كشفت شبكة "
سي أن أن" الأمريكية أن المملكة المتحدة تراجعت عن مطلبها المثير للجدل الذي كان يلزم شركة أبل بإنشاء "باب خلفي" يسمح بالوصول إلى بيانات مستخدمي
آيفون المشفرة حول العالم، في أعقاب
ضغوط مارستها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وكان من الممكن أن يُقوّض هذا الأمرُ وعدًا أمنيًا رئيسيًا قطعته شركة آبل لمستخدميها، إذ صرّحت الشركةُ بأنها لم ولن تُنشئ أبدًا بابًا خلفيًا أو "مفتاحًا رئيسيًا" لمنتجاتها، يمكن أن يُعرّض خصوصية المستخدمين حول العالم للخطر.
وأفادت التقارير بأن مسؤولين بريطانيين سعوا للوصول إلى بيانات مُشفّرة يُخزّنها المستخدمون حول العالم على iCloud، وهي موادٌ عادةً ما يتعذّر على شركة آبل نفسها الوصول إليها.
وقالت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد الاثنين، إن المملكة المتحدة "وافقت على إسقاط تفويضها لشركة أبل بتوفير باب خلفي كان من شأنه تمكين الوصول إلى البيانات المشفرة المحمية للمواطنين الأمريكيين والتعدي على حرياتنا المدنية".
وقالت غابارد: "عملت خلال الأشهر القليلة الماضية بشكل وثيق مع شركائنا في المملكة المتحدة، إلى جانب الرئيس دونالد ترامب ونائب الرئيس جيه دي فانس، بشأن الاتفاق".
وأفاد مصدر مطلع على المناقشات لشبكة "سي أن أن" أن غابارد تحدثت مع نظيرها في المملكة المتحدة، نائب مستشار الأمن القومي مات كولينز، عدة مرات حول هذه القضية، بما في ذلك مرة واحدة خلال زيارة الوفد البريطاني للبيت الأبيض. كما شارك فانس شخصيًا في التوصل إلى اتفاق، حيث أجرى محادثات مباشرة مع مسؤولين في الحكومة البريطانية للتوصل إلى ما اعتُبر اتفاقًا "مفيدًا للطرفين" لكلا البلدين.
وقال مسؤول في البيت الأبيض: "إن هذه الاتفاقية بين حكومتينا تحافظ على سيادة كل دولة مع ضمان التعاون الوثيق بشأن البيانات".
ويفقد مستخدمو هواتف آيفون في المملكة المتحدة إمكانية الوصول إلى ميزة أمان رئيسية من إنتاج شركة آبل، وهي محاولة واضحة من جانب الشركة لتجنب الامتثال لمطلب الحكومة البريطانية بالحصول على وصول خاص إلى بيانات المستخدم.
وأفادت التقارير أن وزارة الداخلية البريطانية أصدرت هذا الأمر بموجب قانون صلاحيات التحقيق، الذي يسمح لجهات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة بإجبار شركات التكنولوجيا على الوصول سرًا إلى اتصالاتها وبياناتها الوصفية، على الرغم من أن الوكالة لم تؤكد هذا الطلب.
وأثارت التقارير حول الأمر الصادر في وقت سابق من هذا العام قلقا شديدا بين خبراء الأمن وقادة التكنولوجيا الذين شعروا بالقلق من إمكانية استخدام شركة أبل من قبل حكومة أجنبية للتجسس على مستخدميها.
وفي شباط/ فبراير تراجعت الشركة عن ميزة أمان البيانات الخاصة بـ iCloud والتي تسمى الحماية المتقدمة للبيانات (ADP) للمستخدمين في المملكة المتحدة.
وتوفر هذه الميزة تشفيرًا اختياريًا شاملًا للبيانات الشخصية، مثل الصور والرسائل، ما يعني أن صاحب الحساب وحده، ولا حتى الشركة نفسها، يستطيع الاطلاع على هذه المعلومات. بدون هذا التشفير، يُمكن لآبل الوصول إلى بيانات المستخدمين، ما يعني أن جهات إنفاذ القانون قد تُلزم الشركة قانونيًا بتسليمها للمساعدة في التحقيق في الجرائم.
واعتُبر إلغاء هذه الميزة لمستخدمي المملكة المتحدة على نطاق واسع محاولةً لحماية أمنٍ أكثر تطورًا للمستخدمين في أماكن أخرى من العالم، في مواجهة طلب الحكومة البريطانية وجود باب خلفي تقني. إلا أن هذا لم يُلبِّ بالضرورة طلب المملكة المتحدة للوصول إلى بيانات المستخدمين عالميًا. وأعربت شركة Apple في بيانٍ لها آنذاك عن "خيبة أملها الشديدة" لعدم تقديم خدمة ADP لمستخدمي المملكة المتحدة، "نظرًا للتزايد المستمر في خروقات البيانات وغيرها من التهديدات لخصوصية العملاء".
وسعى المسؤولون التنفيذيون في مجال التكنولوجيا، بما في ذلك الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك، إلى تعزيز العلاقات الوثيقة مع ترامب منذ توليه منصبه على أمل الحصول على دعمه في القضايا السياسية والتنظيمية الرئيسية.
تُمثّل اتفاقية المملكة المتحدة أحدث مثال على نجاح
إدارة ترامب في إقناع حكومة أجنبية بالتراجع عن تنظيم شركة تكنولوجيا أمريكية. وفي حزيران/ يونيو، أعلنت كندا أنها ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية التي وصفها ترامب بأنها "هجوم مباشر وسافر" على الولايات المتحدة وشركاتها لاستئناف مفاوضات التجارة مع الولايات المتحدة.