قال النائب في
البرلمان اللبناني وعضو كتلة
"التنمية والتحرير" التابعة لحركة "أمل"، قاسم هاشم، إن الحركة بدأت استعدادات مكثفة ومبكرة للانتخابات البرلمانية المقبلة المقرّرة في أيار/
مايو 2026.
وأضاف قاسم في حديث خاص لـ"
عربي21" أنه "جرى
تشكيل الماكينات الانتخابية بشكل رسمي في مختلف المناطق اللبنانية، في خطوة تُعدّ
بمثابة إعلان مبكر لانطلاق العملية الانتخابية داخل الحركة وكتلتها البرلمانية،
ورسالة واضحة تؤكد تمسكها بإجراء الاستحقاق في موعده الدستوري دون تأجيل أو تعطيل".
وتابع قائلا: "خطوة تشكيل الماكينات الانتخابية
تعكس قناعة راسخة لدى الكتلة بأن
الانتخابات هي المدخل الطبيعي لتجديد الحياة
السياسية وإعادة تكوين السلطة"، مشيرا إلى أن "التحضيرات التنظيمية بدأت
فعليا على الأرض من خلال إعادة تفعيل الماكينات الانتخابية، وبدء التواصل مع
القواعد الشعبية، في إطار خطة شاملة تهدف إلى رفع الجهوزية الميدانية والادارية".
وبيّن هاشم أن "كتلة التنمية والتحرير تتعامل
مع هذا الاستحقاق الانتخابي بوصفه واجبا وطنيا وديمقراطيا، لا مجرد منافسة سياسية
أو عملية ديمقراطية دورية، لأن احترام المواعيد الدستورية جزء من التزام الكتلة
بثوابت الدولة ومؤسساتها"، مؤكدا أنه "تم وضع خطة عمل ورؤية متكاملة
لتنظيم الماكينات الانتخابية، لضمان الجهوزية الكاملة والمُنظمة والاستعداد
المبكر، سواء من الناحية الإدارية أو الميدانية".
وكشف البرلماني اللبناني، أن "الماكينات
الانتخابية التي جرى إعدادها تعمل حاليا في إطار التحضير العام، وأنها بدأت فعليا
التواصل مع القواعد الشعبية والناخبين في مختلف المناطق، لكن هذه الخطوة لا تعني
إطلاق الحملات الانتخابية بالمعنى الكامل، بل هي تهيئة داخلية لضبط الإيقاع
التنظيمي وتجديد هياكلها الميدانية استعدادا لكل المراحل المقبلة".
مرشحو كتلة "التنمية والتحرير"
وفيما يتعلّق بهوية رؤساء الماكينات الانتخابية
التابعة لكتلة حركة "أمل" البرلمانية والتي ستدير حملاتها، أوضح أن
"معظم رؤساء الماكينات الانتخابية الذين تولّوا مهمة الانتخابات عام 2022 قد
ثُبّتوا من جديد، في إشارة إلى الثقة بالآليات التنظيمية المُعتمدة سابقا"،
منوها إلى أن "الإعلان الرسمي عن الأسماء النهائية لم يصدر بعد، وقد يحدث ذلك
خلال الأسابيع المقبلة".
ونوّه عضو كتلة "التنمية والتحرير"
التابعة لحركة "أمل"، إلى أن "عملية اتخاذ القرار النهائي بشأن
أسماء مرشحي الكتلة ومواقعهم الانتخابية لم تُحسم بعد، وأنها لا تزال في مرحلة
الدراسة".
وأشار هاشم إلى أن "الحديث عن عدد المرشحين
الذي ستدعمهم الكتلة في الانتخابات المقبلة سابق لأوانه"، مؤكدا أن
"الملف ما زال في مرحلة الإعداد العام، وأن القرارات النهائية ستُتخذ في
الوقت المناسب وفق قراءة دقيقة للواقع السياسي والانتخابي في كل دائرة".
واستطرد قائلا إن "كتلة التنمية والتحرير التي
يرأسها الرئيس نبيه بري تعتمد في تحضيراتها على نهج مؤسساتي يقوم على التشاور
والتقييم والقراءة الميدانية الدقيقة، بحيث لا تُترك الترشيحات للاجتهادات الفردية
أو المزاجية".
وذكر أن "الكتلة تنظر إلى مشاركتها في
الانتخابات بوصفها دفاعا عن حضورها الوطني وعن خيارات جمهورها في ظل ما يشهده
لبنان من انقسامات سياسية حادة وأزمات اقتصادية خانقة"، منوها إلى أن
"الهدف الأساسي من هذه التعبئة التنظيمية المبكرة هو تثبيت موقع الكتلة كقوة
سياسية برلمانية راسخة قادرة على مواكبة المتغيرات وحماية التوازن الوطني القائم
على الشراكة بين المكوّنات اللبنانية".
