كتاب عربي 21

مقترح ميزانية "النواب الليبي" في ظل الأوضاع المالية الراهنة

بلغ إجمالي النفقات العامة وفقا لمقترح الميزانية التي ناقشها مجلس النواب الليبي للعام 2025 ما يزيد عن 160 مليار دينار ليبي (أكثر من 28 مليار دولار وفقا للسعر الرسمي قبل فرض الرسوم)..
لن يتعرض المقال للمسار الطبيعي لوضع الميزانية العامة، والذي بالقطع لا يبدأ من المجلس التشريعي، ويكون دور الاخير رقابي من خلال اعتماد مشروع الميزانية الذي يأتيه من السلطة التنفيذية، ودور المصرف المركزي في وضعها كونه مستشار الجهات العامة في اختصاصه، فضلا عن النزاع الحكومي والذي يبدو أنه في القلب من مقاربة وضع الميزانية للعام 2025م وما بعده، بالتالي سيتركز النقاش حول بنود الميزانية والأرقام التي وردت فيها.

بلغ إجمالي النفقات العامة وفقا لمقترح الميزانية التي ناقشها مجلس النواب الليبي للعام  2025 ما يزيد عن 160 مليار دينار ليبي (أكثر من 28 مليار دولار وفقا للسعر الرسمي قبل فرض الرسوم)، وتوزعت نفقات الميزانية على الابواب الأربعة التالية:

ـ المرتبات 64.5 مليار
ـ النفقات التسييرية 13.9 مليار
ـ التنمية 27.5 مليار
ـ الدعم 54.6 مليار .

وبحسب مشروع الميزانية فإن الإيرادات المقدرة بلغت نحو 183 مليار دينار، بالمقارنة بإيرادات فعلية للعام 2024م بلغت 123.5 مليار،  مصادرها كمايلي:

ـ إيرادات نفطية نحو 142 مليار
ـ إيرادات سيادية  نحو 41 مليار، وبذلك يتحقق فائض في الميزانية بلع 23 مليار دينار.

الميزانية المقترحة تضمنت فائضا بلغ ما يزيد عن 23 مليار دينار ليبي (ما يزيد عن 4 مليار دولار أمريكي وفقال للسعر الرسمي للدولار قبل فرض الرسوم)، وأظهرت بيانات الإيراد والإنفاق للنصف الأول من العام بأن عجزا قد تحقق بالدولار بلغ نحو 5 مليار دولار، مما يعني أن العجز قد يصل إلى 10 مليار دولار، أو رقما قريب منه، مع نهاية العام، وهذه إشكالية تحتاج إلى معالجة لم يتطرق لها مشروع الميزانية.
هذا ما تطلع إليه النواب، وما تقدمت به لجنة التخطيط والمالية والموازنة بالمجلس، وفي مقترح اللجنة استدراك على مشروع الميزانية الذي تقدمت به الحكومة التابعة لمجلس النواب برئاسة أسامة حماد، والتي طالبت بتخصيص 174 مليار  كنفقات خلال العام 2025م.

تقييم موازنة مجلس النواب يعود إلى الوقوف على الوضع المالي للبلد، وهذا يمكن معرفته من خلال الأرقام والبيانات المالية الصادرة عن المصرف المركزي، خاصة بيان الإيراد والإنفاق الذي غطى النصف الأول من السنة الجارية حتى 30 يونيو 2025م، والذي أظهر ان إجمالي الإيرادات بلغ 61.3 مليار دينار، بمعنى أن الإيرادات العامة خلال العام 2025م يمكن ان تكون في حدود 120-130 مليار دينار، وذلك بافتراض ثبات العوامل الرئيسية المتحكمة في مستوى إنتاج النفط وأسعاره في الأسواق العالمية، فما أدري ما الأساس الذي جعل النواب يقررون أن الإيرادات يمكن أن تزيد بمقدار 30% أو أكثر عن السنة الماضية قياسا على ما تم جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري.

قدر المشرعون إيرادات النفط للعام 2025م بما يزيد عن 25 مليار دولار أمريكي، وهو رقم متفاؤل نسبيا، ذلك أن ما تم توريده خلال الست الأشهر الأولى من العام محل البحث بلغ 11.6 مليار دولار، يشمل عوائد بيع اللنفط والأتاوات النفطية. وينطبق الحكم على الإيرادات السيادية والتي قدرها النواب بقرابة 42 مليار دينار، وهو رقم غريب على بند الإيرادات، على الأقل خلال الأعوام العشر الماضية، ذلك أن حصيلة إيرادات الضرائب والجمارك وما في حكمها لم تتجاوز مليار دينار خلال النصف الأول من السنة الجارية، فيما بلغت عوائد بيع النقد الاجنبي حوالي 10 مليار خلال نفس الفترة، والفارق بين تقديرات النواب هو بند أرباح المصرف المركزي التي قدرت بنحو 15 مليار دينار، وهو رقم لم يقرره أو يفصح عنه المعني به وهو المصرف، ويبدو أن المبالغة في التقديرات قد طالت بنود أخرى مثل إيرادات الاتصالات التي بلغت 45 مليون دينار تقريبا في الفترة من يناير إلى نهاية يونيو الماضي، وفق بيان المصرف المركزي، وقدرها النواب بـ 1.3 مليار دينار!!

بيان الإيراد والإنفاق المشار إليه أثبت أن الضرائب والرسوم بلغت نحو 400 مليون دينار، وسجلت بقيمة 3.5 مليار دينار في مقترح الميزانية، وهو ما جعل مشروع الميزانية عرض لانتقادات حادة، كونها لم توضع على أسس تدعمها الأرقام الحقيقية.

ختاما فإن الميزانية المقترحة تضمنت فائضا بلغ ما يزيد عن 23 مليار دينار ليبي (ما يزيد عن 4 مليار دولار أمريكي وفقال للسعر الرسمي للدولار قبل فرض الرسوم)، وأظهرت بيانات الإيراد والإنفاق للنصف الأول من العام بأن عجزا قد تحقق بالدولار بلغ نحو 5 مليار دولار، مما يعني أن العجز قد يصل إلى 10 مليار دولار، أو رقما قريب منه، مع نهاية العام، وهذه إشكالية تحتاج إلى معالجة لم يتطرق لها مشروع الميزانية.