شهدت
ليبيا انتخابات بلدية في عدة مراكز اقتراع في غرب البلاد وسط منع العملية الانتخابية في مدن الشرق والجنوب الواقعة تحت سلطة حكومة البرلمان وقوات المشير خليفة
حفتر، وسط تساؤلات عن دلالة المنع وتأثيره سياسيا.
وأجرت المفوضية العليا للانتخابات المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية في 26 دائرة بينما تم تعليق العملية وإيقافها في 26 بلدية بأمر من الحكومة المكلفة من البرلمان الليبي برئاسة، أسامة حماد، كما تم ترحيل الانتخابات في 7 بلديات إلى 23 من أغسطس الجاري بسبب مظاهرات وهجوم على مقرات المفوضية.
تأمين وإشادة
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية بالحكومة الليبية برئاسة
الدبيبة أنها قامت بتأمين الانتخابات وأنها أُجريت بشكل سلس ومنظم رغم وقوع بعض الخروقات والعراقيل.
كما أشاد رئيس الحكومة، عبدالحميد الدبيبة بالعملية الانتخابية وجهود وزارة الداخلية ووعي المواطن، مشيرا إلى أن حكومته ستواصل دعم المجالس البلدية المنتخبة، باعتبارها شريكا أساسيا في تحقيق التنمية المحلية وتعزيز اللامركزية.
دور أممي وتحذيرات
من جهتها، حرصت المبعوثة الأممية لدى ليبيا، هانا تيتيه ونائبتها، ستيفقاني خوري على التواجد مبكرا وزيارة عددا من مراكز الاقتراع وكذلك مقرات مفوضية الانتخابات للوقوف على نزاهة وتأمين العملية الانتخابية، وسط إشادة بالانتخابات ودور المفوضية ورفض المنع والعرقلة والتحذير من تعطيل الانتخابات.
كما دانت البعثة الأممية ما قامت به حكومة حفتر من منع الانتخابات في 26 بلدية تقع تحت نفوذها في شرق وجنوب البلاد، رافضة بشدة الهجمات والتدخل الحكومي السلبي، ووصفتهما بأنهما تصرفات غير مقبولة، ودعت الجميع إلى ضمان المناخ الآمن اللازم لإجراء انتخابات حرة ومنظمة"، وفق بيان.
وتواصلت "عربي21" مع مجلس إدارة مفوضية الانتخابات في ليبيا ومكتبها الإعلامي للتعليق على تداعيات منع العملية الانتخابية على القادم من انتخابات، لكنها رفضت التعليق واعتبرتها أمرا سياسيا لا دخل لها فيه.
والسؤال: لم أقحمت
الانتخابات البلدية في الصراع السياسي وتصفية الحسابات؟ وما خطورة وتداعيات ذلك؟
هيمنة وتخوفات
من جهته، قال رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، محمد معزب إنه "كان المعول بعد فشل إجراء انتخابات برلمانية أن يتم العمل على إصلاح البنية التحتية أي أن تتم الانتخابات البلدية تليها إنشاء محافظات وهكذا من الأسفل إلى الأعلى، لكن القوى المهيمنة استشعرت خطر خروج هيمنتها فعارضت بل وحاولت تخريب الانتخابات البلدية".
وأشار في تصريحاته لـ"عربي21" إلى أنه "من المستبعد أن يتم إلغاء الانتخابات البلدية تماما إلا إذا تكررت الاستهدافات بشكل ممنهج ومكرر، وما حدث يبدو لي أنه ليس كذلك ولذا إذا أحكمت السلطات التنفيذية قبضتها سيكون تأثير المعرقلين قليل وربما ينعدم"، وفق تقديره.
توظيف وخطوة لمنع انتخابات أخرى
في حين رأى المحلل والصحفي من الجنوب الليبي، موسى تيهو ساي أن "الانتخابات البلدية هي تغيير بسيط يستهدف السلطات الخدمية للبلديات ويجب أن تكون بعيدة عن أي صراعات وتصفية حسابات سياسية وتوظيف ومنعها ليس له أي مبرر منطقي سوى الرغبة في التحكم المطلق بكل شيء".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الاستغلال السياسي للبلديات شبيه بتوظيف القبيلة لحشد الولاءات السياسية والاجتماعية، كلاهما يضر بالتعددية والحق المكفول دستوريا في الوصول للسلطة سواء كانت بلدية أو برلمانية"، حسب كلامه.
وأضاف: "منع الانتخابات البلدية في مدن بالشرق والجنوب هي إشارة في غاية السوء بالنسبة للانتخابات البرلمانية المقبلة وأنها ستكون خاضعة لمنطق فرض الأمر الواقع وبعيدة كل البعد عن تكافؤ الفرص والمساواة للمترشحين"، كما قال.
مناكفات حكومية
الأكاديمي والمرشح للانتخابات البرلمانية، عاطف الاطرش قال من جانبه إن "منع الانتخابات البلدية في الشرق والجنوب وبعض مدن الغرب يعكس صراع الشرعية بين حكومتي الدبيبة وحماد، حيث يرى مجلس النواب أن هذه الانتخابات قد تمنح الدبيبة نفوذا إضافيا".
وتابع: "إدخال البلديات في الصراع السياسي يحولها من مؤسسات خدمية إلى أدوات للمناكفات السياسية، مما يفاقم الانقسام المحلي ويعرقل أي مسار نحو انتخابات وطنية شاملة"، كما صرح لـ"عربي21".