صحافة دولية

صحيفة روسية تبدي قلقا من وصول هذا الصاروخ الأمريكي إلى يد الأوكرانيين

توماهوك من أنواع الصواريخ الجوالة- أ ف ب أرشيفية
توماهوك من أنواع الصواريخ الجوالة- أ ف ب أرشيفية
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا سلطت خلاله الضوء على خصائص صواريخ "توماهوك" وقدراتها القتالية التي قد تُحدث فارقاً في موازين القوة على جبهات القتال في أوكرانيا.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة الأمريكية تدرس توسيع نطاق مساعداتها العسكرية لأوكرانيا، مع إمكانية تزويدها بصواريخ من طراز "توماهوك"، التي تُعد من أبرز الأسلحة التي ميزت العمليات العسكرية الأمريكية في الخارج.

ما هي صواريخ توماهوك وكيف ظهرت؟

وذكرت أن صاروخ "توماهوك" الأمريكي يُعد من فئة الصواريخ المجنحة بعيدة المدى، وقد تم تطويره في أوج الحرب الباردة استجابة لاحتياجات الجيش الأمريكي. وانطلقت أبحاث تطوير هذا الصاروخ في سبعينيات القرن الماضي عبر شركة "جنرال ديناميكس"، بتكليف من البحرية الأمريكية.

اظهار أخبار متعلقة



وجاء تصميم "توماهوك" بهدف تزويد القوات الأمريكية بسلاح دقيق قادر على استهداف مواقع حيوية على اليابسة من مسافات بعيدة، مع ضمان بقاء منصات الإطلاق خارج نطاق أنظمة الدفاع الجوي التابعة للعدو، ما يتيح تنفيذ ضربات دقيقة دون تعريض القوات الأمريكية للمخاطر بشكل مباشر.

دخلت أولى نسخ صاروخ "توماهوك" الخدمة في 1983، ومنذ ذلك الحين خضع الصاروخ لسلسلة من التحديثات المستمرة التي عززت من مداه ودقته وقدرته على مقاومة أنظمة الحرب الإلكترونية.

وتتولى شركة "رايثيون" الأمريكية حالياً عمليات التصنيع، حيث تتميز الإصدارات الجديدة من الصاروخ بإمكانية إعادة برمجته أثناء التحضير للإطلاق، فضلاً عن قدرته على تغيير مساره أثناء الطيران وفقاً لمتغيرات الميدان.

ويُطلق صاروخ "توماهوك" من السفن الحربية والغواصات التابعة للبحرية الأمريكية وحلفاء الولايات المتحدة، ويعتمد الصاروخ على مسار طيران منخفض وقدرة على تتبع التضاريس الأرضية، ما يجعله أقل عرضة للرصد من الأنظمة الرادارية.

كما يتم توجيهه عبر نظام التموضع العالمي ونظام ملاحة داخلي، فيما يستخدم في المرحلة الأخيرة من الطيران مستشعرات بصرية متطورة لضمان إصابة الهدف بدقة متناهية.

مواصفات صاروخ توماهوك

ذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم حاليا نسخة "توماهوك بلوك 4"، وهي النسخة المعروفة أيضا باسم "صاروخ توماهوك التكتيكي"، أما النسخة الأحدث،  "توماهوك بلوك 5" فإنه يجري إدخالها تدريجياً في الخدمة.

يصل مدى صواريخ "توماهوك" إلى حوالي 1600 كيلومتر، وتشير بعض التقارير إلى أن النسخ الأحدث مثل "بلوك 4" قد يصل مداها إلى 2500 كيلومتر، إلا أن هذه المعلومات لم يتم التحقق منها رسميا، وفقا للصحيفة.

ويُتوقع أن تصل نسخة "بلوك 5" إلى مدى أبعد بفضل تحسينات في استهلاك الوقود وتقليل وزن الرأس الحربي.

وتبلغ سرعة الصاروخ حوالي 880 كيلومترا في الساعة، مما يجعله من فئة الصواريخ تحت الصوتية، وهو ما يمنحه القدرة على التحليق على ارتفاعات منخفضة مع تتبع تضاريس الأرض، ويصعب رصده بأنظمة الرادار.

في الغالب يحمل الصاروخ رأساً حربياً شديد الانفجار يزن نحو 450 كيلوغراما، كما تتوفر أنواع أخرى من الرؤوس الحربية تشمل الرؤوس العنقودية والخارقة للتحصينات، وقد تم سابقاً تطوير نسخ نووية من الصاروخ لكنها خرجت من الخدمة.

