في مقال سابق قبل أسبوعين تناولت فيه موضوع
سحب المصرف المركزي الليبي لفئات من
العملة من التداول، ذكرتُ أن المصرف لم يوضح
أسباب هذا السحب، غير أن مصادر مطلعة أكدت أن الدواعي تعود إلى حدوث
تزوير في فئتي
الخمسين ديناراً والعشرين ديناراً.
منذ يومين، أصدر المصرف المركزي الليبي بياناً أوضح فيه، بخطاب حذر، قيمة
المبالغ التي تم سحبها من فئة الخمسين ديناراً. وأشار البيان إلى أن هناك نحو 3.5
مليار دينار من هذه الفئة (تعادل نحو 600 مليون دولار أمريكي) كانت في التداول وتم
استرجاعها، وهي مبالغ لم تصدر عن المصرف المركزي، ولم تكن أيضاً ضمن قيمة الأموال
التي تم طباعتها بواسطة المصرف المركزي بمدينة البيضاء خلال فترة الانقسام، والتي
أقرها مصرف طرابلس المركزي.
تؤكد مصادر مطلعة تستقي معلوماتها من المصرف
المركزي أن حجم التزوير في فئة العشرين دينار، التي صدر قرار بسحبها وأُعطي لها
مهلة حتى سبتمبر القادم لسحبها نهائيًا من التداول، قد يصل إلى 3 مليارات دينار.
ويجدر التنويه إلى أن هذه المبالغ لا تختلف في جودتها عن المبالغ التي أقرها مصرف
طرابلس المركزي، حيث تحمل نفس التوقيع الموجود على المبالغ التي أقرها مصرف
طرابلس. وبما أنها لم تكن بعلم مصرف طرابلس ولم يُسمح بتداولها، فإنها تُعد مزورة
حسب القانون.
اليوم المركزي الليبي وحكومة الوحدة طالبتا جهات الاختصاص، النائب العام، بالتحقيق في الواقعة، والكشف عن الحقيقة دون تكهن أو ظنون، ومن المتوقع أن يفتح النائب العام الملف للتحري، غير أن مسار التحقيق سيخضع للضغوط السياسية والأمنية، فالموضوع أكبر من مجرد جريمة تزوير كالتي تقع في كافة الدول حتى المتقدم منها، بل إن العملية وقعت بأمر وإشراف جهات عليا ضمن المنتظم السيادي في الشرق، لهذا فإن مسار التحقيق سيواجه تحديات وعقبات.
هذا يعني أن نحو 6.5 مليار دينار تم ضخها في
السوق وليست بإذن إدارة الإصدار بالمصرف المركزي، والمؤسف أنها صدرت عن جهات
سيادية ضمن المنظومة العامة، ولم يتضح بشكل قطعي من أعطى الإذن بطباعتها وترويجها،
ومن قام بهذا العمل؟!
قد يكون المصرف المركزي البيضاء الذي ترأسه
علي الحبري قد قام بهذا التزوير، بمعنى أن الـ 6.5 مليار قد تم طباعتها مع المبالغ
التي أعلن عنها مركزي البيضاء وهي نحو 6 مليار والتي أقرها مركزي طرابلس لاحقا،
إلا إنه لم يعلن عنها، وتم تداولها خارج المنظومة الرسمية، وضمن اقتصاد الظل أو
الاقتصاد المخفي، وهو احتمال تحدث به بعض المختصون.
رأي آخر يذهب إلى أن طباعة هذه المبالغ لم
تكن بعلم المصرف المركزي، وأن هذا تم لاحقا، وعن طريق جهات متنفذة في الشرق
الليبي، ووظفت هذه المبالغ في تمويل عمليات مدنية وعسكرية وتسديد فواتير لجهات
خارجية حيث تم تحويل قسم كبير منها إلى عملات صعبة عبر السوق الموازي للعملات.
اليوم المركزي الليبي وحكومة الوحدة طالبتا
جهات الاختصاص، النائب العام، بالتحقيق في الواقعة، والكشف عن الحقيقة دون تكهن أو
ظنون، ومن المتوقع أن يفتح النائب العام الملف للتحري، غير أن مسار التحقيق سيخضع
للضغوط السياسية والأمنية، فالموضوع أكبر من مجرد جريمة تزوير كالتي تقع في كافة
الدول حتى المتقدم منها، بل إن العملية وقعت بأمر وإشراف جهات عليا ضمن المنتظم
السيادي في الشرق، لهذا فإن مسار التحقيق سيواجه تحديات وعقبات.
التداعيات لم تكن هينة لعملية التزوير، فنحن
أمام زيادة غير محسوبة ولا مدروسة لعرض النقود، وثقل يضاف إلى الضغوط التضخمية،
هذا بالإضافة إلى العبء الذي تحمله سعر صرف الدينار الليبي جراء زيادة الطلب بشكل
كبير على العملات الأجنبية، وقدرت بعض المصادر أن نحو 500 مليون دولار أمريكي تم
سحبها من سوق العملات الموازي عبر الأموال المزورة، وبيان المركزي الذي لم يتطرق
ولو بإشارة موهومة إلى الجهة التي قامت بهذا العمل الشنيع، وصف العملية بـ
"الإستيلاء غير المشروع"، والوصف يعكس المراد وفيه إشارة خفية إلى العلم
بالمتورطين في القضية، أيضا أعلن المركزي الليبي في بيانه عن تخوفه من إسهام هذه
الأموال في عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.