وشدّد هاشم على أن "الرئيس نبيه بري حريص على
الجمع بين الخبرة التنظيمية والاستمرارية من جهة، ودمج دماء جديدة وشابة في الجسم
الانتخابي من جهة أخرى، بما يضمن التفاعل الإيجابي مع التطورات الاجتماعية
والسياسية المتسارعة في البلاد".
وردا على سؤال حول ما إذا كان سيخوض الانتخابات
المقبلة، قال هاشم إن "القرار الشخصي في هذا الشأن لم يُتخذ بعد"، موضحا
أن ترشحه، مثل غيره من المرشحين، يخضع لجملة من المعايير التنظيمية والسياسية، وأن
إعلان الأسماء سيأتي في مرحلة لاحقة بعد انتهاء مرحلة التحضير الداخلي وتقييم كل
دائرة انتخابية؛ فما زال هناك متسع من الوقت، وعندما تتضح الصورة أكثر سنتخذ
القرار ونعلن الموقف رسميا، لأننا نؤمن بأن كل ترشيح يجب أن يكون مبنيا على دراسة
لا على ارتجال".
جدل الانتخابات البرلمانية
وتحدث هاشم عن الجدل الدائر في لبنان بشأن
الانتخابات المرتقبة، قائلا إن "العملية الانتخابية بطبيعتها تُثير دائما
نقاشا وجدلا سياسيا بين القوى والكتل المختلفة، وهذا أمر طبيعي في بلد كلبنان حيث
تتداخل المصالح الطائفية والسياسية في معظم الملفات".
وزاد: "طبيعة التركيبة اللبنانية تفرض دائما
وجود حوار وسجال، وهو جزء من الحياة السياسية اللبنانية"، مشيرا إلى أن
"الحراك السياسي الحالي حول الانتخابات يعكس من جهة حيوية النظام الديمقراطي،
لكنه يكشف من جهة أخرى عمق الانقسامات التي لا تزال تؤثر على كل استحقاق وطني".
وفيما يخصّ القانون الانتخابي، أوضح هاشم أن
"التحضيرات الجارية في مختلف القوى السياسية، بما فيها كتلة التنمية
والتحرير، تقوم على أساس القانون الانتخابي النافذ الذي يُقسّم لبنان إلى 16 دائرة
انتخابية ويعتمد النظام النسبي مع الصوت التفضيلي، لانتخاب 128 نائبا يتوزعون
مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إلى جانب 6 مقاعد للمغتربين اللبنانيين في الخارج".
وأكد أنه حتى الآن "لا يوجد قانون آخر
للانتخابات ولا مشروع نهائي لأي تعديلات مقترحة، وأن كل التحركات تُبنى على هذا
الأساس"، متابعا: "رغم وجود نقاشات داخل بعض الكتل حول احتمالية إدخال
تعديلات ما على قانون الانتخابات الحالي، إلا أنه لم يحصل أي توافق أو تفاهم سياسي
يمكن أن يغيّر القانون القائم".
ولفت إلى أن بعض الأطراف السياسية، وعلى رأسها حزب
القوات اللبنانية، تُطالب بإتاحة الفرصة للمغتربين اللبنانيين في الخارج للتصويت
لكامل أعضاء المجلس النيابي الـ128 بدل حصرهم بانتخاب 6 نواب كما هو معمول به
حاليا، لكنه وصف هذه الطروحات بأنها "نوايا غير مكتملة"، لأنها تحتاج
إلى "توافق وطني شامل يصعب تحقيقه في الوقت الحاضر".
وذكر أن هناك "مفارقة لافتة تكمن في موقف حزب
(القوات اللبنانية) الذي كان أحد أبرز المشاركين في إقرار القانون الانتخابي
الحالي عام 2017، ليعود اليوم ويعارضه، بحجة أن حجم تمثيله الشعبي في الخارج
يستدعي إدخال تعديل قانوني يعيد توزيع المقاعد، على الرغم من أن نتائج انتخابات
2022 لم تُظهر بوضوح هذه الأفضلية التي يستند إليها في مطالبه".
وأكمل هاشم: "القوانين الأساسية في لبنان،
وخاصة قانون الانتخاب، لا يمكن تعديلها بقرار أحادي أو عبر الأغلبية العددية،
لأنها تمسّ جوهر التوازنات الوطنية التي يقوم عليها النظام السياسي".
