ملفات وتقارير

خارطة أممية حاسمة في ليبيا.. هل تنجح في إجراء انتخابات والإطاحة بالحكومتين؟

الخطة الأممية تشمل إعداد إطار انتخابي متكامل وتوحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة جديدة وإطلاق حوار وطني مهيكل يضم مختلف المكونات السياسية والاجتماعية- البعثة الأممية
طرحت خارطة الطريق التي قدمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، هانا تيتيه بخصوص حل الأزمة الليبية الكثير من ردود الفعل والتساؤلات عن مدى جديتها وحسمها لحالة الجمود الراهنة ومدى قبول الأطراف المحلية لها وتنفيذها خاصة حكومتي الدبيبة وحماد.

وأعلنت تيتيه أمام مجلس الأمن أن الخارطة الجديدة تقوم على ثلاثة ركائز أساسية: إعداد إطار انتخابي فني وسياسي متكامل لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، توحيد المؤسسات عبر تشكيل حكومة موحدة جديدة، وإطلاق حوار وطني مهيكل يضم مختلف المكونات السياسية والاجتماعية لمعالجة القضايا الجوهرية وبناء بيئة مناسبة للاستحقاق".

"تنفيذ متدرج"
وأشارت البعثة الأممية إلى أن تنفيذ الخارطة سيتم بشكل تدريجي على مدى يتراوح بين 12 و18 شهرا، مع تضمين ضمانات تحول دون التعطيل وتضع حدا لدورات المراحل الانتقالية المتكررة.

كما هددت البعثة في نهاية إحاطتها أنه في حال عملت الأطراف المحلية على تأخير إحراز تقدم فإنه سيتم البحث عن بدائل واتخاذ أية تدابير ضرورية وستسعى للحصول على دعم مجلس الأمن لضمان تنفيذ خارطة الطريق.

"ترحيب وتخوفات وتفسيرات"
وبعد ساعات قليلة من إحاطة البعثة الأممية سارعت الأطراف الليبية لتفسير الإحاطة كل حسب مصلحته وتوجهاته، بل واعتبرها كل طرف أنها داعمة له.

من جهته، علق رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبدالحميد الدبيبة أن القوانين الانتخابية كانت العائق أمام الاستحقاق منذ عام 2021، ورحب بجعل خارطة البعثة أولوية أساسية، مؤكداً أن الذهاب المباشر إلى الانتخابات يمثل الحل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي، مع ضرورة محاسبة المعرقلين.

في حين، رحب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد بإحاطة البعثة الأممية وخارطة الطريق، مؤكدا أن تشكيل سلطة تنفيذية موحدة جديدة يمثل خطوة جوهرية لتنفيذها، مؤكدًا استعداده للتعاون مع جميع الأطراف الوطنية والدولية بما يحفظ سيادة ليبيا واستقرارها.

أما رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح فأكد ترحيبه بطرح البعثة لفكرة تشكيل حكومة جديدة بعد شهرين، مشددا أن حكومة حماد هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن البرلمان.

وطالب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، البعثة بضرورة وضع إطار زمني واضح يُلزم مجلسي النواب والدولة بالتوافق وطرح المواد الخلافية في القوانين الانتخابية للاستفتاء الشعبي.

"تصحيح قانوني وخطوة جيدة"
من جهته، أكدت عضو مجلس النواب الليبي، انتصار شنيب أن "أهم ما تضمنته الخارطة الأممية والإحاطة هو تصحيح الوضع القانوني لمفوضية الانتخابات، وذلك من خلال إعادة تشكيل مجلس إدارتها وضمان وضعها في الإطار القانوني السليم. وهذا إجراء في بالغ الأهمية لأهمية الدور المناط بها".

وأوضحت في تصريحاتها لـ"عربي21" أن "تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وموحدة خلال مدة لا تتجاوز شهرين هدفه توحيد المؤسسات والإشراف على الانتخابات القادمة وبطبيعة الحال ستنهي الحكومات القائمة حاليا، وكذلك خطة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة بما يفضي إلى الوصول لحالة من الاستقرار السياسي في ليبيا، أي أن الخارطة الجديدة تطابقت مع تطلعات المرحلة الراهنة إلى حد كبير"، حسب رأيها.

"أزمة تشكيل حكومة جديدة"
وقال رئيس اللجنة السياسية بمجلس الدولة الليبي، محمد معزب إن "خارطة الطريق الأممية واضحة إلا أن المعضلة الكبيرة التي ستواجه هذه الخارطة هي تشكيل حكومة واحدة إذ أن "عقيلة صالح" يرى في حكومة حماد الحكومة الشرعية وشرعيتها اكتسبتها من مجلس النواب، بينما يتمسك الدبيبة بنص ورد في حوار جنيف الذي أنتج حكومته بانتهاء ولايته بالتسليم لحكومة منبثقة من سلطة تشريعية منتخبة أي تجرى انتخابات أولا ثم تشكل حكومة جديدة".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذا التباين في الرأي قد يعطل العملية السياسية برمتها ما لم يتم حدوث توافق بين الطرفين، أمر آخر هو أن خارطة الطريق الجديدة أهملت المسار الدستوري وكان من المتوقع طرح خيار الاستفتاء على مشروع الدستور والانتقال من المراحل الانتقالية إلى المرحلة الدائمة"، حسب تقديره.

"توافق البرلمان والأعلى للدولة"
في حين رأى المرشح لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، عبد الحكيم بعيو أن "أهم ما ورد في خارطة الطريق هو إشارتها إلى ضرورة إجراء الانتخابات خلال مدة لا تتجاوز 18 شهرًا، ويبدو أنّ البعثة الأممية تربط نجاح هذا المسار بالتوافق مع البرلمان ومجلس الدولة".

وقال في تصريحه لـ"عربي21" إن "مجلس النواب هو مفتاح تعديل القوانين وتحديد الآجال، بينما يسعى رئيسه، عقيلة صالح إلى تمرير حكومة جديدة ضمن نفس المعادلة، أما الاعتراف برئاسة تكالة للمجلس الأعلى للدولة التي وردت في إحاطة البعثة، فليس دعما شخصيا له بقدر ما هو ورقة ضغط يمكن سحبها متى شاءت البعثة أو يكون هو داعم لهذا التغير من خلال الحس الوطني"، وفق كلامه.
وأضاف:: "الخلاصة المسار الذي بدأه مجلس النواب سيمضي قُدماً، مع تغييرات شكلية محتملة، والتغيير السياسي بات أمرًا واقعًا"، كما قال.

"حكم العائلة وإرادة غائبة"
رئيس حزب العمل الليبي والوزير السابق، عيسى التويجر قال من جانبه إن "خارطة الطريق الجديدة تجاهلت تسمية الأمور بمسمياتها  في وصف الوضع الحالي حيث يخضع البرلمان للسلطة العسكرية وتسند المناصب العليا في الجيش لعائلة حفتر، كما يجري صراع في الغرب على السلطة، وربطت البعثة تنفيذ خطتها بالإرادة السياسية الغائبة تماما كما تعلم هي ويعلم كل الليبيين".

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الإحاطة لم تشر إلى تلك القوى الخارجية التي تعمل حثيثا على تشكيل الوضع على الأرض بسرعة في مواجهة وعود البعثة التي يبدو أنها مجرد مسكنات ليصحو الليبيون المشغولون بتمجيد طغاتهم الجدد ليجدوا أن البلاد قد قُسمت وأن الثروات قد نُهبت وأن القوى الخارجية قد احتلت أماكنها ومكنت عملاءها من البلاد"، وفق تعبيره.