تستخدم شركات الأسلحة العالمية، وخاصة
الإسرائيلية، مصطلحات "مُجربة ميدانيًا" أو "مُجرّبة في ظروف القتال"، لوصف وتسويق وترويج فعالية منتجاتها في مختلف الأسواق، وقد يتضمن ذلك صورًا من أماكن استخدامها بشكل حقيقي.
ويظهر ذلك مؤخرًا في إعلان "شركة تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية" المعروفة بشكل واسع باسم "
رافائيل"، عندما نشرت مقطعًا من داخل قطاع غزة لاستهداف شخص عبر طائرة مُسيّرة عملت على ملاحقته والانفجار فيه.
ونشرت الشركة المقطع بعنوان "سبايك فايرفلاي في حرب المدن"، وفيه يظهر شخص يبدو مدنيًا ولا يحمل سلاحًا بل يمشي بشكل طبيعي داخل بعض شوارع قطاع غزة المُدمرة بفعل حرب الإبادة، بينما تعمل الطائرة على "تحديد الهدف وتتبعه ثم تعمل على تحييد التهديد"، ثم تظهر لحظة الانفجار.
"رافائيل"
كتبت الشركة على المقطع، الذي أثار ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي وجرى تصنيفه على أنه "قد يحتوي على مشاهد مزعجة" بعد نشره بـ11 يومًا، أن "سبايك فايرفلاي يتمتع بـ'دقة مُثبتة وإعادة تعريف للتفوق التكتيكي'".
وأضافت: "نحتفل بمرور عامين على نشر سبايك فايرفلاي عمليًا لأول مرة، مُبشرين بعصر جديد من الدقة للقوات القتالية التكتيكية، ومنذ ذلك الاستخدام الأول، أثبت فايرفلاي جدارته في بعضٍ من أكثر البيئات صعوبة، مُوجهًا ضربات دقيقة بأقل قدر من الأضرار الجانبية، حتى في بيئات تشويش نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وفي ظل الظروف الجوية السيئة".
وأوضحت: "يُعد فايرفلاي ذخيرة تكتيكية متنقلة ضمن عائلة سبايك، وهو صغير الحجم، سهل الاستخدام، وذو رشاقة ملحوظة، مما يمنح المستويات التكتيكية - السرية والكتيبة - رفيقًا فريدًا وخفيف الوزن يُحمل على الظهر للقوة الجوية، يُعزز القدرة على الفتك مع تقليل المخاطر على القوات الصديقة".
وقالت: إنه "في مناطق قتال متعددة، أصبح فايرفلاي أداةً ثوريةً في دعم النجاح العملياتي، وحماية القوات، والتفوق التكتيكي في ساحة المعركة الحديثة.. مُختبر. موثوق. تكتيكي".
ويُذكر أن الشركة تأسست كمختبر لبحث وتطوير الأسلحة والتكنولوجيا في وزارة الحرب الإسرائيلية، وكانت تُسمى من قبل "سلطة تطوير الأسلحة"، وتشكل الأحرف الأولى للاسم بالعبرية كلمة "رافائيل".
وفي عام 2002، أصبحت شركة حكومية مستقلة، وهي تهتم بتطوير وإنتاج الأسلحة والتقنيات العسكرية والدفاعية لجيش الاحتلال، كما تسعى لتصدير منتجاتها العسكرية للخارج، وتخضع مشاريعها الحالية في تطوير الأسلحة للسرية.
ومن أشهر منتجاتها العسكرية نظام "القبة الحديدية" و"قبة الطائرات المُسيّرة" وصواريخ "سبايدر" ونظام "مقلاع داود" ونظام "تروفي" لحماية الدبابات الإسرائيلية.
وتكرر مصطلح "مُجرب ميدانيًا" على منتجات أخرى للشركة تشمل الأنظمة الاعتراضية، سواء تلك التي تستخدم الصواريخ أو الليزر.
وفي منشور على منصة "لينكد إن"، قالت الشركة: إنها أجرت "بنجاح تجربة ميدانية متقدمة لمحطة الأسلحة عن بُعد (RWS) تايفون 30 المُجرّبة في إسرائيل، وأظهر الاختبار قدرة النظام المُحسّنة على تحييد الطائرات المُسيّرة على مسافات مُختلفة، وأثبت قابليته للتكيّف على سطح معياري بطول 20 قدمًا".
