف: "النقطة الوحيدة الواضحة في الورقة والتي ورد فيها تفصيل هي المتعلقة بالأسرى الصهاينة في قطاع غزة، أما باقي النقاط الأخرى فمعظمها يحتاج إلى توضيح أو تعديل، وقد تحدث رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عن هذه المسألة، وهذا حق للمقاومة الفلسطينية بأن تضع التعديلات، لأنه حق أصيل للشعب الفلسطيني".
وحذّر الحاج موسى من أن "خطة ترامب تضمنت نقاط خطيرة جدا، مثل فرض الوصاية، وعودة إلى العصر الاستعماري، حيث يكون حكم قطاع غزة أمنيا من الإسرائيليين، واقتصاديا وعقاريا من ترامب، وسياسيا من توني بلير. إذن، ماذا بقي للشعب الفلسطيني؟، وماذا بقي من حلم الدولة الفلسطينية الذي تشدق به البعض في الفترة الأخيرة؟، الآن الاحتلال ينسف كل هذا المشروع من أساسه".
وأكمل: "بحسب معلوماتنا، الخطة التي ناقشها ترامب مع قادة الدول العربية والإسلامية مختلفة تماما عن الخطة التي جرى إعلانها عقب اجتماع ترامب مع نتنياهو؛ فقد تم إدخال تعديلات جوهرية على الخطة الأولى، وهذه التعديلات قلبت المعادلة برمتها وانتجت خطة مختلفة تماما".
وواصل المتحدث باسم حركة الجهاد الإسلامي، حديثه بالقول: "هذه الخطة لا تستهدف فصيلا بعينه، بل تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني بأسره، وهذا يفرض على الجميع تحمل المسؤولية، ويستلزم وجود موقف فلسطيني جامع يعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني وأهدافه، وفي الوقت نفسه ينهي معاناة شعبنا".
وأردف: "لا بد من التأكيد أن المشكلة الأساسية في الاحتلال واضحة؛ فعندما يتحدث ترامب عما يسميه (مجلس السلام) في قطاع غزة؛ فهو يوحي بأن ذلك سيؤدي إلى استقرار المنطقة، لكن على أي أساس؟، هل غزة أعلنت احتلت أراضي الغير أو أعلنت عن (غزة الكبرى) وذهبت وقصفت في قطر أو لبنان أو سوريا أو إيران؟، وهل غزة هي هدّدت المنطقة بأسرها؟ لا، بل العكس تماما؛ فإسرائيل هي التي قصفت واحتلت وهدّدت الجميع".
إنقاذ الاحتلال الإسرائيلي
واستطرد قائلا: "إذن ما يحصل هو أن نتنياهو وترامب يسعيان لإنقاذ الاحتلال على المستوى الدولي والسياسي، من خلال تحميل المقاومة كامل المسؤولية؛ فهما يرميان الكرة بملعب المقاومة وكأن المشكلة لدى
حماس أو لدى الشعب الفلسطيني. هذه كارثة وخطر جسيم، لأنها تنذر بأن القادم سيكون سيء للغاية على المنطقة، ويفتح الباب أمام مزيد من التصعيد ويحوّل المنطقة إلى قانون الغاب".
وأكمل الحاج موسى: "فصائل المقاومة بكل أطيافها ليست كائنات فضائية، وهي لم تأتِ من زحل أو المريخ، بل تُمثل الشعب الفلسطيني بكل آماله وآلامه ومعاناته على مختلف المستويات. ولذلك، مطالبها الآن إنسانية قبل أن تكون سياسية؛ فهي تطالب بوقف حرب الإبادة والإجرام، دون المساس بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره".
وزاد: "إذا كان المقترح يضمن وقف إطلاق النار وتحقيق الشروط الإنسانية الأساسية، فإن فصائل المقاومة ستكون حريصة جدا على دعمه فورا ودون أي تأخير على الإطلاق؛ فنحن أكثر جهة تحرص على سرعة إنهاء المأساة والمعاناة الإنسانية في غزة، لكن إذا كان لا يحقق ذلك فبطبيعة الحال سيكون للفصائل كلمة واضحة، وأنا الآن لا أقول بأن الفصائل رفضت ولا أقول بأن الأمور على ما يرام، لأن الفصائل حتما سيكون لها موقف جلي في هذا الشأن، ولن يتأخر هذا الموقف من هذه الورقة".
وأضاف الحاج موسى: "الاحتلال واضح في مشروعه التوسعي الإحلالي الاستعماري القائم على القتل والإجرام والإبادة، وغزة كانت نموذجا صارخا لهذا المشروع في المنطقة، وهو يسعى اليوم إلى تطبيق ما أعلن عنه في مشروع (إسرائيل الكبرى). ما يحصل في لبنان من توسع، وما يجري في سوريا من قصف متواصل، يؤكد أن الهدف يتجاوز حدود غزة".
