ملفات وتقارير

من الوجبات الرئيسية إلى صنع القهوة.. العدس بطل المائدة في غزة

يلجأ الفلسطينيون إلى حلول مبتكرة لتوفير احتياجاتهم الأساسية من الوجبات الأساسية إلى المشروبات من أبرز هذه البدائل صنع القهوة من العدس- جيتي
لجأ حسن عبد الحليم إلى تناول مشروب القهوة المصنوعة من العدس المحمص، بعد أن فُقدت حبوب القهوة من الأسواق، وارتفعت أسعار ما يتوفر منها إلى مستويات خيالية.


عبد الحليم الذي اعتاد أن يشرب القهوة مرتين يوميا على الأقل في الصباح والمساء، وجد نفسه محروما من أكثر المشروبات التي يحبها، وشكلت جزءا من نمط حياته اليومي، إذ إن حرب الإبادة والحصار المطبق على قطاع غزة، دفعا به إلى تجريب طرق جديدة لتناول "محبوبته" القهوة. وفق ما قاله لمراسل "عربي21".

وبسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة والحصار المفروض على القطاع، يلجأ الفلسطينيون إلى حلول مبتكرة لتوفير احتياجاتهم الأساسية، من الوجبات الأساسية إلى المشروبات، من أبرز هذه البدائل صنع القهوة من العدس.



مرونة في مواجهة التحديات
ويقوم عبد الحليم بتحميص حبوب العدس على النار حتى تتحول إلى لون بني يشبه لون القهوة المحمصة، ثم تُطحن الحبوب المحمصة يدويا في "الهون" حتى تصبح مسحوقًا ناعمًا يشبه القهوة، يضاف لها ما تيسر من مطيبات أخرى، كحبوب الهال أو القرنفل لتحسين طعمها.

ويُظهر سكان غزة مرونة في مواجهة التحديات اليومية التي فرضها الاحتلال، بما في ذلك إيجاد بدائل للمنتجات المستوردة، فالعدس المحمّص يُعطي طعمًا قريبًا من طعم القهوة، ما يجعله خيارًا مقبولًا لدى بعض السكان الذي يحرصون على عاداتهم اليومية، رغم ما  أحدثته الحرب من تغيير في كل شئ داخل قطاع غزة.

العدس يصنع منه الدقيق أيضا 
وجعلت الحرب وما نتج عنها من حصار مشدد غير مسبوق؛ من العدس بطلا للمائدة الغزية بلا منازع، فبينما يقوم البعض بطحنه ليصنع منه الخبز كبديل عن دقيق القمح الذي عزّ تواجده في الأسواق، تضرب الحيرة ربات البيوت في قطاع غزة لاختراع أنواع جديدة من الأكلات التي يتكون قوامها الرئيسي من العدس.

تقول المسنة أم حسن والتي تحتضن في بيتها نحو 80 من أولادها وأحفادها الذين نزحوا من مناطق عدة شرق غزة نحو الغرب، إنها تصنع يوميا قدرا كبيرا من العدس لإطعام هذا العدد الهائل من أبناء عائلتها الكبيرة.



تضيف المسنة لمراسل عربي21 " إنها تحاول كل يوم ابتكار وصفة جديدة لصناعة العدس، فتارة تصنع منه الشوربة (الحساء)، وتارة أخرى تضيف له القليل من الأرز، ليصبح أكثر كثافة بحيث يؤكل مع الخبز، وتارة أخرى تطبخه مع القليل من مسحوق الطماطم، وحين يتوفر القليل من نبات الملوخية الناشفة فإنها تضيف لها العدس، لتصنع "البسارة"، وهي طبخة شهيرة في غزة تصنع خصوصا في الشتاء.

أما عامر طلال فإنه اهتدى إلى طحن العدس لصناعة الخبز منه، كبديل عن دقيق القمح المفقود من الأسواق، والذ ناهزت أسعار الكيس منه زنة 25 كم، نحو ثلاثمئة دولار أمريكي وأكثر.

يقول عامر لـ"عربي21 إنه ارتفاع أسعار الدقيق ووصولها إلى مراحل غير مسبوقة، جعلته يفكر مليا في البحث عن بديل للطحين، فاهتدى إلى طحن كيس من العدس كان قد اشتراه من السوق زمن الهدنة مطلع العام الجاري.

عامر وأطفاله الصغار تعودوا على تناول الخبز يوميا مع الوجبات، والآن أصبح الخبز عماد البيت، وبفقدانه، فإن الظروف تصبح أكثر تعقيدا، خصوصا مع نفاذ المكونات الأساسية الأخرى من الأسواق وغلاء ما يتوفر منها.

والسبت، أكد المفوض العام لوكالة الأونروا الأممية فيليب لازاريني، أن مليوني فلسطيني بقطاع غزة يتعرضون للتجويع، متهما إسرائيل باستخدام الطعام "سلاحا لتجريدهم من إنسانيتهم".

يأتي ذلك بينما تغلق دولة الاحتلال منذ 2 آذار/ مارس الماضي بشكل محكم معابر قطاع غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ما أدى إلى انتشار كارثة الجوع في قطاع غزة.

ولم تسمح دولة الاحتلال إلا بدخول أعداد محدودة من شاحنات المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، الخاضع لسيطرتها شرق مدينة رفح، في حين يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى نحو 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ترتكب دولة الاحتلال بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة الجماعية نحو 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.