وأضافت: "تستمر قدرات تايفون 30 المُجرّبة في القتال في تطوير قدرات أنظمة الدفاع الجوي المُسيّرة المُضادة للطائرات بدون طيار، مُعالجةً تحديات ساحة المعركة الحالية، وحماية الأصول الاستراتيجية، مع تقييمها المُستمر للتحسين والتكيّف بسهولة".
"سمارت شوتر"
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، نشرت شركة "سمارت شوتر - Smartshooter" الإسرائيلية الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع صورةً على منصة فيسبوك تُظهر ثلاثة جنود إسرائيليين يُصوبون بنادق هجومية نحو مبنى خرساني مُدمّر في مكان ما بقطاع غزة.
وجاء في التعليق: "صاروخ SMASH 3000 قيد التشغيل الآن مع القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي ضمن وحدة سايريت ماجلان، وهو ما أحدث نقلة نوعية في سيناريوهات القتال القريب".
وفي مقابلة نشرتها صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية الاقتصادية بعد هذا المنشور بشهر، وصف الرئيس التنفيذي للشركة، ميخال مور، حرب "إسرائيل" على غزة، التي أودت حينها بحياة ما يقرب من 30 ألف فلسطيني (الحصيلة وصلت الآن إلى 73 ألف شهيد)، بأنها "دفعة قوية للمبيعات.. هذه هي أفضل لحظات الصناعات الدفاعية".
ويجري ترويج المدافع الرشاشة الآلية، والأسلحة السيبرانية السرية، والطائرات الانتحارية المُسيَّرة، والدبابات المُعزَّزة بالذكاء الاصطناعي، على أنها أحدث التقنيات المُدرَّة للأرباح.
ومن بين الشركات الإسرائيلية التي حققت أعلى عوائد أسهم في نهاية عام 2023، شركات ناشئة تُسوِّق لأسلحة متطورة يستخدمها الجيش داخل غزة، نظرًا لأن التكنولوجيا العسكرية من الصناعات القليلة التي تزدهر في ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي.
ورصد باحثون عددًا من الشركات الصغيرة التي تُسوِّق لبضائعها على أنها مُجرَّبة في الحرب الحالية، وفي تصريح لمجلة "+972" الإسرائيلية، قال نعوم بيري، منسق الأبحاث في لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية "الكويكرز"، وهي منظمة مقرها الولايات المتحدة تتتبع الأسلحة المستخدمة في حرب "إسرائيل": "جُرِّبت أنظمة أسلحة جديدة متعددة لأول مرة في غزة".
وفي خضم احتجاجات غير مسبوقة في الخارج، وجلسات استماع كانت أمام محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية في غزة، التزمت شركات الأسلحة متعددة الجنسيات الصمت نسبيًا بشأن ضلوعها في الجرائم الإسرائيلية، بينما أكد بيري أن "شركات ناشئة إسرائيلية أصغر حجمًا، مثل سمارت شوتر، تخوض حملة علاقات عامة ضخمة للترويج لمنتجاتها".
بالنسبة للشركات الناشئة، يُتيح النطاق غير المسبوق ومدة الدمار فرصةً غير مسبوقة لبيع الأسلحة، بحسب ما أكد تقرير لموقع "
ذا واير".
إلبيت سيستمز
تزدحم صفحات شركة
الأسلحة الإسرائيلية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي بعبارات تفيد أن منتجاتها تم إثبات فعاليتها خلال المعارك، سواء تلك المتعلقة بالطائرات المُسيّرة أو أنظمة الاعتراض أو حتى ذخيرة المدفعية الثقيلة.
وتُنتج الشركة مسيّرات قتالية من طراز "هيرمس" بطرازيها 450 و900، التي تُستخدم بكثافة خلال الحروب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، سواء في عمليات المراقبة والتجسس أو القصف، وتروجها الشركة على أنها "مُجربة وناجحة ميدانيًا".
وتزود شركة إلبيت سيستمز 85 بالمئة من الطائرات بدون طيار والمعدات العسكرية الأرضية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب مجموعة واسعة من الذخائر والأسلحة المستخدمة حاليًا ضد سكان غزة المحاصرين.