وأشار إلى أن "الأمن القومي للدول العربية والإسلامية مُهدّد بشكل مباشر، ولذلك يجب أن تضغط هذه الدول على الاحتلال، من منطلق حفظ أمنها أولا، ومن منطلق العروبة والإنسانية والإسلام ثانيا، وهي تمتلك الأدوات الحقيقية لوقف هذا المشروع الخبيث، وإلا فإن الاحتلال، بعد إنهاء ملف غزة، سيتوجه إلى كل المنطقة، وهذا أمر خطير للغاية".
إجراءات عملية حاسمة
وواصل المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، حديثه بالقول إن "المطلوب اليوم من الدول العربية والإسلامية ليس إصدار بيانات احتجاج أو تنديد أو شجب، بل اتخاذ إجراءات عملية حاسمة لوقف هذا المشروع قبل فوات الأوان".
وشدّد الحاج موسى، على أن "التحدي الآن هو تفعيل أدوات الضغط الفعلية، وليس الكلام أو البيانات، لأنه إذا ما أعطي توني بلير حكم غزة، فما الذي سيمنع ترامب من تعيينه حاكم لمناطق عربية أخرى كالمناطق التي تحتلها إسرائيل في لبنان أو سوريا أو غيرهما".
واستنكر بشدة تهديدات ترامب في حال رفض حماس وفصائل المقاومة لخطته، قائلا: "هذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا؛ فنحن لا نخاف من ترامب ولا من إدارته، ومهما حدث لن نفرط بحقوق أبناء شعبنا، ولن تجدي أي تهديدات أو وعيد، ولن نقبل أن يُفرض علينا ما ينسف ثوابتنا وحقوق شعبنا المناضل، ونحن لا نقبل بفرض أي انتداب أجنبي أو وصاية دولية علينا، ولا يمكن أن نتنازل عن كل شيء مقابل وعود كاذبة ومساراتٍ وهمية".
وطالب بـ "وجود ضمانات حقيقية ومكتوبة في أي اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، ولا بد من النص على جدول زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال من القطاع وليس الانسحاب البطيء الذي يأتي بإرادة الاحتلال نفسه، ونحن بحاجة لاتفاق ملزم للطرفين، وبنودا واضحة وعادلة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني؛ فأي مقترح يشرعن إجرام الاحتلال ويسمح باستمرار الحرب بعد أخذ الأسرى الصهاينة لن نقبل به وسيكون لكل حادث حديث".
وحول موقف فصائل المقاومة من حكم غزة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، قال: "لقد أعلنا مرارا وتكرارا، ومنذ فترة طويلة، أننا لا نريد أن نحكم، ولا نرغب في المشاركة في حكم إدارة غزة، وتم إبلاغ الوسطاء المصريين والقطريين بهذا الموقف بشكل جلي منذ فترة طويلة، وكان هناك حديث عن لجنة تكنوقراط منذ نحو 6 أشهر، وجرى تداول أسماء بعينها، وبالتالي لا يمكن المزايدة علينا بهذا الخصوص، ونحن ليس لدينا خطوط حمراء إلا فما يتعلق بالاحتلال وحقوق الشعب الفلسطيني وثوابتنا الوطنية".
واختتم المتحدث باسم حركة الجهاد، بقوله: "نحن منفتحون ومستعدون للتعامل مع جميع المقترحات بمرونة وصولا إلى اتفاق، شريطة ألا ينتقص ذلك من كرامة الشعب الفلسطيني، أو يمسّ ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني، أو يهدّد وحدة الشعب والأرض الفلسطينية، خاصة أن الظروف صعبة للغاية وسط حالة خذلان غير مسبوقة في ظل مسلسل القتل والإبادة المستمر حتى الآن".
والاثنين، استعرض ترامب بمؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أبرز بنود خطته المكونة من 20 مادة لوقف الحرب، ومنها إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين (في غزة) خلال 72 ساعة، ونزع سلاح حركة "حماس"، ووقف إطلاق النار.
كما تدعو الخطة لتشكيل هيئة دولية إشرافية برئاسة ترامب تكون مسؤولة عن تدريب إدارة للحكم في غزة، دون مشاركة "حماس".
ويأتي الإعلان عن الخطة فيما يواصل الجيش الإسرائيلي انتشاره في عدة محاور رئيسية بمدينة غزة، مع استمراره بقصف وتفجير المباني والمنشآت السكنية في تلك المناطق، ضمن مساعيه لاحتلال المدينة وتهجير الفلسطينيين منها.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، خلّفت 66 ألفا و148 شهيدا، و168 ألفا و716 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 455 فلسطينيا بينهم 151 طفلا.