كشف تقرير نشره
موقع ميدل إيست آي أن مسؤولين أتراكاً وإسرائيليين أجروا محادثات سرية في العاصمة الأذربيجانية باكو خلال نيسان/أبريل الماضي، ركزت على التنسيق في الملف السوري وسط تصاعد الغارات الجوية التي ينفذها
الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.
ووفقاً للتقرير الذي أعده مراسل الموقع في أنقرة، راغب صويلو، فإن الاجتماع شهد أجواءً "ودية على نحو غير متوقع"، وتوصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي على إنشاء خط اتصال ساخن لتفادي الحوادث، خاصة أن كلا الجانبين لديهما طائرات ومسيرات تنشط في الأجواء السورية.
أشار التقرير إلى أن تراجع الوجود الإيراني في بعض المناطق السورية فتح الباب أمام أنقرة وتل أبيب لمحاولة تحقيق مصالح متقاطعة، رغم التناقضات العميقة بين الطرفين، خاصة مع دعم
تركيا للقيادة السورية الجديدة.
في السياق ذاته، أوضح الموقع أن الاحتلال الإسرائيلي كان يشعر بالقلق من نية تركيا نشر رادارات ومنظومات دفاع جوي متطورة في قاعدة T-4 الجوية وسط سوريا، وهو ما قد يؤدي إلى كشف الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية أو سورية، أو حتى منعها تماماً. ولهذا السبب، ناقش الجانبان آلية لتقاسم المعلومات، وأشرك الأتراك أيضاً حلفاءهم السوريين في هذه التفاهمات، التي أفضت إلى التزام دمشق بعدم نشر قوات في مناطق جنوب سوريا.
ورغم التفاهمات الأولية، إلا أن التوتر عاد ليظهر مجدداً بعد الاشتباكات التي اندلعت بين ميليشيات
الدروز والبدو في محافظة
السويداء، قبل نشر الجيش السوري قواته في السويداء ما دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ عدوان وحشي على دمشق بحجة "حماية الدروز".
وضعت هذه التطورات تركيا في موقف حرج، مع نفوذ محدود لا يتجاوز حث واشنطن على الضغط لوقف التصعيد، بحسب "ميدل إيست آي".
رسائل استخباراتية تركية للاحتلال
ونقل التقرير عن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قوله إن بلاده نقلت وجهات نظرها بشأن أزمة السويداء إلى الاحتلال الإسرائيلي عبر "قنوات استخباراتية"، في مؤشر على استمرار التواصل المباشر بين الطرفين رغم الخلافات.
ورغم الضغوط الداخلية، بما في ذلك دعوات على منصات التواصل الاجتماعي تطالب أنقرة باستخدام أنظمة الدفاع الجوي لردع الغارات الإسرائيلية، إلا أن الحكومة التركية تتجنب المواجهة المباشرة، وتخشى من تحويل سوريا إلى ساحة صراع جديدة بعد أكثر من عقد من الحرب.
ويخشى المسؤولون الأتراك، وفق التقرير، من أن يؤدي التصعيد العسكري إلى إحباط مساعي إعادة إعمار سوريا، وتعطيل خطط جذب الاستثمار الأجنبي إلى البلدين، خصوصاً في ظل الحاجة التركية الماسة لرؤوس الأموال.
أنقرة: لا نريد تكرار أخطاء طهران
ترى أنقرة أن الاحتلال الإسرائيلي يوظف التوترات العسكرية لتحقيق "أجندة توسعية"، وهي تسعى لتجنب الوقوع في نفس الفخ الذي وقعت فيه إيران حين سعت للهيمنة عبر دعم النظام السوري.
وتؤكد تركيا أن سياستها تهدف إلى الحفاظ على شرعية الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، لا فرض النفوذ، بحسب التقرير.
ويضيف التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي أوضح صراحة لمحادثيه الأتراك اعتقاده بضرورة تقسيم سوريا، وهو طرح ترفضه أنقرة وتراه تهديداً للاستقرار الإقليمي.
وفيما يتعلق بالخيارات العسكرية، أشار الخبير الدفاعي يوسف أكبابا في تصريح للموقع إلى أن الجيش التركي لا يملك حالياً القدرات الكافية لحماية المجال الجوي السوري، ولا حتى حماية مجاله الداخلي.
وأضاف أن دولاً مثل السعودية والإمارات وقطر تمتلك مخزونات أفضل من الدفاعات الجوية مقارنة بتركيا.
ورغم امتلاك أنقرة لأنظمة "حصار" محلية قصيرة ومتوسطة المدى، إلا أن أعدادها محدودة، كما لا تزال صفقات تحديث أسطول مقاتلات "إف-16" متعثرة، في حين تعارض واشنطن بشدة أي محاولة تركية لنشر صواريخ "إس-400" الروسية في سوريا.
اظهار أخبار متعلقة
لا رغبة بإنشاء قواعد جديدة في سوريا
ورغم تكرار الزيارات العسكرية التركية إلى دمشق، إلا أن التقرير يؤكد أن لا حماسة لدى أنقرة لإنشاء قواعد دائمة في سوريا. كما أن حكومة الشرع لم تنجح حتى الآن في إنشاء برلمان مؤقت يسمح لها بتوقيع اتفاقيات أمنية مع الخارج، بحسب ما ينص عليه الدستور السوري المؤقت.
وفي ختام التقرير، نقل الموقع عن الوزير فيدان تحذيره من خطورة الوضع، قائلاً: "هذا وضع خطير للغاية، ليس فقط على المنطقة، بل على الاحتلال الإسرائيلي أيضاً".
وأضاف: "يجب على المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، أن يُظهروا بعض الحساسية ويضعوا حداً للاحتلال الإسرائيلي. وإلا، فمن المؤكد أن عواقب وخيمة ستظهر في المنطقة".