ينتهج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين
نتنياهو سياسة المماطلة في حسم ملفات مهمة، كمستقبل الحرب في قطاع
غزة، وسط تساؤلات عن مدى علاقة هذا التسويف، في منح حكومته الائتلافية الهشة مزيدا من الوقت أمام سيل التهديدات الداخلية.
ويسعى نتنياهو إلى كسب المزيد من الوقت لتحقيق أهدافه السياسية الداخلية، خاصة في ظل الضغوط التي يواجهها من المعارضة وأعضاء حكومته اليمينية المتشددة، ويبزر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كأحد أهم الأمثلة على
سياسة المماطلة.
وعلى الجانب الآخر أيضا، يبدو واضحا مماطلة نتنياهو في إقرار قانون إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، رغم الضغوط الهائلة التي تمارسها أحزاب اليمن، خصوصا "شاس" و"يهدوت هتوراه" اللذان يضغطان على نتنياهو وحزبه "الليكود" للقبول بالصيغة التي يطرحونها لمشروع قانون التجنيد المثير للجدل.
ماذا ينتظر نتنياهو إذا؟
يحاول نتنياهو الاحتماء بإجازة
الكنيست الطويلة نسبيا، للمحافظة على ائتلافه الحكومي من التفكك، حيث يُمكن لغياب جلسات الكنيست أن يُخفف الضغوط السياسية والتشريعية عليه، مما يسمح له بالمناورة بحرية أكبر دون الحاجة إلى مواجهة قرارات أو نقاشات داخلية قد تعيق خططه.
ومع دخول الكنيست إجازته الصيفية التي تبدأ في الـ24 من الشهر الجاري وتستمر نحو ثلاثة أشهر، يتحلل نتنياهو من الضغوط التي تمارسها أحزاب الائتلاف في حكومته، خصوصا حزبي الوزيرين المتطرفين، ايتمار بن غفير، وبتسيئيل سموترتيتس، واللذان يهددان بحل الحكومة، حال موافقة نتنياهو على وقف لإطلاق النار في غزة.
ما هي خطة نتنياهو السرية؟
يدير نتنياهو خطة وجدول أعمال سياسي "محكم"، في محاولة لمزامنة التطورات الجارية داخليا وخارجيا، مع الفرص المتاحة للإفلات من ضغوط أحزاب الائتلاف.
وكشفت صحيفة "
معاريف" العبرية مؤخرا عما وصفته بـ"خطة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو السرية للبقاء" حتى دخول الكنيست في عطلته الصيفية التي لا يمكن خلالها إسقاط حكومته.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في حزب الليكود قوله إن نتنياهو يدير جدولا سياسيا مدروسا، وهو الآن بصدد شراء الوقت لضمان بقاء الحكومة.
وبحسب ذلك المسؤول فإن التهديد لوجود الحكومة في الوقت الراهن قد يأتي من جانبين: الجانب الأول هو الحريديم وقانون التجنيد.
أما الجناح الثاني الذي يهدد بقاء الحكومة فهو الأحزاب اليمينية التي تطالب باحتلال القطاع وتعارض اتفاقاً مع حركة حماس يفرض على "إسرائيل" وقف الحرب.
وبحسب المسؤول السياسي الكبير، فإن نتنياهو يدرك أنه بحاجة إلى الصمود حتى انتهاء الدورة الربيعية للكنيست والدخول إلى إجازة صيفية طويلة تبدأ في 24 تموز/ يوليو، سيدخل الكنيست في عطلته الصيفية الطويلة وسيعود بعد العطلات.
خلال فترة العطلة، بحسب الشخصية السياسية، من المستحيل الإطاحة بالحكومة، وبعبارة أخرى، هذه هي الفرصة المتاحة أمام نتنياهو للتوصل إلى اتفاق دون تعريض سلامة الحكومة للخطر.
نتنياهو ليس جادا في الاتفاق مع حماس
في المقابل، يعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، محمود يزبك في حديث خاص لـ"عربي21" أن المتفائلين فقط هم من يذهبون إلى القول بأن نتنياهو يقع تحت ضغط اليمين، ويريد أن يصل إلى إجازة الكنيست قد يأخذ نفسا عميقا ويعيد ترتيب أوراقه السياسية.
ويؤكد يزبك أن الوضع الحالي في "إسرائيل" يعكس واقعًا معقدًا ومليئًا بالتحديات، حيث يبدو أن نتنياهو يماطل في التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس، معتمدًا على استراتيجية كسب الوقت حتى دخول الكنيست في إجازته الصيفية.
وهذه المماطلة قد تمنحه فرصة لحماية حكومته من أي محاولات لإسقاطها خلال فترة الإجازة، حيث لا يمكن تقديم أي مشاريع قوانين للتصويت عليها أو اتخاذ قرارات مهمة في الكنيست خلال هذه الفترة.
لكن هذه الاستراتيجية ليست خالية من المخاطر، وفق يزبك، فكثير من المحللين يرون أن نتنياهو، المعروف بميوله اليمينية المتشددة، ليس جادًا في التوصل إلى اتفاق مع حماس، بل يسعى إلى إطالة أمد الصراع واستغلاله سياسيًا.
ويقول يزبك، إن المتشائمين، يعتقدون أن نتنياهو لا يربط خططه بالعطلة الصيفية للكنيست، وقد يمر الوقت فعلا دون التوصل إلى اتفاق، بل لا يسعى إلى الوصول إلى اتفاق مع حماس أصلا، وإنما يريد أن يشغل الجيش بقضية القضاء على حماس، وإذا نجح في ذلك -وهذا مستبعد-، فسيقدم نتنياهو نفسه على أنه "البطل الأهم في تاريخ إسرائيل". وهذا سيمنحه دخولا مريحا للانتخابات القادمة.