صحافة دولية

كيف أذل بوتين ترامب؟.. هذا سر التحول المفاجئ في لهجته تجاه روسيا

ترامب هاجم بوتين ضمنيا خلال الأيام الماضية- الأناضول
ترامب هاجم بوتين ضمنيا خلال الأيام الماضية- الأناضول
نشرت مجلة "ذي أتلانتك" تقريرا يناقش كيف انتقلت لهجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه روسيا من التودد إلى التصعيد، إثر إحباطه المتزايد من تجاهل فلاديمير بوتين لمحاولاته لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن احترام ترامب للزعيم الاستبدادي الروسي كان أحد أكثر الحبكات الجيوسياسية الفرعية ديمومة في العقد الماضي، لكن إحباطه تزايد تجاه بوتين، ففي الأسبوع الماضي، قال الرئيس إن الولايات المتحدة تتلقى "الكثير من الهراء" من بوتين.

واليوم، أذن بشحن شحنة كبيرة من الأسلحة الدفاعية الأمريكية إلى أوكرانيا عبر حلف شمال الأطلسي، وهدد روسيا بفرض رسوم جمركية جديدة إذا لم تنته الحرب في غضون 50 يومًا.

ومع ذلك، فإن هذا التغيير وفق المجلة، لا يعكس تبني ترامب رؤية إستراتيجية جديدة للعالم، بحسب مسؤولين في البيت الأبيض ومستشارين خارجيين للرئيس، فلم يصبح ترامب مولعًا بأوكرانيا أو برئيسها فولوديمير زيلينسكي، ولا بالتحالفات التقليدية عبر الأطلسي التي كان أسلافه يقدرونها كثقل موازن لموسكو، بل على العكس، تعرض ترامب للإهانة.

اظهار أخبار متعلقة



وأضافت المجلة، أنه من خلال تجاهل مناشدات ترامب لإنهاء الحرب وتصعيد القتال جعل بوتين ترامب يبدو وكأنه الشريك الأصغر في العلاقة؛ فقد جاء ترامب إلى منصبه معتقدًا أن بإمكانه التوصل إلى هدنة دائمة بين أوكرانيا وروسيا في غضون 24 ساعة، معتمدا على علاقته مع بوتين التي اعتبرها جيدة. وعلى مدى شهور، انحاز إلى حد كبير إلى موسكو في حربها ضد أوكرانيا، مهددًا بالتخلي عن كييف.

ووبخ ترامب زيلينسكي في المكتب البيضاوي في شباط/ فبراير، وتوقف لفترة وجيزة عن مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، وكان يعتقد أن بإمكانه، بالإضافة إلى العمل مع نظيره الروسي لإنهاء الحرب، إعادة ضبط العلاقات وإقامة علاقات اقتصادية جديدة بين البلدين. 

وأوضحت أن بوتين رفض الدعوات الأمريكية المتكررة لوقف هجماته، ولم تسفر محادثات روسيا مع مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، عن أي نتيجة، فسحب ترامب جهوده الدبلوماسية.

وفي الأسابيع الأخيرة، ازداد غضب ترامب من بوتين وأنهى توقفا قصيرا من جانب البنتاغون في إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، وفي الوقت نفسه، عمل زيلينسكي على إصلاح علاقته مع ترامب ووافق على اقتراح أمريكي لوقف إطلاق النار.

وعلى حد تعبير ترامب نفسه، بدأ بوتين "يستغله" من خلال رفض نفس الصفقة مع إطلاق العنان لبعض أكبر عمليات القصف في الحرب، وقد تحدث ترامب وبوتين ست مرات في الأشهر الستة الماضية، وقد ازداد إحباط ترامب بشكل مطرد، وقد أخبر مستشاريه هذا الربيع أنه بدأ يعتقد أن بوتين لا يريد أن تنتهي الحرب، وهو تقييم توصلت إليه وكالات الاستخبارات الأمريكية منذ أكثر من سنة وفق التقرير.

وأشارت المجلة إلى أنه عندما كثف ترامب مؤخرًا دعواته لوقف إطلاق النار، اختار بوتين تحديه بتصعيد الهجمات على أوكرانيا مجددًا. وقد انزعج الرئيس من مكالمته الأخيرة مع بوتين، والتي كرر فيها الزعيم الروسي هدفه "بتحرير" الأراضي الأوكرانية التي يعتقد أنها تابعة لروسيا.

ولا يزال خط المواجهة في الصراع مجمدًا إلى حد كبير، ومع استمرار بوتين في تجاهل مناشداته للتوصل إلى اتفاق، شعر ترامب بالإهانة خوفًا من أن يبدو ضعيفًا، وفقًا لأحد المسؤولين وأحد المستشارين الخارجيين.