وكان رئيس شركة إلبيت التنفيذي، بازاليل ماتشليس، قد قال إن "الجيش الإسرائيلي قدّم شكره للشركة على خدماتها الحاسمة"، وذلك خلال الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
وتأسست الشركة في "إسرائيل" عام 1966، كقسم داخلي في شركة "إيلرون" الإسرائيلية للصناعات الإلكترونية، ضمن مشروع مشترك مع معهد أبحاث وزارة الحرب الإسرائيلية، لصالح تصنيع حواسيب ومنتجات إلكترونية تحمل اسم "إلبيت".
وبعد ذلك، توسّع نشاط الشركة إلى مجالات عسكرية تشمل الدعم اللوجستي وأنظمة الاتصالات والملاحة لسلاح الجو الإسرائيلي، والعمل على تطوير تقنيات إلكترونية قتالية لصالح الطائرات الحربية، وأنظمة تحكم في دبابات "ميركافا 3".
وتُقدم "إلبيت" مجموعة واسعة من التقنيات والذخائر والعتاد العسكري والخدمات المباشرة لجيش الاحتلال، ما جعلها الشريك الأكبر ومزود الترسانة العسكرية. وشكلت مبيعاتها لـ "إسرائيل" 18 بالمئة من إيراداتها لعام 2021 بإجمالي 916.5 مليون دولار، بحسب ما جاء في تقرير لموقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي.
وتُزود "إلبيت سيستمز" جيش الاحتلال بطائرات مسيّرة باسم "سكايلارك - Skylark"، التي يستخدمها الاحتلال بشكل واسع في مراقبة المدن الفلسطينية وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتحلق على مدار الساعة في أجواء المدن والمخيمات الفلسطينية، خصوصًا في قطاع غزة.
وتُقدم الشركة أيضًا طائرات من طراز "Hermes 900 & Hermes 450" المُستخدمة في شن غارات عبر صواريخ موجهة من إنتاج شركة تكنولوجيا الأسلحة الإسرائيلية "رافائيل".
وفي شباط/ فبراير 2025، روجت الشركة عبر منصة "لينكد إن" لمنظمة "الرمح - SPEAR" الخاصة بها، قائلة: "يُعدّ الدفاع متعدد الطبقات أمرًا بالغ الأهمية لبقاء المنصات الجوية في ساحة معركة متغيرة باستمرار".
وأضافت: "استنادًا إلى مجموعة حلول SPEAR المُجرّبة في القتال، تُوفّر كبسولة AECM الخاصة بنا للمنصات الجوية حماية ذاتية قوية، بالإضافة إلى قدرات هجوم واستطلاع إلكترونية، مما يُشكّل طبقة دفاعية مهمة، ويُمكّن من نجاح المهام".
وأوضحت: "تُتيح تقنيات التشويش متعددة التهديدات التي تُقدّمها الكبسولة القدرة على التعامل مع تهديدات متعددة في آنٍ واحد، كما يُمكنها خداع أنظمة الدفاع الجوي للعدو وإخمادها، ويمكنها العمل بشكل مستقل أو كجزء من حزمة حرب إلكترونية متكاملة".
وعملت الشركة على ترويج زيادة إنتاجها لذخيرة المدفع "M339" من عيار 120مم متعددة الأغراض، وتصف الذخيرة بأنها "مُجرَّبة ميدانيًا"، إضافة إلى التباهي بمنظومة "اللسعة الحديدية - Iron Sting" ودورها في "تمكين إسرائيل من القتال في غزة".
وجاء في وصف هذه المقاطع أنها "تجارب ناجحة لنظام الهاون 'إيرون ستينج'"، وأنها "مجموعة من الحلول الجديدة والمُجرّبة في المعارك في مجالات المدفعية والحماية".
وفي تموز/ يوليو 2024، أعلنت الشركة أنها "حصلت على عقد بقيمة تقارب 190 مليون دولار أمريكي لتزويد وزارة الدفاع الإسرائيلية بذخيرة 'اللدغة الحديدية' المُوجهة".
وأضافت أن "هذا النظام، الذي سبق استخدامه في المعارك، يتمتع بالقدرة على ضرب وتدمير الأهداف بدقة على بُعد يصل إلى 10 كيلومترات، باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وتقنية التوجيه بالليزر"، وكان هذا الإعلان خلال حرب الإبادة المستمرة حتى الآن ضد قطاع غزة.