وأوضح أن "القانون الانتخابي في لبنان هو قانون
توافقي في جوهره، وأي تغيير في قواعده يتطلب تفاهما عاما بين جميع المكونات
السياسية، لأن الانتخابات النيابية تُعتبر من المسائل الأساسية التي لا يجوز حسمها
إلا بالحوار الوطني والتفاهم الشامل"، لافتا إلى أن "التمسك بالقانون
الحالي لا يعني رفض النقاش حول الإصلاحات، بل تأجيلها إلى مرحلة أكثر استقرارا
تسمح بنقاش هادئ ومتزن".
مَن يكون رئيس البرلمان المقبل؟
وردا على سؤال حول موقع رئيس البرلمان نبيه بري في
الاستحقاق المقبل، قال إن "الرئيس بري أعطى نكهة خاصة للحياة السياسية
اللبنانية على مدى عقود"، واصفا إياه بـ"رجل الدولة الذي يملك خبرة
وحنكة لا غنى عنهما في هذه المرحلة الدقيقة، والفريق السياسي الذي ينتمي إليه
الرئيس بري مصرّ على ترشيحه مُجددا، وهذا أمر طبيعي نظرا إلى مكانته ودوره
التاريخي والقيادي في حماية التوازن الوطني".
واستدرك هاشم قائلا: "مع ذلك، الانتخابات هي التي
ستفرز نتائجها، وهي وحدها من تعكس ثقة اللبنانيين بمَن يتولّى منصب رئيس البرلمان
المقبل".
وأردف: "الدستور اللبناني يحدد بدقة آلية
انتخاب رئيس مجلس النواب، الذي يُفترض أن يُنتخب في الجلسة الأولى للمجلس الجديد
بالأغلبية المطلقة، شرط أن يكون من الطائفة الإسلامية الشيعية، وهذا العُرف
المستمر منذ اتفاق الطائف الذي يعكس توازنات النظام السياسي اللبناني القائم على
المُحاصصة الطائفية".
محطة مفصلية
وواصل حديثه بالقول: "تبدو انتخابات 2026 محطة
مفصلية في الحياة السياسية اللبنانية، ليس فقط من حيث إعادة إنتاج السلطة
التشريعية، بل لناحية اختبار جدية الطبقة السياسية في احترام المواعيد الدستورية،
وتجديد الحياة الديمقراطية في بلد يرزح تحت وطأة أزمات متعددة ومتشابكة".
وأكد هاشم أن "كل استحقاق انتخابي في لبنان
يُمثل لحظة لإعادة تكوين السلطة وتجديد شرعيتها، لكن هذه الدورة تحديدا ستكون أكثر
حساسية نظرا إلى الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون على المستويات الاقتصادية
والمعيشية والسياسية والاجتماعية".
واستطرد قائلا إن "الانتخابات المقبلة ستكون
اختبارا حقيقيا لقدرة الطبقة السياسية على احترام المواعيد الدستورية، وتجديد
المؤسسات بطريقة تعكس إرادة الناس، بعيدا عن منطق التعطيل والمصالح الضيقة"،
مؤكدا أن "تأجيل الانتخابات في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد قد
يفتح الباب أمام مزيد من الشلل المؤسساتي والفوضى السياسية".
وفيما يتعلّق بالجدل المتعلق بموعد الانتخابات، شدّد
النائب على أن "الالتزام بهذه المواعيد هو موقف ثابت لدى معظم القوى
السياسية، وما لم تطرأ ظروف استثنائية أو أحداث غير مألوفة فإن الانتخابات ستُجرى
في موعدها المحدد"، موضحا أن "لبنان يمرّ بمرحلة دقيقة ومليئة
بالتحديات، لكن الإصرار على إجراء الانتخابات في وقتها هو رسالة سياسية مهمّة تؤكد
تمسك اللبنانيين بالديمقراطية وبعمل المؤسسات الدستورية رغم الأزمات".
وعبّر عن تفاؤله بإجراء الانتخابات وبنتائجها
المحتملة رغم صعوبة الواقع المرير في البلاد، مشيرا إلى أن "القوى السياسية
أظهرت تصميما واضحا على المضي في هذا المسار، لكن الواقع اللبناني يبقى مفتوحا على
كل الاحتمالات نظرا إلى تعقيداته، بينما إرادة الناس هي التي ستقول الكلمة الفصل،
وصناديق الاقتراع هي التي ستحدد الاتجاهات السياسية المقبلة".
واختتم بقوله إن "كتلة (التنمية والتحرير) تضمّ
حاليا 15 نائبا في البرلمان اللبناني، بينهم نواب من داخل الإطار التنظيمي لحركة
أمل وآخرون متحالفون معها من قوى سياسية مستقلة"، مشيرا إلى أن "الطموح
في الدورة المقبلة هو زيادة هذا العدد، وترسيخ حضور الكتلة كقوة وطنية وازنة تعكس
تطلعات الناس وتحمل همومهم في ظل ما تمرّ به البلاد من أزمات مركّبة".