إلى جانب ذلك، يعتمد "توماهوك" على مزيج من أنظمة التوجيه المتقدمة التي تتيح له دقة عالية في إصابة الأهداف، وتشمل نظام تحديد المواقع العالمي، ونظام ملاحة ذاتي يواصل توجيه الصاروخ في حال تعرض إشارات نظام تحديد المواقع العالمي للتشويش، فضلا عن نظام مطابقة كفاف التضاريس.

وأضافت الصحيفة أن صاروخ "توماهوك" يتمتع بقدرات إطلاق متعددة، حيث يمكن إطلاقه من على متن السفن الحربية السطحية التابعة للبحرية الأمريكية ومن الغواصات النووية، كما أن هناك من الناحية النظرية إمكانية لإطلاقه من منصات برية في حال تطوير قواعد مناسبة لذلك.

وفيما يتعلق بمدى الطيران، يحلق الصاروخ على ارتفاع يتراوح بين 10 و50 مترا فوق سطح الأرض أو البحر، ما يمنحه قدرة عالية على التخفي عن أنظمة الرادار، إذ يتقدم نحو هدفه على ارتفاع منخفض.

تتميز النسختان الأخيرتان من "توماهوك" بإمكانية تلقي تحديثات للمعلومات عن الهدف أثناء التحليق، بما في ذلك القدرة على تغيير مسار الصاروخ أو إلغاء الضربة كليا في حال تبين أن الهدف مدني أو لم يعد يشكل أهمية استراتيجية.

النسخة الأحدث

يعدّ "بلوك 5" النسخة الأحدث من صاروخ "توماهوك"، وقد تم تطويره خصيصاً لتعزيز قدرات الصاروخ في الحروب البحرية والتعامل مع الأهداف المتحركة.

وتمتلك هذه النسخة قدرة على إصابة السفن المعادية حتى أثناء تغيير مسارها، بالإضافة إلى تعزيز مقاومة الصاروخ لمحاولات التشويش الإلكتروني.

كما تم تزويد النسخة الجديدة بقدرة على حمل وحدات متنوعة من الرؤوس الحربية، بما في ذلك الرؤوس الحربية الخارقة للتحصينات والمصممة خصيصا لاستهداف المنشآت المحصنة و المخابئ تحت الأرض، وهو ما يوسع من نطاق استخدام الصاروخ في العمليات العسكرية ضد أهداف استراتيجية عالية التحصين.

الدول التي تمتلك صواريخ توماهوك

أفادت الصحيفة أن صواريخ "توماهوك" تُعد جزءًا من منظومات التسليح لدى عدد محدود من الدول، مع استمرار الولايات المتحدة في فرض رقابة مشددة على إنتاجها وتصديرها. وتقوم شركة "رايثيون" الأمريكية بتصنيع وتصدير هذه الصواريخ بموجب ترخيص رسمي وبإشراف مباشر من وزارة الدفاع الأمريكية.

تعد الولايات المتحدة المشغل الرئيسي والأكبر لصواريخ "توماهوك" منذ دخولها الخدمة سنة 1983، حيث تعتمد عليها البحرية الأمريكية في الإطلاق من السفن الحربية والغواصات النووية. وتمتلك الولايات المتحدة حالياً أكثر من 4 آلاف صاروخ في الخدمة الفعلية.

وقد حصلت البحرية الملكية البريطانية على نحو 65 صاروخا من طراز "بلوك 3" في 1995 و2001، ثم تبعتها صفقة أخرى تضمنت 65 صاروخا من "بلوك 4" الذي يخضع حالياً لعملية تحديث ليتحول إلى "بلوك 5".

بعض هذه الصواريخ التي اشترتها المملكة المتحدة تم تثبيتها على متن غواصات نووية من طراز "أستوت"، وقد سبق استخدامها في عمليات عسكرية في 2001 و2011.

وفي أيلول/ سبتمبر 2021، وافقت الحكومة الأسترالية على شراء 200 صاروخ "بلوك 5" و20 صاروخ "بلوك 4" في صفقة قُدرت قيمتها بنحو 895 مليون دولار أمريكي. وفي كانون الثاني/ ديسمبر 2024، نجحت البحرية الأسترالية في إجراء أول تجربة إطلاق لصاروخ "توماهوك" من مدمرة حربية من فئة "هوبارت".

