تواصلت نجاحات وإنجازات الحراك العالمي الداعم للقضية
الفلسطينية والمقاطع للاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2025، في تواصل تأثيرات حرب الإبادة في فضح جرائم "إسرائيل" وكشف ما تتعرض له فلسطين بشكل متفاقم طوال العقود الماضية.
وتنوعت هذه الإنجازات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية، وشملت إلغاء الاتفاقيات أو سحب الاستثمارات من الجهات الداعمة لـ"إسرائيل"، أو حتى الضغط على أذرع الاحتلال التي تحاول تحسين صورته أمام العالم باستخدام أدوات الغسيل الرياضي والفني.
وتأتي هذه التغيرات لصالح القضية الفلسطينية تزامنًا مع الذكرى الـ20 لنداء
المقاطعة التاريخي الذي أطلقته منظمات المجتمع المدني الفلسطيني في عام 2005، ومع نجاح حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها "
BDS" في تحويل إسرائيل إلى كيان منبوذ.
سحب الاستثمارات
أعلن الصندوق السيادي النرويجي، الذي يُعد الأكبر عالميًا بإدارته لأصول تريليونية، في نهاية آب/ أغسطس 2025 عن قرار تاريخي بسحب استثماراته من خمسة بنوك إسرائيلية كبرى، وهي: "بنك لئومي، وبنك هبوعليم، وبنك مزراحي تفاحوت، والبنك الدولي الأول لإسرائيل، وشركة إف آي بي آي القابضة".
وجاء هذا القرار بناءً على توصيات مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق، التي أكدت وجود مخاطر غير مقبولة لمساهمة هذه المصارف في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من خلال تمويل المستوطنات والعمليات العسكرية.
وسحب الصندوق أيضًا حصته من شركة "كاتربيلر - Caterpillar" الأمريكية، والتي كانت تُقدّر بنحو ملياري دولار تقريبًا، بسبب استخدام آليات الشركة في هدم المنازل الفلسطينية وتدمير البنية التحتية في قطاع غزة.
وقبل ذلك في حزيران/ يونيو 2025، كان الصندوق قد سحب استثماراته بالفعل من 23 شركة إسرائيلية، وتخلّص من كامل حيازاته من السندات الإسرائيلية البالغة نصف مليار دولار، مما أرسل إشارة قوية للأسواق الدولية حول عدم استقرار الاقتصاد الإسرائيلي، بحسب بيانات "
حركة المقاطعة".
اظهار أخبار متعلقة
ولم يقتصر سحب الاستثمارات على النرويج، إذ سجّل صندوق التقاعد الدنماركي "أكاديميكر بنشن - AkademikerPension" سابقة قانونية في أيلول/ سبتمبر 2025 بإعلانه الاستبعاد الكامل لـ"إسرائيل" من نطاقه الاستثماري.
ولم يستهدف هذا الإجراء شركات بعينها، بل شمل حظرًا شاملًا على السندات الحكومية الإسرائيلية والشركات المملوكة للدولة، مبررًا ذلك بالانتهاكات الصارخة لاتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وأعلن صندوق "ABP" الهولندي، وهو من بين أكبر صناديق التقاعد في العالم، في تشرين الأول/ أكتوبر 2025 عن بيع كامل أسهمه في شركة "كاتربيلر" بقيمة 387 مليون يورو، وسبق ذلك في نيسان/ أبريل تصفية استثمارات الصندوق في شركات كبرى مثل "موتورولا - Motorola"، و"تيفا - Teva"، و"كوكاكولا في الولايات المتحدة - Coca-Cola USA"، و"بوكينغ هولدينغز - Booking Holdings".
كبرى الشركات
أعلنت ذراع الابتكار التابعة لشركة سامسونغ، واسمها "سامسونغ نيكست - Samsung Next"، إغلاق كامل عملياتها في تل أبيب في نيسان/ أبريل 2025، وهي خطوة وصفتها الأوساط الاقتصادية الإسرائيلية بالصدمة، نظرًا للدور المحوري الذي كانت تلعبه الشركة في دعم النظام البيئي التكنولوجي المحلي.
وقامت شركة "إنتل - Intel" عام 2025 بإغلاق شركة "Granulate" الإسرائيلية الناشئة، التي كانت قد استحوذت عليها بمبلغ 650 مليون دولار، وذلك بعد عجزها عن إيجاد مشترٍ لها بسبب "سُميّة" الأصول المرتبطة بالاحتلال.
وبالتوازي مع هذه الانسحابات، وضعت
حركة المقاطعة شركة "مايكروسوفت - Microsoft" كهدف أولي وذي أولوية في عام 2025، خاصة منصة "إكس بوكس - Xbox" الترفيهية، نتيجة تورّط الشركة في تقديم خدمات سحابية وتقنية للجيش الإسرائيلي ساهمت في تعزيز أنظمة الاستهداف المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ويُذكر أن الدين العام الإسرائيلي قد تضخم ليصل إلى 340 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2024، بحسب ما أُعلن في تقارير 2025، بزيادة قدرها 20 بالمئة عن عام 2022، مما دفع وكالة "موديز" إلى خفض تصنيف "إسرائيل" الائتماني إلى درجات متدنية.
وتضمنت الانسحابات خروج مجموعة "كارفور - Carrefour" الفرنسية من أسواق البحرين والكويت نتيجة حملة ضغط مكثفة استمرت عامين، سلّطت الضوء على ضلوع فروع كارفور في "إسرائيل" بتقديم الدعم اللوجستي لجنود الاحتلال وامتلاكها فروعًا في المستوطنات غير القانونية.
