مقابلات

فرانك رومانو لـ"عربي21": مقاومة غزة ساهمت في اعتناقي الإسلام (فيديو)

قرصنت دولة الاحتلال أسطول الصمود الذي يشارك فيه البروفيسور فرانك رومانو - جيتي
قال المحامي الدولي والحقوقي الأمريكي الفرنسي، وأحد أبرز المنظمين والمشاركين في "أسطول الحرية"، البروفيسور فرانك رومانو، إن مقاومة الشعب الفلسطيني في غزة كانت أحد أهم الأسباب التي دفعته إلى اعتناق الإسلام، مضيفا: "لقد علّمتني غزة أن الإيمان ليس مجرد كلمات أو طقوس، بل قوة روحية عميقة تمنح الإنسان القدرة على الصمود والمقاومة في أحلك اللحظات".



وأردف رومانو، في مقابلة مصوّرة مع "عربي21"، من على متن قارب "سبيكتور" الذي أبحر من مدينة سيراكوزا الإيطالية: "الغزيون أناس رائعون بحق؛ فهم يقاومون هذه الأوليغارشية، ويتمتعون بإيمان عظيم يحافظون عليه رغم الظروف القاسية. هذا الإيمان القوي لم يكن مصدر إلهام لهم وحدهم، بل ألهمني أنا شخصيا بشكل يفوق الوصف، كما ألهم كثيرين غيري حول العالم".

وأدناه نص المقابلة الخاصة التي أجرتها "عربي21" مع البروفيسور فرانك رومانو قبل سيطرة قوات الاحتلال على أسطول الصمود واعتقال المشاركين فيه:

كيف ساهمت غزة في اعتناقك الدين الإسلامي؟

لقد اعتنقت الإسلام عندما كنت في مخيم جنين للاجئين، حيث تملّكني شعور روحاني عميق دفعني إلى نطق الشهادتين وأداء الصلاة لأول مرة مع أصدقائي هناك. في تلك اللحظة حدث شيء داخلي جعلني أنطق الشهادة بصدق ومن أعماق قلبي.

بعد ذلك واصلت التواصل مع إخوتي في غزة عبر الهاتف ووسائل التواصل مثل "واتساب" قدر الإمكان، وهناك وجدت النموذج الحي لقوة الإيمان؛ فقد رأيتهم، رغم حرمانهم من أبسط مقومات الحياة من طعام وماء ودواء، يواصلون المقاومة والنضال استنادا إلى ما يمليه عليهم القرآن الكريم، وأدركت أن ما يقومون به ليس "حربا مقدسة" كما يحاول الإعلام الغربي تصويره، بل هو جهاد بالمعنى الأصيل: جهاد النفس، وجهاد الصبر، والثبات، والإصرار على الحياة بكرامة.




الغزيون أناس رائعون بحق، ويقاومون هذه الأوليغارشية، ويتمتعون بإيمان عظيم يحافظون عليه رغم الظروف القاسية. هذا الإيمان القوي لم يكن مصدر إلهام لهم وحدهم، بل ألهمني أنا شخصيا بشكل يفوق الوصف، كما ألهم كثيرين غيري حول العالم؛ فقد علّمتني غزة أن الإيمان ليس مجرد كلمات أو طقوس، بل قوة روحية عميقة تمنح الإنسان القدرة على الصمود والمقاومة في أحلك اللحظات.

لقد ألهمتني غزة أن أقاوم بدوري، وألا أستسلم أمام هذا المجمع الصناعي العسكري الذي يهيمن على العالم ويقود سياسات الاستغلال والحروب. ومن خلال مشاركتي في سفن كسر الحصار عن غزة، تعلّمت بعض الآيات القرآنية التي أصبحت جزءا أصيلا من رحلتي الروحية، وزادتني يقينا بأن اختياري للإسلام لم يكن مجرد قرار، بل كان الطريق الصحيح الذي وجدته بفضلهم.

برأيك، هل يمكن لغزة أن تساهم في نشر الإسلام في الغرب بعد الأحداث الأخيرة؟

بالتأكيد، نعم. غزة تقدم نموذجا نادرا وفريدا في هذا العصر. فالعالم يرى اليوم أن هؤلاء الفلسطينيين الغزيين، البسطاء والعاديين في حياتهم، يقفون في مواجهة واحدة من أعتى القوى العسكرية والاقتصادية في العالم. ومع ذلك فإن ما يحركهم ليس سوى إيمانهم العميق، وشعورهم بالواجب الشرعي تجاه الدفاع عن عائلاتهم وأرضهم.