ووقعت اليابان في كانون الثاني/ يناير 2024 عقداً لشراء 400 صاروخ "توماهوك" موزعة بالتساوي بين نسختي "بلوك 4" و"بلوك 5"، بقيمة تقارب 1.7 مليار دولار أمريكي. وبدأت عمليات التسليم في السنة المالية 2025، بينما انطلقت تدريبات الأطقم اليابانية على تشغيل المنظومة في آذار/ مارس 2024.

وأشارت الصحيفة إلى امتلاك صواريخ "توماهوك" مازال حكرا على أقرب حلفاء الولايات المتحدة نظراً لحساسيته الاستراتيجية وتكلفته العالية وقدراته الهجومية بعيدة المدى، حيث يستطيع حمل رأس حربي ثقيل لمسافة تتجاوز ألف كيلومتر.

صراعات شهدت استخدام توماهوك

لفتت الصحيفة إلى أن صواريخ "توماهوك" أضحت بمثابة "البصمة العسكرية" المميزة للولايات المتحدة في عملياتها الخارجية، إذ غالباً ما تعتمد عليها واشنطن في المراحل الأولى من النزاعات لشل قدرات الدفاع الجوي للعدو واستهداف مراكز القيادة والمطارات العسكرية ومستودعات الذخيرة ومرافق الاتصالات.

وخلال العقود الأخيرة، سجلت هذه الصواريخ حضورا بارزا في معظم الحملات العسكرية الكبرى التي شنتها الولايات المتحدة.

خلال عملية "عاصفة الصحراء" سنة 1991، أجرت واشنطن  أول اختبار قتالي واسع النطاق لصواريخ "توماهوك"، إذ أُطلقت مئات الصواريخ من السفن الأمريكية في الخليج العربي لاستهداف المنشآت العسكرية العراقية في بداية الحرب.

اظهار أخبار متعلقة



وفي 2001، خلال الساعات الأولى من العملية ضد حركة "طالبان"، استُخدمت صواريخ "توماهوك" لضرب مواقع المسلحين والبنية التحتية التابعة لهم، وأُطلقت الصواريخ من غواصات في بحر العرب.

وفي 2003، شهد الغزو الأمريكي للعراق استخدامًا مكثفًا لصواريخ "توماهوك" التي استهدفت مبانٍ حكومية ومستودعات أسلحة ومحطات رادار ومراكز قيادة، وأُطلق أكثر من 400 صاروخ خلال 24 ساعة.

وفي 2011، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها باستخدام صواريخ "توماهوك" لاستهداف دفاعات نظام معمر القذافي الجوية، مما مهد الطريق لطيران الناتو بعد تحييد أنظمة الدفاع الجوي وأجهزة الإنذار المبكر.

وفي 2017، أطلقت مدمّرة أمريكية 59 صاروخًا من طراز "توماهوك" على سوريا ردًا على هجوم كيميائي في خان شيخون، مستهدفة مطارات ومستودعات ومراكز أبحاث تابعة للنظام السوري. وفي 2018، نفذت الولايات المتحدة بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا ضربة مماثلة استهدفت منشآت عسكرية سورية.

هل تحصل أوكرانيا على صواريخ توماهوك؟

فيما يتعلق باحتمالات حصول أوكرانيا على هذا النوع من الصواريخ، ترى الصحيفة أن ذلك يبقى ممكنا من الناحية النظرية، لكن التنفيذ يحتاج إلى قرار سياسي أمريكي، بالإضافة إلى ضرورة توافر البنية التحتية الملائمة، سواء من حيث السفن الحربية المجهزة بأنظمة الإطلاق المناسبة أو عبر إنشاء منصات برية قادرة على استيعاب هذه الصواريخ.

وتضيف الصحيفة أن تشغيل هذه المنظومة يتطلب تجهيزات فنية معقدة تشمل وجود طواقم مدربة وأنظمة توجيه متطورة ودعما عبر الأقمار الصناعية.

وفي ضوء هذه المعطيات، لا توجد -حسب الصحيفة- أي خطط رسمية حاليا أو تصريحات أمريكية بشأن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك".

واعتبرت الصحيفة أن تزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك" قد يؤدي عمليا إلى تصعيد خطير للنزاع مع روسيا.
التعليقات (0)