ملفات وتقارير

معارك طرابلس | حرب على النفوذ أم خطوات لإعادة هيبة الدولة والقانون؟

قوات "الدبيبة" تتخلص من "الككلي" في عملية نوعية..هل تستعيد شعبيتها وقوتها؟ - جيتي
تسارعت الأحداث سريعا في العاصمة الليبية طرابلس بعد إطلاق حكومة الوحدة هناك عملية عسكرية لإنهاء الميليشيات الخارجة عن القانون لإعادة هيبة الدولة وردع المخالفين.

وانتهت الأحداث بمقتل رئيس قوات الدعم والاستقرار، التابع للمجلس الرئاسي الليبي، عبدالغني الككلي المشهور بـ"غنيوة"، برصاص قوات الأمن، وسط حالة ذهول من الجميع كونه الرجل الأقوى في غرب ليبيا ما طرح تساؤلات حول دلالة الخطوة ورمزيتها.


"ملخص الأحداث"
أطلقت حكومة الدبيبة عملية عسكرية بين وزارة الداخلية ووزارة الدفاع للتخلص من "قوات الدعم والاستقرار" ورئيسها غنيوة، وبالفعل اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة في عدة مناطق من مدينة طرابلس، في أعقاب تحركات عسكرية مفاجئة انطلقت من مدينة مصراتة باتجاه العاصمة.

وبعد ليلة دامية واشتباكات متواصلة نجحت قوات الحكومة في تصفية "الككلي" والسيطرة على مقرات قواته واعتقالهم، وأعلن رئيس الحكومة رسميا انتهاء العملية وعودة دولة القانون وقامت وزارتي الداخلية والدفاع بالانتشار في العاصمة وتأمينها وفتح السجون التي كان يشرف عليها غنيوة وميليشياته.

تسارع الأحداث وقتل الككلي طرح تساؤلات منها: ما تداعيات الخطوة عسكريا وسياسيا؟ وهل ستكون النواة للتخلص من باقي الميليشيات؟ وماذا استفادت منها حكومة الدبيبة محليا ودوليا؟


"هشاشة وعملية نوعية"
من جهته قال الوزير السابق ورئيس حزب العمل الليبي، عيسى التويجر إن "إنهاء سيطرة غنيوه بهذه السرعة حدث قد يكون مخططا ولكن لم يتوقع أحد أن يمر بهذه السهولة، وهذا يعكس هشاشة هذه الكيانات التي تعتمد على شخص واحد وعائلته وأنصاره ولا يحظى بقاعدة شعبية أو ولاء حقيقي من أتباعه".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أن "ما سيحدث بعد غنيوه يعتمد على مدى جدية "المنتصرين" في بناء هيبة الدولة وبسط الأمن وفرض سيادة القانون، هل سيقومون بذلك أم أنهم سينظرون إلى الأمر كما فعلوا في الماضي كفرصة للسيطرة والنهب"، وفق رأيه.

وأضاف: "مقتل غنيوه مؤشر مهم للمتعظين فهو قد بالغ في السيطرة على مؤسسات الدولة واستغلالها مع أنه حاز الثناء على تنظيمه لمناطق نفوذه وتحويل منطقة "بوسليم" بالعاصمة إلى منطقة منضبطة بعد أن كانت وكرا للفساد وأخشى أن تعود إلى ذلك بعد غيابه"، كما صرح.

"انتصار للقانون"
في حين رأى عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة أن "العملية العسكرية التي تم بها تصفية غنيوة بعثت برسالة إلى كل قادة المليشيات بأن التمترس وراء القوة المشكوك في شرعيتها لا يمكن أن تحمي صاحبها إلى الأبد".

وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "وتؤكد أيضا أن هناك قوى حقيقية تبحث عن الاستقرار الأمني والسياسي مدعومة دوليا تستطيع في أي لحظة أن تطيح بأعتى ميليشيا مهما تسترت بالشرعية والتبعية لوزارة الدفاع أو الداخلية، ودائما الحق يعلو ولا يعلى عليه"، وفق تعبيره.


"أبعاد وتغير قواعد اللعبة"
الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر قال من جانبه إن "مقتل غنيوة الككلي وإنهاء قواته يمثل تحولا نوعيا في سلوك حكومة الدبيبة تجاه مراكز القوة المسلحة في طرابلس، ويشير إلى تغير في قواعد اللعبة، ورسالة بأن الحكومة قررت تجاوز مرحلة التوازنات الهشة مع التشكيلات المسلحة".

وأوضح أن "العملية تحمل بعدين متداخلين: الأول أمني يتمثل في محاولة فرض السيطرة على المؤسسات الأمنية، والثاني سياسي يظهر رغبة الدبيبة في تعزيز شرعيته داخليا، وإرسال إشارات للخارج بأنه قادر على فرض النظام وكسر هيمنة الميليشيات"، وفق تقديراته.

واستدرك قائلا لـ"عربي21": "لكن في العمق، تبقى هذه الخطوة جزءا من صراع نفوذ بين مراكز متعددة داخل الغرب الليبي، وقد تفتح الباب أمام إعادة اصطفاف جديدة بدلا من تفكيك شامل للبنية "الميليشياوية"، أما بالنسبة للميليشيات الأخرى، فالرسالة واضحة: لن يكون أحد بمنأى عن الحساب، ما قد يدفع بعض الأطراف إلى المراجعة، ويجبر آخرين على الاستعداد لمعادلة جديدة قد ترسم في المرحلة القادمة"، كما رأى.

"دور أمريكي واضح"
ورأى الناشط السياسي الليبي، أحمد بن ناجي أن "ما يحدث في طرابلس قد يراه البعض صراع نفوذ وسلطة ولكن السياسة الأمريكية في ليبيا أصبحت واضحة جلية أمام الجميع، والأمر أكبر بكثير من حكومة الدبيبة "الهزيلة"".

وتابع: "كل ما يحدث هو لتوحيد المؤسسات وفرض سلطة القانون والدولة ولن يكون جهاز دعم الاستقرار هو الأخير بل سنرى قوى أخرى قد تنتهي دون قتال في مدن مختلفة، أما الحكومة الحالية فربما يحدث فيها تغيير وزاري كبير أو ستليها في القريب حكومة جديدة بغطاء زمني مدعومة دوليا أيضا"، وفق تقديره وتصريحه لـ"عربي21".