سياسة عربية

تأخير إسرائيلي في إدخال المساعدات إلى غزة.. "تضليل وتجويع ممنهج"

أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن أي مساعدات حقيقية لم تدخل إلى غزة حتى الآن- الأناضول
تعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، تأخير عملية إدخال شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة، بعد موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال اجتماع الكابينيت على إدخال المساعدات، عقب 79 يوما من التجويع وتشديد الحصار.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، أن "الاحتلال يروّج للسماح بدخول 9 شاحنات مكملات غذائية للأطفال، من أصل 44 ألف شاحنة مساعدات من المفترض إدخالها خلال 80 يوماً من حصار غزة".

وأضاف المكتب الإعلامي أنه "في ظل الحصار المحكم والمجاعة المتفاقمة منذ أكثر من 80 يوماً، نؤكد وبكل وضوح أن أي مساعدات حقيقية لم تدخل إلى قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "الاحتلال يُغلق جميع المعابر بشكل كامل، ويمنع إدخال ولو حبة قمح واحدة منذ قرابة ثلاثة أشهر، في سياسة تجويع ممنهجة تستهدف 2.4 مليون إنسان أعزل".

وشدد على أن ادعاء الاحتلال بالسماح لإدخال 9 شاحنات فقط، محمّلة بمكملات غذائية محدودة للأطفال، لا تمثل سوى قطرة في بحر الاحتياجات العاجلة، ولا تلامس الحد الأدنى من متطلبات الحياة.



ولفت إلى أن "قطاع غزة بحاجة يومياً إلى 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود، أي ما مجموعه 44 ألف شاحنة كان يجب أن تدخل خلال 80 يوماً. فما سيدخل (اليوم الاثنين) لا يتجاوز 0.02% من هذا الرقم! هذه المقارنة وحدها كفيلة بكشف حجم الكارثة والنية الإجرامية الكامنة وراء إغلاق المعابر وتجويع السكان".

وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي الاحتلال والمجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الإنسانية المتواصلة، مطالبا بتحرك عالمي دولي فوري لفتح المعابر دون قيد أو شرط، وإدخال الاحتياجات الإنسانية بالكامل، قبل فوات الأوان.

في غضون ذلك، صرّح منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية، مساء الاثنين، بأنه تم إدخال 5 شاحنات إنسانية تابعة للأمم المتحدة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري.

وحصلت "عربي21" على نص رسالة عممتها الأمم المتحدة على موظفيها في غزة، وجاء فيها: "تم إبلاغ الأمم المتحدة من قبل السلطات الإسرائيلية بأنه سيتم السماح بإدخال كميات محدودة من المساعدات إلى غزة ابتداءً من اليوم. نرجو تعاونكم في الحفاظ على النظام لضمان وصول المساعدات وعدم تعطيل تدفقها".

من جانبها، ادعت هيئة البث العبرية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعهد للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، باستئناف إدخال المساعدات إلى غزة بشكل فوري.

وأشارت الهيئة إلى أن ويتكوف وعد حركة حماس "دون علم إسرائيل"، باستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة، مقابل الإفراج عن الأسير الإسرائيلي عيدان ألكسندر، والذي يحمل الجنسية الأمريكية.

شركة أمنية لتوزيع المساعدات
في غضون ذلك، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن شركة تابعة "لصندوق إنساني" أسسه المبعوث الأمريكي ويتكوف، ستتولى الأسبوع المقبل توزيع مساعدات للفلسطينيين بغزة عبر موظفين مسلحين ومدربين على القتال في ظل حصار إسرائيلي خانق.

وأثارت هذه الخطوة مخاوف واسعة من محاولات إسرائيلية جديدة لدفع الفلسطينيين إلى النزوح من شمال القطاع نحو الجنوب، عبر التحكم بمسارات الإغاثة.

ويأتي ذلك في أعقاب مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت)، مساء السبت، على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة "بشكل فوري"، بعد توقف دام أكثر من شهرين منذ استئناف الحرب على القطاع، على خلفية ضغوط أمريكية شديدة على تل أبيب.

وادعت الصحيفة أن إدخال المساعدات سيتم حتى 24 مايو/ أيار الجاري عبر "الطريقة القديمة"، أي من خلال شاحنات تمر عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب)، توزع محتوياتها الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، ثم يبدأ العمل بـ"الطريقة الجديدة".

وتزعم إسرائيل أن حماس تمكنت في السابق من السيطرة على البضائع التي جرى توزيعها بتلك الطريقة بفعالية وكفاءة، رغم أن الأمم المتحدة تؤكد حتى اليوم أنه لا توجد أدلة قاطعة على ذلك.



ووفق "يديعوت"، فإن "الطريقة الجديدة" تشمل إنشاء الجيش الإسرائيلي نقاط توزيع خاصة داخل قطاع غزة لصالح صندوق أمريكي يحمل اسم Gaza Humanitarian Foundation، (مؤسسة غزة الإنسانية) ويعرف اختصارا بـ "GHF" أسسه ويتكوف.

ونشرت الصحيفة للمرة الأولى صورا لموظفين تابعين للشركة الأمريكية وهم يرتدون سترات واقية ويحملون أسلحة، مشيرة إلى أنهم جنود أمريكيون سابقون في وحدات نخبة، يمتلكون خبرة في مناطق النزاع، وموجودون حاليا في إسرائيل.

وذكرت أن هؤلاء الموظفين هم من سيتولون توزيع المساعدات دون أي تدخل من الجيش الإسرائيلي، بينما سيتولى الجيش تأمين مراكز التوزيع المخصصة، دون الكشف عن مواقعها الدقيقة في المرحلة الحالية.

ووفق الصحيفة، تهدف إسرائيل من هذه الآلية إلى "فصل السكان عن حماس"، عبر دفع المدنيين للنزوح نحو مناطق جنوب القطاع حيث توجد مراكز التوزيع، و"تقليل اعتمادهم على الحركة في الحصول على الغذاء".

كما تسعى إسرائيل، بحسب الصحيفة، إلى "تخفيف الضغط الدولي" المتزايد عليها جراء تفاقم الأزمة الإنسانية، في محاولة لخلق مساحة سياسية تتيح لها مواصلة عملياتها العسكرية، وفي مقدمتها حملة "عربات جدعون".

وتثير الشركة الجدل، إذ تعتزم هي، وليس مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، توزيع المساعدات بمناطق محددة يحميها الجيش الإسرائيلي.

وتعد هذه الخطوة أول محاولة لتفعيل جهة توزيع جديدة للمساعدات بعد أشهر من الجمود، ضمن حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل بدعم أمريكي على نحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة.

في المقابل تطالب المنظمات الأممية والدولية باستئناف المساعدات واستمرارها عبر القنوات القائمة، وهي وكالات الأمم المتحدة ومؤسسات إغاثية دولية.

وفي 23 أبريل/ نيسان الماضي، أعرب متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن رفض المنظمة الدولية للخطة الإسرائيلية بشأن توزيع المساعدات في غزة.

وشدد دوجاريك، على أن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها الأمم المتحدة لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية.

وحذرت الأمم المتحدة من استخدام إسرائيل المساعدات في غزة "طُعمًا" لإجبار الفلسطينيين على النزوح من مناطقهم، خاصة من شمال القطاع إلى جنوبه.

وبدعم أمريكي مطلق ترتكب "إسرائيل" منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.