ملفات وتقارير

مالك "حنظلة" لـ"عربي21": نُبحر من أجل أطفال غزة وهدفنا كسر الحصار (فيديو)

مالك سفينة "حنظلة" أشار في مقابلته مع "عربي21" إلى أنهم يخوضون معركة إنسانية ضد الإبادة الجماعة في غزة- الأناضول
قال مالك سفينة "حنظلة" التابعة لأسطول الحرية، البروفيسور فرانك رومانو، إنهم يواصلون الاستعدادات النهائية للإبحار يوم الجمعة من ميناء "غاليبولي" جنوبي إيطاليا، باتجاه قطاع غزة، في رحلة تهدف إلى كسر الحصار وتقديم المساعدات الإنسانية الرمزية، وعلى وجه الخصوص، دعم أطفال القطاع المُحاصر.

وأضاف رومانو، وهو يقف على سطح سفينة "حنظلة" تحت شمس المتوسط، في تصريحات مصوّرة لـ "عربي21": "هذه الرحلة ليست من أجل السياسة، ولا من أجل الاستعراض. نحن نُبحر من أجل أطفال غزة. من أجل أولئك الذين فقدوا بيوتهم، مدارسهم، ألعابهم، وأصدقاءهم. هذه الرحلة مُخصصة لهم. إذا استطعنا أن نصل إليهم، ولو برسالة واحدة تقول إن هناك مَن يفكر بهم، فقد حققنا شيئا يستحق أن نخوض البحر من أجله".

وأشار إلى أن أمس الخميس كان مُخصصا لتنظيف وتجهيز القارب قبل انطلاقه المرتقب، مضيفا: "نحن الآن على السطح العلوي، نُطلّ على الميناء، ونعمل على تنظيف السفينة وتجهيزها للإبحار. هناك مَن يُجري صيانة للراديو الفضائي والرادار، ونتأهب للإبحار اليوم الجمعة".

وأوضح: "هدفنا هو فتح ممر إنساني نحو غزة. نريد أن نسلك مسار سفينة مادلين، ليس بالكامل، ولكن ضمن نفس الممر. لم نكن لنفعل ذلك لو أن حكوماتنا مارست ضغوطا حقيقية على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. لو توقفت هذه الإبادة، لما كان هناك داعٍ لوجود سفينة حنظلة من الأساس".


وخلال جولة ميدانية من داخل السفينة، عرّف رومانو بطاقم العمل: "هذا يعقوب، مؤثر رائع، يعمل معنا، وسوف يظهر قريبا في برنامج الإعلامي البريطاني بيرس مورغان. يجري حاليا مقابلة مع (الناشط) دانيل، وسيتحدثون عن أسطول الحرية".

وتابع: "كما ترون، علم فلسطين مرفوع بكل فخر في المقدمة، وهنا الحمايات الجانبية. لا يمكنني إظهار بعض الأجزاء بسبب طبيعة المحتويات، لكنها مليئة بالمعدات والمهملات التي نعمل على تنظيمها. نُجري الآن التحضيرات النهائية لرحلتنا، وهذا هو الصاري، وهناك من يعمل على تجهيز الراديو والرادار. نحن مستعدون لكل شيء".

"نخوض حربا بيروقراطية"

وتحدث رومانو عن تحديات قانونية وإدارية تواجه الرحلة، قائلا: "نخوض حاليا حربا بيروقراطية، وهي أصعب مراحل الرحلة. الحصول على إذن لمغادرة الميناء هو معركة بحد ذاته. لدينا التأمين والعلم، لكن الحصول عليهما لسفينة قديمة لم يكن سهلا. القوات الإسرائيلية قد تحاول إيجاد وسيلة لمنعنا من الإبحار، وهذا جزء من الحرب البيروقراطية".

واستطرد قائلا: "بمجرد مغادرتنا للميناء ودخولنا المياه الدولية، سنكون قد انتصرنا في هذه الحرب الأولى. لكننا نعلم أن تحديات جديدة تنتظرنا بمجرد دخول المياه الدولية، كما حدث مع سفينة مادلين قبل أسابيع قليلة".

وفي 9 حزيران/ يونيو الماضي استولى جيش الاحتلال الإسرائيلي على سفينة "مادلين" ضمن "أسطول الحرية" من المياه الدولية، بينما كانت في طريقها إلى قطاع غزة المُحاصر لنقل مساعدات إنسانية، واعتقل 12 ناشطا دوليا كانوا على متنها، ولاحقا رحّلت إسرائيل الناشطين شرط التعهد بعدم العودة إليها.