هؤلاء الناس لا يعرفون الخوف، لأن الإسلام قد رباهم على الثقة بالله وعلى أن الكرامة لا تُشترى ولا تُباع. هذا الإيمان يجعلهم قادرين على مواجهة قوى ضخمة وشرسة مثل إسرائيل، ومن ورائها الولايات المتحدة، التي تمثل رأس المال المالي والاقتصادي المتوحش المسيطر على العالم. لكن أمام كل ذلك، يظل الغزيون متمسكين بحقهم، مدافعين عن بيوتهم وأطفالهم، مؤمنين بأن النصر آتٍ لا محالة.

إن هذا النموذج، برأيي، يمكن أن يلهم كثيرا من الناس في الغرب للتفكير في الإسلام بشكل مختلف، بعيدا عن الصور النمطية المشوهة. سيُنظر إلى الإسلام ليس كرمز عنف كما يحاول البعض تصويره، بل كمنظومة قيمية وروحية تمنح أصحابها القدرة على مواجهة الظلم والطغيان، وتدفعهم لحماية أوطانهم بصلابة نادرة. وفي نهاية المطاف، أعتقد أن المقاومة في غزة ستسهم في تعزيز صورة الإسلام في الغرب كدين إيمان وسلام، وكطريق للتحرر من الاستعباد المادي والسياسي.

هل هناك أساس ديني لاجتياح غزة؟

في جوهر الأمر، لا. فالمسألة ليست مسألة دينية بقدر ما هي مشروع استعماري سياسي تقوده الحكومة الإسرائيلية، التي تسعى إلى السيطرة على الأرض وفرض وقائع جديدة بالقوة. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يريد، في المقام الأول، إرضاء اليمين المتطرف داخل حكومته، ممثلا بأشخاص مثل سموتريتش وبن غفير، الذين يوفّرون الغطاء السياسي للمستوطنين ويدفعون باتجاه مزيد من الاستيطان والتوسع. ما يريده نتنياهو حقيقة هو إيجاد ذريعة للهيمنة على الأرض وكسر روح المقاومة الجديدة، لأن الفلسطينيين في غزة أظهروا قدرا كبيرا من الشجاعة في مقاومة الاحتلال، وألهموا العالم بأسره لمواجهة هذا المجمع الصناعي العسكري الذي تهيمن عليه إسرائيل مدعومة من الولايات المتحدة.




ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن المستوطنين – ومعظمهم من أتباع التيار الديني القومي المتطرف – ينظرون إلى هذه الأرض باعتبارها جزءا من وطنهم المزعوم، ويضغطون على الحكومة للاستيلاء عليها. فهم يعتقدون أنها "الأرض المقدسة"، وأنهم "الشعب المختار"، وأنها حق تاريخي وديني لليهود. لكن عند التمحيص، يتضح أن هذه المزاعم ليست الدافع الرئيسي للاجتياح، وإنما مجرد غطاء أيديولوجي، بينما المحرك الأساسي يظل سياسيا واستراتيجيا مرتبطا بمشروع السيطرة على الأرض وإخضاع الفلسطينيين.

هل يمكن اعتبار العدوان الإسرائيلي على غزة حدثا له تأثير طويل الأمد على الهوية الإسلامية والمواقف تجاه الإسلاموفوبيا؟

على المدى القصير، نعم. فالكثير من الناس في الغرب، ممن يفتقرون إلى المعرفة الدقيقة بالإسلام، يخلطون بين الإرهاب والمقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، ويصفون المقاتلين الفلسطينيين بأنهم "إرهابيون مسلمون". هذا الانطباع المشوَّه يغذّي الإسلاموفوبيا ويزيد من سوء الفهم.

لكن على المدى الطويل، سيظهر وجه آخر للقضية. فمع مرور الوقت، سيدرك الرأي العام أن الفلسطينيين في غزة – ومعظمهم مسلمون – قد استمدوا من إيمانهم قوة الصمود في مواجهة عدو يمتلك آلة عسكرية جبارة ويمارس جرائم حرب موثقة. سيُنظر إلى إيمانهم لا باعتباره دافعا للعنف، بل باعتباره محركا للمقاومة العادلة ضد الاحتلال، ومصدرا للإصرار على الكرامة والحرية.




وفي نهاية المطاف، أعتقد أن تأثير هذه الأحداث لن يكون في زيادة الإسلاموفوبيا، بل على العكس تماما. فالصورة التي ستترسخ هي أن الإسلام دين سلام، وإيمان بالعدالة، ومقاومة للاستغلال الوحشي والمصالح المالية والعسكرية الضخمة التي تمثلها إسرائيل والولايات المتحدة. وهذا الوعي سيسهم في تعزيز مكانة الإسلام عالميا باعتباره قوة روحية وأخلاقية تقف إلى جانب المستضعفين.