أدى وفد عسكري مغربي رفيع من أركان الحرب
العامة للقوات المسلحة الملكية
زيارة إلى فرقة الاستخبارات والأمن العسكري بقيادة
أركان الجيش الموريتاني في العاصمة نواكشوط، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع
الموريتانية، الأربعاء.
وترأس الوفد
المغربي العقيد إدريس حد زين من
المكتب الثاني التابع لأركان الحرب العامة للقوات المسلحة المغربية، فيما ترأس
الجانب الموريتاني العقيد المهندس إسلم بيدي مسعود، قائد فرقة التعاون العسكري
المساعد.
وأوضح الجيش الموريتاني في بيان رسمي أن
الاجتماع بين الطرفين شمل عرضين مفصلين حول كل من فرقة الاستخبارات والأمن
العسكري، وفرقة التعاون العسكري، مع مناقشة آفاق الشراكة وتبادل الخبرات في
المجالات الأمنية والاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك.
خلفيات إقليمية وتحولات استراتيجية
تأتي هذه الزيارة في سياق إقليمي يشهد
تطورات أمنية متسارعة، لا سيما بعد الانقلابات العسكرية المتتالية في منطقة
الساحل، وتراجع الدور الفرنسي التقليدي في المنطقة، وصعود تأثيرات لاعبين جدد، مثل
روسيا وتركيا. كما تتزامن الزيارة مع استمرار القطيعة الدبلوماسية بين المغرب
والجزائر، ومحاولات الرباط تعزيز تموقعها الإقليمي عبر آليات متعددة تشمل الأمن
والدفاع.
ويُنظر إلى التعاون الاستخباراتي بين المغرب
وموريتانيا على أنه تطور نوعي في
العلاقات الثنائية، خصوصا أن الملفات الأمنية تظل
من أكثر المجالات حساسية وتأثيرًا، في ظل التحديات الحدودية، وتنامي تهديدات
الجماعات المسلحة المنتشرة في منطقة الساحل، إلى جانب الهجرة غير النظامية
والجريمة المنظمة.
وتُعد هذه الزيارة جزءا من سلسلة خطوات
تشهدها العلاقات المغربية-الموريتانية، والتي تعززت خلال السنوات الأخيرة بعد فترة
من الفتور، إذ سبق للرباط أن قدمت مساعدات أمنية ولوجستية إلى نواكشوط، كما تم
تبادل زيارات رسمية على مستوى قيادة الأركان.
تقارب استخباراتي.. ورسائل مبطنة
وتمثل زيارة وفد المكتب الثاني، وهو الجهة
المسؤولة عن الاستخبارات العسكرية في المغرب، خطوة لافتة تؤشر إلى تقارب أمني أكثر
عمقاً، في وقت تتجه فيه نواكشوط إلى تنويع شراكاتها الدفاعية بعيدا عن الاحتكار
الفرنسي التقليدي.
كما قد تحمل الزيارة رسائل مبطنة نحو
الجزائر، خاصة أن
موريتانيا توازن في علاقاتها بين الجارين المتنازعين حول قضية
الصحراء الغربية. وقد سبق أن استقبلت نواكشوط في الفترة الماضية مسؤولين عسكريين
جزائريين أيضاً، ما يعكس حرصها على تبني مقاربة متوازنة في علاقاتها الإقليمية.
وفي ظل غياب تصريحات رسمية مفصلة من الجانب
المغربي حول فحوى الاجتماعات، يبقى واضحاً أن ملف التنسيق الاستخباراتي ومكافحة
التهديدات الإرهابية سيكون في صلب الأولويات الثنائية، خصوصا مع استمرار التوترات
في شمال مالي، واقتراب الانتخابات الرئاسية الموريتانية المقررة في 2026، والتي
تُتوقع أن ترافقها تحديات أمنية.