من قارب صيد إلى سفينة تضامن

وانتقل رومانو للحديث عن الطابق السفلي للسفينة: "نحن الآن في ميناء غاليبولي، في منطقة كالابريا، أقصى جنوب إيطاليا. في القسم السفلي هنا يعمل العديد من الأشخاص على تجهيز السفينة للإبحار. المكان مخصص للنوم، ويوجد حوالي سبعة أسرّة. السفينة كانت سابقا قارب صيد، حيث كانت تُحفظ الأسماك، لكننا حولناها إلى قارب ترفيهي يحمل طاقما ومتطوعين لهذه المهمة".

واستعرض أيضا مرافق الحياة اليومية على متن السفينة، قائلا: "نمر عبر سطح السفينة. هذا هو الحمام، وهو مجهّز بالكامل. ثم نتجه إلى غرفة الطعام. هنا، حيث نتناول وجباتنا، لكن لا يمكن تحضير أكثر من وجبة واحدة في الوقت ذاته. كما ترون، المتطوعون يعملون على تنظيفها، وغالبا ما تُسمى غرفة الفوضى بسبب ضيقها، لكنهم ينظمونها حاليا. هؤلاء المتطوعون الرائعون ينجزون كل شيء، رغم المزاح أحيانا بأنهم يتقاضون أجورا، وهم في الحقيقة متطوعون بالكامل ضمن أسطول الحرية".

وأكد مالك السفينة "حنظلة" أنه يشارك في المهام الفنية والإبحار، قائلا: "أنا أساعد في الملاحة، وأتولى أحيانا قيادة السفينة بدلا من قائد السفينة الرسمي براندن، ونتنقل حسب الحاجة".

وأردف: "لقد أتينا من ميناء سيراكيوز في إيطاليا، حيث أقمنا انطلاقة كبيرة، شارك فيها العديد من المناصرين لفلسطين. انتقلنا بعد ذلك إلى بوليا، ثم غاليبولي، حيث نلتحم الآن مع داعمين آخرين، قبل أن نُبحر إلى غزة يوم الجمعة".

وأشار مالك سفينة "حنظلة" إلى أن "الرحلة إلى غزة ليست مجرد تحرك بحري، بل معركة إنسانية ضد الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".

وأوضح أن ما يجري في القطاع "يتجاوز حدود الحصار"، مُشددا على أن العالم يشهد بصمت مأساة إنسانية مكتملة الأركان.

وأضاف: "نحن لا نواجه جيشا، بل نواجه حالة من اللامبالاة العالمية. نُبحر بسفينة متواضعة، لكننا نحمل رسالة قوية: لا يمكن القبول بإبادة شعب أعزل، ولا يمكن أن نظل واقفين بينما يُقتل الأطفال وتُهدم المدارس فوق رؤوسهم".

وختم رومانو حديثه بالقول: "هذا كل شيء في الوقت الحالي. ودّعوا سفينة حنظلة. نحن حاليا في طريقنا إلى غزة".

وستقل السفينة "حنظلة" نحو 20 شخصا من النشطاء المدافعين عن فلسطين، بينهم نائبتان في البرلمان الفرنسي، هما غابرييل كاتالا وإيما فورو من حزب "فرنسا الأبية".

وكانت السفينة "حنظلة" قد أبحرت في 13 من الشهر الجاري من ميناء "سرقوسة" في صقلية؛ وتجمع عشرات الأشخاص في الميناء، حاملين الأعلام الفلسطينية والكوفيات، ورافعين شعارات تطالب بالحرية لفلسطين.

وأخدت السفينة اسمها من شخصية "حنظلة" التي تعد أيقونة فلسطينية رمزية ابتكرها الفنان الكاريكاتيري الفلسطيني ناجي العلي عام 1969، وتُعتبر رمزا للصمود والمقاومة الفلسطينية.

يُجسد حنظلة طفلا في العاشرة من عمره، يقف مكتوف اليدين ويدير ظهره للعالم، معبرا عن رفضه للظلم والتطبيع مع الحلول السياسية التي لا تحقق العدالة للفلسطينيين.

استوحى ناجي العلي اسم "حنظلة" من نبات الحنظل الصحراوي المعمّر ذي الثمرة المرة والجذور العميقة، والذي يعاود النمو حتى لو قُطع، مما يرمز إلى صمود الشعب الفلسطيني وقوّته رغم المعاناة والتهجير.

يُمثل حنظلة الطفل اللاجئ الفلسطيني الذي غادر وطنه عام 1948 خلال النكبة، وهو في سن العاشرة، وهي السن التي كان عليها ناجي العلي حين هُجر.