أقدمت السلطات
السعودية،
الخميس على تنفيذ حكم الإعدام بحق القاصر
جلال لباد بعد محاكمة وصفتها منظمات حقوقية
بأنها افتقرت إلى أدنى معايير العدالة، واعتمدت بشكل أساسي على اعترافات انتزعت تحت
وطأة التعذيب.
وأكدت
المنظمة الأوروبية
السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) أن ما جرى يمثل جريمة مكتملة الأركان، ويعكس
إصرار الرياض على تجاهل التزاماتها الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل.
وأكدت المنظمة أن قوات
الأمن السعودية قد اعتقلت لباد في شباط/ فبراير 2017، خلال مداهمة منزله في مدينة
العوامية دون مذكرة قضائية، ومنذ اللحظة الأولى، تعرض لانتهاكات جسيمة شملت العزل الانفرادي
لما يقارب عشرة أشهر، والحرمان من حق الدفاع، بالإضافة إلى تعذيب وحشي تراوح بين الصعق
الكهربائي والضرب المبرح والإيهام بالغرق، إلى جانب تهديده باغتصاب شقيقاته وإعدامه
إن لم يوقّع على اعترافات ملقنة.
وتابعت المنظمة
أنه بعد أكثر من عامين من الاعتقال، أُحيل لباد إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، حيث
وجهت له سلسلة من التهم، أبرزها المشاركة في مظاهرات وهو في سن الخامسة عشرة، وحضور
تشييع ضحايا قتلوا برصاص القوات السعودية، والتستر على مطلوبين ومساعدتهم طبيا، كما
استخدمت ضده قضية مقتل القاضي محمد الجيراني، رغم أن اسمه لم يذكر في بيانات وزارة
الداخلية آنذاك.
وأكدت المنظمة أن هذه
ليست المرة الأولى التي تستغل فيها السلطات السعودية قضية الجيراني لاتهام عدد كبير
من الشبان، حيث وثقت 22 متهما في هذه القضية، قتل 9 منهم خارج إطار القانون.
وقالت المنظمة
خلال بيانها أنه على المستوى الدولي، شددت آليات الأمم المتحدة مرارا على الطابع التعسفي
لاعتقال لباد، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال
التعسفي رأيا قانونيا أكد فيه أن توقيفه غير قانوني وطالب بالإفراج الفوري عنه، كما
أعرب مقررو الأمم المتحدة في نسيان/ أبريل 2025 عن استيائهم الشديد من استمرار الرياض
في تنفيذ أحكام الإعدام بحق قاصرين.
بحسب المنظمة، فإن
جلال لباد هو القاصر الرابع عشر الذي يعدم في السعودية منذ تولي الملك سلمان الحكم،
وهو أول إعدام من هذا النوع منذ إعدام مصطفى الدرويش في حزيران/ يونيو 2021، ما يكشف
زيف وعود السلطات بإصلاح قوانين الأحداث.
وأضافت المنظمة أن
هذه الجريمة لا تنفصل عن سياسة منهجية تستهدف المعتقلين السياسيين، محذرة من أن حياة
أكثر من 60 معتقلاً آخرين مهددة، من بينهم القاصرون عبد الله الدرازي، ويوسف المناسف،
وحسن زكي الفرج، وجواد قريريص وآخرون، بالإضافة إلى شقيق جلال، محمد لباد.
وختمت المنظمة بيانها
بالتأكيد أن إعدام جلال لباد، بعد سنوات من التعذيب والاعتقال التعسفي، وفي ظل مقتل
شقيقه فاضل عام 2019، يمثل صورة دامغة للنظام الذي يستخدم الإعدام كأداة قمعية بلا
هوادة، متجاوزًا القوانين المحلية والدولية، ومتحديًا بشكل صارخ المجتمع الدولي.
ومن جانبها أكدت الناشطة
في مجال حقوق الإنسان دعاء دهيني في تصريحات خاصة لـ"
عربي21 " أن إعدام
القاصر جلال لباد يعكس إصرار السلطات السعودية على المضي في نهجها القمعي القائم على
قتل القاصرين والمعتقلين السياسيين دون أي رادع، وفي تجاهل كامل للآراء القانونية الدولية
والالتزامات التي تعهدت بها في اتفاقيات حقوق الإنسان.
وأوضحت دهيني أن هذه
الجريمة ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل الانتهاكات الممنهجة التي تبدأ بالاعتقال التعسفي
والتعذيب وتنتهي بأحكام إعدام تفتقر إلى أبسط ضمانات العدالة.
وأضافت الناشطة
الحقوقية أن استمرار السلطات في تنفيذ الإعدامات بعد محاكمات جائرة يهدد حياة عشرات
القاصرين الآخرين المعتقلين على خلفيات مشابهة، مشيرة إلى أن عدد الإعدامات المنفذة
منذ مطلع عام 2025 وحده بلغ 260 إعدامًا، وهو ما يشكل مؤشرًا خطيرًا على تصعيد غير
مسبوق لاستخدام عقوبة القتل كأداة ترهيب سياسي وقمع اجتماعي.