تواصل قوات
الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي، عدوانها الواسع على
قرية المغير شمال شرق رام الله، وسط عمليات دهم وتخريب للممتلكات، واقتلاع لأشجار الزيتون المثمرة.
وقالت مصادر محلية، إن جرافات الاحتلال تواصل شق طريق استيطاني من منطقة "الرفيد" صعودا إلى منطقة "قلاصون"، ما تسبب بتخريب آلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون ومسحها بالكامل، مشيرة إلى أن الاحتلال شرع أمس الأول بتجريف السهل الشرقي للمغير، المحاذي لشارع "ألون"
الاستيطاني، المزروع معظمه بأشجار زيتون.
بدوره، قال مرزوق أبو نعيم عضو مجلس بلدي المغير في تصريحات تابعتها "عربي21"، إن الهجمة الجديدة على القرية غير مسبوقة وتختلف عن كل الاعتداءات السابقة، وهي مخطط لها ومدروسة.
وشدد أبو نعيم أن جرافات ومعدات ثقيلة تعمل على جريف حقول الزيتون التي تحوي أشجارا يمتد عمرها لأكثر من مئة عام، فيما تقوم قوات راجلة من الاحتلال باقتحام المنازل وترويع الأهالي في القرية، وحملة تنكيل واعتقال، ومصادرة المركبات المدنية التي تسلم لاحقا للمستوطنين.
وحذر المسؤول المحلي من أن المجزرة بحق
أشجار الزيتون قد تطال 6000 آلاف شجرة مزروعة في القرية، مشيرا إلى أن آليات الاحتلال اقتلعت المئات من الأشجار حتى الآن، وقامت بنقلها من المنطقة في محاولة لإخفاء الجريمة.
وأغلقت قوات الاحتلال، الخميس الماضي مدخلي القرية ومنعت دخول المواطنين إليها أو الخروج منها، بما يشمل مركبات الإسعاف، وأجبر جنود الاحتلال أصحاب المحال التجارية على إغلاق أبوابها، وحدوا من حركة المواطنين داخل القرية.
وبينما هدد المستوطنون أهالي القرية عبر الاتصال بهواتفهم المحمولة بالقتل، والتدمير، اضطر المئات للمبيت في القرى المجاورة جراء الاعتداء الهمجي على القرية وممتلكاتها، ومنع أحد من الدخول أو الخروج منها.
وكان الوزير الإسرائيلي المتطرف، ايتمار بن غفير قد نصب خيمة على مدخل القرية العام الماضي، وأخذ يحرض المستوطنين على مهاجمة القرية، مطالبا بترحيل سكانها وهدم وتجريف كل البيوت والأراضي.
لماذا يستهدف الاحتلال أشجار الزيتون؟
وتتعرض أشجار الزيتون في الأراضي
الفلسطينية المحتلة إلى اعتداء من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنين بشكل يومي، من تخريب وحرق وتقطيع وسرقة لثمارها.
وفي حديث سابق لـ"عربي21" قال مدير مركز أبحاث الأراضي في رام الله، جمال العملة، إن سر عداء الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين لشجرة الزيتون "لأنها أكبر دليل زراعي على أن الفلسطيني متجذر بهذه الأرض، ومعمر بها"، مدللا على ذلك بوجود "شجر زيتون قديم قدم تاريخ فلسطين، ومتجدد بتجدد الفلسطينيين على أرضهم"، على حد قوله.
وتدعي الحركة الصهيونية منذ انطلاقها عام 1897، بأن فلسطين بلاد فارغة لا يوجد فيها سكان، كمبرر لجلب اليهود إليها للاستيطان في أرضها، وفق العملة.
وكشف العملة أن الاحتلال حاول من خلال المستوطنين "سرقة شجر الزيتون، ونقله إلى مستوطناتهم، كي يثبتوا أنهم متجذرون بهذه الأرض، لكن هذ التجربة فشلت فشلا زريعا".
وأضاف أن شجرة الزيتون "لن تكون طابعا يهوديا".
وجدد العملة تأكيده على أن "المستوطنين اتخذوا من شجرة الزيتون عدوا مركزيا يحاولون اجتثاثه، من كل أرض فلسطين".
وتسببت اعتداءات المستوطنين المتكررة بقطع وحرق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون المعمرة، وكان أفظعها قيام قوات الاحتلال وجرافاته بقطع أكثر من 3 آلاف شجرة زيتون معمرة في الضفة الغربية والقدس المحتلة عام 1986، وكان معدل متوسط أعمار تلك الأشجار مئتي عام.
بدوره، أبدى مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية، غسان دغلس، عزما كبيرا على الاستمرار في زرع أشجار الزيتون، وقال في حديث سابق لـ"عربي21": " كل يوم هناك زراعة لأشجار الزيتون، مقابل التقطيع اليومي للشجر من قبل المستوطنين".
حالة حرب مستمرة
وأوضح أن الاحتلال يهدف لقطع "تواصل الفلسطيني مع أرضه، وإحلال المستوطنين من خلال قطع أشجار الزيتون وحرقها (...) هم يريدون حرق قلب المواطن الفلسطيني".
وأشار دغلس إلى أن الفلسطينيين حينما ينتظرون طيلة العام موسم الزيتون، ويذهبون لأرضهم ليكونوا أمام شجر الزيتون الذي ورثوه عن أجدادهم ليجدوه مقطعا، "فهذا بمثابة نكبة فلسطينية جديدة".