وأعلن ترامب اليوم أنه سيُجيز إرسال عدد من الأسلحة الأمريكية إلى ساحة المعركة، بما في ذلك ما يصل إلى 17 بطارية صواريخ باتريوت، ما سيعزز بشكل كبير قدرة أوكرانيا على إسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة الروسية القادمة، ويُعدّ الحصول على 17 بطارية مهمة شاقة؛ فلم تُقدّم الولايات المتحدة حتى الآن سوى بطاريتين من هذا النوع خلال ثلاث سنوات من الحرب، لكن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس صرّح بأن أوكرانيا لن تستلم هذه الأنظمة على الأرجح قبل أشهر.

وأكدت المجلة أن الإجراءات المُعلنة اليوم لن تغير المسار العام للحرب، وهي أقل مما كان يأمل البعض أن يُقره ترامب، لكنها قد تُضعف زخم روسيا في الصراع، وبالتالي رغبتها في إطالة أمد الحرب.

كما قدمت هذه الخطوات تطمينات لأوكرانيا وأوروبا بأن واشنطن لا تزال شريكة في معركتهما، وقد أفادت أكسيوس أن ترامب قد يرسل أيضًا بعض الأسلحة الهجومية بعيدة المدى إلى أوكرانيا، لكن الرئيس لم يذكر ذلك اليوم.

اظهار أخبار متعلقة



ومنذ يوم التنصيب، ضغط معسكران متنافسان على ترامب بشأن أوكرانيا وروسيا. فقد دفع الانعزاليون مثل نائب الرئيس ج. د. فانس وستيف بانون، مستشار ترامب منذ فترة طويلة، الرئيس إلى الابتعاد عن كييف؛ بينما دفع الجمهوريون الأكثر تقليدية، بمن فيهم السيناتور ليندسي غراهام وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون، ترامب ليكون أكثر صرامة مع موسكو. 

أما الأشخاص الذين كانوا ينتقدون ولاء الرئيس لموسكو فقد أشادوا بتحركاته الأخيرة، وقال غاري كاسباروف"، الناشط السياسي الروسي وأستاذ الشطرنج الكبير: "يمكن لترامب أن يتخذ قرارًا قويًا جدًا لمساعدة أوكرانيا، ليس لأنه يهتم بأوكرانيا، بل لأنه يبدو مهانًا" بحسب المجلة.

وهناك محاذير بما أن الأمر يتعلق بترامب، فحقيقة أن الولايات المتحدة لا ترسل الأسلحة مباشرة إلى أوكرانيا تتيح لترامب مساحة أكبر للمناورة مع الأعضاء الانعزاليين في تحالفه، كما أن الكثير من قاعدة ترامب - والعديد من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين - يعارضون بشدة التشريعات التي من شأنها إرسال مساعدات عسكرية أو مالية إضافية إلى كييف، وسيؤدي عدم اليقين هذا إلى تعقيد كيفية تخطيط زيلينسكي وأوروبا للدفاع عن أوكرانيا في المستقبل.

وقد رفض ترامب أيضًا دعم مشروع قانون مشترك بين الحزبين يفرض عقوبات جديدة صارمة على روسيا، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 500 بالمئة على الدول التي تتعامل تجاريًا مع موسكو، وقد صرّح غراهام، أحد رعاة مشروع القانون، والذي يحظى بأكثر من 80 مؤيدًا في مجلس الشيوخ، مرارًا وتكرارًا في الأيام الأخيرة بأن ترامب مستعد لدعمه.

وبين أن مستشاري البيت الأبيض أشاروا الأسبوع الماضي إلى أن ترامب ليس مستعدًا بعد لاتخاذ هذه الخطوة، ويعود ذلك جزئيًا إلى خوفه من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الطاقة أو إثارة غضب دول، بما في ذلك الصين والهند، في محاولته التفاوض على اتفاقيات تجارية منفصلة معهما، أما الرسوم الجمركية الثانوية التي اقترحها ترامب اليوم، إذا لم يوافق بوتين على وقف إطلاق النار بعد مهلة 50 يومًا التي حددها ترامب، فستكون أقل بكثير.

وختمت المجلة تقريرها بأن ترامب تلقى أسئلة من الصحفيين في المكتب البيضاوي، وبدا عليه الإحباط بشكل واضح عندما سُئل عن حالة الصراع، لكنه رفض الإجابة عندما سُئل عما سيفعله إذا صعّد بوتين العنف أكثر. 
التعليقات (0)