قضايا وآراء

متى ينتهي العدوان على غزة؟

"على غزة الحقد مستمر"- جيتي
كل الحروب على البقاع توقفت إلا اللظى في غزتي متأجج"، ما سبق هو بيت الشعر أرسله لي أحد أصدقائي رسالة صباحية، ومضمونه أمنية جميلة، وسؤالٌ مشروعٌ يبحثُ كثيرون له عن إجابة، خاصة لمن ذاقوا مرارة الفقد والنزوح والدمار بكل تفاصيلها والتي هي غنية عن الشرح.

منذ بدء العدوان على غزة امتد الحقد الصهيوني لبلاد عربية وإسلامية وأحدث فيها من القتل والدمار الشيء الكثير، وهذا الحقد توقف ولو شكليا، إلا على غزة، فالحقد مستمر.

وبالعودة للعنوان "متى ينتهي العدوان على غزة؟"، شخصيا أرى أن الإجابة عن السؤال تحددها الإجابة عن الأسئلة الآتية:

1- ما مدى الأذى الذي يلحق بالجمهور الصهيوني داخل وخارج الكيان من استمرار العدوان؟

منذ بدء العدوان على غزة امتد الحقد الصهيوني لبلاد عربية وإسلامية وأحدث فيها من القتل والدمار الشيء الكثير، وهذا الحقد توقف ولو شكليا، إلا على غزة، فالحقد مستمر

2- ما مدى توفر الرغبة عند أمريكا وأوروبا الرسمية لإنهاء العدوان؟

3- ما مدى توفر الرغبة عند الأنظمة العربية والاسلامية الرسمية لإنهاء العدوان؟

أما الأول، فالأذى الذي يلحق بالجمهور الصهيوني من استمرار العدوان على غزة، هو أذى بسيط من ناحية مادية، لكن أثره المعنوي أكبر، على اعتبار أن غزة البقعة الجغرافية الصغيرة تنغص على الجمهور الصهيوني معيشتهم.

أما فيما يتعلق بالأذى الذي يلحق بالجمهور الصهيوني خارج الكيان، صحيح أن بعض الدول أصدرت قرارات قضائية لملاحقة القادة والجنود الإسرائيليين المشاركين في الإبادة الجماعية بغزة، إلا أن هذه الملاحقات لم ترق لتحقيق المطلوب ولم تقتص لدماء أهل غزة، بحكم تنفذ شخصيات نافذة في مؤسسات صناعة القرار في كثير من الدول الغربية وأمريكا، تمنع تنفيذها.

أما عن توفر الرغبة عند أمريكا وأوروبا الرسمية لإنهاء العدوان، فهي رغبة شكلية واستهلاك إعلامي قذر يهدف لامتصاص غضب الجمهور الغربي الذي انتفض نصرة لغزة، بدليل استمرار الدعم السياسي والإعلامي والدبلوماسي والعسكري للكيان رغم التصريحات الغربية الداعية لوقف العدوان.

ما يدور الآن عن رغبة البيت الأبيض بوقف الحرب بغزة هي مسرحية تهدف لتبريد الساحة الشعبية الدولية من أجل تمرير زيارة نتنياهو لأمريكا بهدوء، ولو كانت أمريكا جادة لأجبرت نتنياهو على الالتزام بما جاء في هدنة كانون الثاني/ يناير،

صحيح أن بعض الدول الأوروبية اتخذت قراراتٍ قوية وداعمة لوقف العدوان، لكنها في قرارة نفسها لن تكون ملكية أكثر من الملك نفسه، والذي هو بنظرها الدول العربية والإسلامية. وهنا مكمن الإجابة على السؤال الثالث، فالدول العربية تقف موقفا ضعيفا جدا، ومتساوقا سرا وبعضه صار علنا، ضد وقف العدوان على غزة، وتمنع شعوبها من التضامن مع غزة.

السؤال الجوهري متى ينتهي العدوان؟

في قراءة لشخصية نتنياهو، فإنه لن يقبل بهزيمة مشروعه مهما كلف الثمن، حتى لو ضحى بالمزيد من جنوده في وحل غزة، ولو ضحى بكل أسراه الذين يتذرع باستمرار العدوان من أجل تحريرهم. ويمكن القول بأن الإسرائيليين الذين يتظاهرون لإنهاء العدوان على غزة تأثيرهم ضعيف حتى الآن، وحقيقة تحركهم تنبع من حرصهم على استعادة الأسرى أكثر مما هي وقف العدوان.

إن ما يدور الآن عن رغبة البيت الأبيض بوقف الحرب بغزة هي مسرحية تهدف لتبريد الساحة الشعبية الدولية من أجل تمرير زيارة نتنياهو لأمريكا بهدوء، ولو كانت أمريكا جادة لأجبرت نتنياهو على الالتزام بما جاء في هدنة كانون الثاني/ يناير، ولو دققنا في طريقة إدارة ترامب لموضوع غزة فإنه يحدد سقفا زمنيا لأي فكرة يرغب بتحقيقها ويفرضها على المعنين، ويطلب من الوسطاء التدخل لإنجاز المهمة في الوقت المحدد، فيعمل الجميع على الالتزام، دون أن تكون المفاوضات أخذت وقتها، خاصة إن دخل على خط الشروط شرط جديد، فهنا يتم إرباك العدو الذي هو "غزة" من خلال ضخ أخبار مسمومة عن قرب التوصل للحل، وأن الكرة في ملعب حماس من أجل خلق حالة ضغط شعبي على حماس للموافقة على شروط إسرائيل.

لكننا نثق بقول الله عز وجل: "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: 30).

(كاتب ومدون من غزة)