قضايا وآراء

هل تكرر الأمم المتحدة اليوم تجربة عصبة الأمم في الحبشة قبل 90 عاماً؟

معن بشّور
هل نحن فعلاً أمام مرحلة تتلاشى فيها الأمم المتحدة، وكل المنظمات المتفرعة عنها، ونرى أنفسنا أمام فوضى عالمية  تحكمها شريعة الغاب، ويتدارك فيها العالم هذه المحنة نحو نظام أكثر فعالية وأكثر عدالة.. الأناضول
هل نحن فعلاً أمام مرحلة تتلاشى فيها الأمم المتحدة، وكل المنظمات المتفرعة عنها، ونرى أنفسنا أمام فوضى عالمية تحكمها شريعة الغاب، ويتدارك فيها العالم هذه المحنة نحو نظام أكثر فعالية وأكثر عدالة.. الأناضول
في عام 1935 شنت إيطاليا بقيادة الزعيم الفاشي موسوليني حرباً ضد الحبشة عجزت عصبة الأمم المتحدة عن وقفها بسبب تباين المواقف بين الدول الكبرى آنذاك، والمنقسمة حول الموقف من إيطاليا الفاشية، التي كان البعض يحرص على عدم دفعها للتحالف مع المانيا النازية بقيادة ادولف هتلر..

يومها اتخذت عصبة الأمم المتحدة قرارات لصالح أثيوبيا لكنها لم تنفذ بسبب رفض إيطاليا الفاشية الالتزام بها والانسحاب من عصبة الأمم، بالإضافة إلى انسحاب أثيوبيا (الحبشة) بقيادة الإمبراطور هيلاسلاسي من العصبة الأممية، التي أعلنت عن وفاتها مع بدء الحرب العالمية الثانية مفسحة المجال أمام قيام الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام  1945.

يبدو أن استحضار هذه الوقائع التاريخية هذه الأيام ضروري للتشابه بين الموقف الصهيوني اليوم المدعوم أمريكياً من قرارات الأمم المتحدة، أو من مواقف دول كبرى يومها من الغزو الإيطالي للحبشة.

إن تطور مشهد العلاقات والقرارات الدولية باتجاه عجز مطلق عن وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني يهدد بشل المنظومة الدولية في كل العالم في مرحلة غياب أي دور للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تم إقرارها لتنظيم العلاقات الدولية وإخضاعها لمواثيق وقوانين وقرارات، والحفظ الامن والاستقرار في العالم .
ولعل الموقف المتأخر الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة والبيان الصادر عن عدة منظمات دولية  بإدانة حرب التجويع التي يشنها الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة ، وهو موقف إيجابي بالتأكيد، ولكن  لا يمكن ان يتحول الى قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإجبار تل أبيب على وقف عدوانها بسبب الفيتو الأمريكي السابق واللاحق، هو دليل آخر على ترهل المنظمة الدولية وقرب إعلان وفاتها اذا لم يتحول دعم الإدارة الأميركية المطلق لنتنياهو الى موقف متوازن يحترم الحد الأدنى ، ليس من حقوق الانسان فقط، بل أيضاً من حقه في الحياة.

إن تطور مشهد العلاقات والقرارات الدولية باتجاه عجز مطلق عن وقف حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني يهدد بشل المنظومة الدولية في كل العالم في مرحلة غياب أي دور للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تم إقرارها لتنظيم العلاقات الدولية وإخضاعها لمواثيق وقوانين وقرارات، والحفظ الامن والاستقرار في العالم .

إن هذا المأزق المتفاقم الذي يجد فيه العالم نفسه سجين الفيتو الأمريكي الحالي الداعم  للوحشية الإسرائيلية، يؤكد أن ما يجري في غزة وفلسطين ليس مجرد اعتداء على شعب ووطن فحسب، بل هو اعتداء على النظام الدولي ومواثيقه إلى حد كبير، وهو ما يمكن أن يشكل تهديداً ليس لأمن منطقتنا وحدها، بل لأمن العالم بأسره ، الذي بات عاجزاً عن وقف  الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة بحق قراراته وقوانينه ومواثيقه.

فهل نحن فعلاً أمام مرحلة تتلاشى فيها الأمم المتحدة، وكل المنظمات المتفرعة عنها، ونرى أنفسنا أمام فوضى عالمية  تحكمها شريعة الغاب، ويتدارك فيها العالم هذه المحنة نحو نظام أكثر فعالية وأكثر عدالة.
التعليقات (0)