وتنضم البحرين والكويت إلى الأردن وعُمان في قائمة الدول التي نجحت في طرد العلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
المجال الأكاديمي
حققت هيئة التدريس والمكتبات في جامعة "ماكغيل - McGill" الكندية انتصارًا بتصويتها بأغلبية 114 صوتًا مقابل 8 أصوات لصالح تبني المقاطعة الأكاديمية والثقافية الشاملة لـ"إسرائيل" في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2025.
ودعا القرار الجامعة إلى قطع جميع العلاقات مع المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية المتواطئة، بما في ذلك إلغاء الشراكات البحثية مع جامعة تل أبيب، وهو ما سبقه إضرابات طلابية كبرى في نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر 2025، واعتصامات استمرت لـ75 يومًا.
شهد عام 2025 أيضًا تسارعًا في تمرير قرارات المقاطعة في الجامعات الأمريكية، ففي جامعة ميريلاند "UMD" مرّر اتحاد الطلاب قرارًا بتبني حركة المقاطعة في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، وهو أول قرار من نوعه ينجح في الجامعة بعد محاولات غير ناجحة في 2017 و2019 و2024.
وفي جامعة سان فرانسيسكو "SFSU"، صوّتت الجمعية الطلابية بالإجماع في آذار/ مارس 2025 لدعم حملة حظر الأسلحة في أوكلاند والمقاطعة الاقتصادية.
وجامعة كورنيل "Cornell" صوّتت نقابة طلاب الدراسات العليا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 لصالح قرار "التضامن الدولي مع نضال التحرر الفلسطيني"، الذي يدعو صراحة إلى المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية.
الفن
أطلق أكثر من 1000 فنان وتسميات موسيقية في أواخر عام 2025 حملة تحت عنوان "لا موسيقى للإبادة الجماعية - No Music for Genocide"، وتميزت بتبني إجراء تقني هو الأول من نوعه، يتمثل في "الحظر الجغرافي" (Geo-blocking) لمحتواهم الموسيقي ومنع بثه داخل الأراضي الإسرائيلية.
اظهار أخبار متعلقة
وشملت القائمة أسماءً عالمية بارزة، منها فرقة "Massive Attack"، التي وسعت نطاق احتجاجها بمقاطعة منصة "سبوتيفاي - Spotify" بسبب استثمارات مديرها في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي العسكري.
وضمت القائمة فنانين عالميين من بينهم "Björk" و"Lorde" و"Paul Weller"، الذين أكدوا التزامهم بالحظر تعبيرًا عن موقفهم الأخلاقي.
وفي نسخة هذا العام، أعلنت خمس دول أوروبية هي إسبانيا وهولندا وآيسلندا وأيرلندا وسلوفينيا مقاطعتها مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" احتجاجًا على السماح بمشاركة "إسرائيل"، في خطوة عكست تصاعد الرفض الرسمي والشعبي داخل القارة لهذه المشاركة.
وفي البرتغال، أعلن 7 من أصل 10 موسيقيين مشاركين في مسابقة الاختيار الوطني رفضهم تمثيل بلادهم في يوروفيجن 2026 حتى في حال فوزهم، معتبرين أن المشاركة الإسرائيلية تمثل تواطؤًا مع انتهاكات حقوق الإنسان، ومنددين بما وصفوه بازدواجية المعايير في ظل استبعاد روسيا سابقًا من المسابقة.
أما في بلجيكا، فقد وقّع 170 فنانًا وشخصية ثقافية رسالة احتجاج موجهة إلى هيئة البث البلجيكية انتقدوا فيها قرار الاستمرار في المشاركة، واعتبروا ذلك تناقضًا أخلاقيًا مقارنة بقرار استبعاد روسيا عام 2022، مؤكدين أن ذلك يخالف القيم التي يُفترض أن تلتزم بها مؤسسات البث العامة.
وامتدت الاحتجاجات إلى فائزين سابقين في يوروفيجن، إذ أعلن الفائز السويسري في نسخة 2024 نيمو نيته إعادة الجائزة احتجاجًا على مشاركة إسرائيل، كما أعلن الفائز البرتغالي عام 2017 سلفادور سوبرال رفضه المشاركة في النسخة الحالية تأكيدًا على موقف المقاطعة.
الرياضة
بعد انسحاب شركات "أديداس - Adidas" و"بوما - Puma" و"إيريّا - Erreà"، حاولت شركة "ريبوك - Reebok" سد الفراغ بتوقيع عقد رعاية مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في شباط/ فبراير 2025، إلا أن الضغط الشعبي وحملات المقاطعة وضعت الشركة في مأزق، مما دفعها في أيلول/ سبتمبر 2025 إلى طلب إزالة شعارها عن أطقم منتخب الاحتلال.
ومع التراجعات اللاحقة تحت الضغوط القانونية، أعلنت حركة المقاطعة يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 "يومًا عالميًا للعمل ضد ريبوك"، في إشارة إلى عمق الأزمة التي تلاحق العلامة التجارية.
اظهار أخبار متعلقة
وفي سياق مشابه، أعلنت شركة "Premier Tech" الكندية في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 إنهاء رعايتها لفريق الدراجات الإسرائيلي، الذي كان يحمل الاسم نفسه مع إضافة كلمة "إسرائيل" قبله، بشكل فوري.
وجاء هذا القرار بعد سلسلة من الاحتجاجات التي لاحقت الفريق في سباقات كبرى مثل "طواف فرنسا - Tour de France" و"طواف إسبانيا - Vuelta a España".
تفاصيل أكثر: ما قصة فريق الدراجات الإسرائيلي الذي عطّل سباق إسبانيا؟.. "أداة دعاية وغسيل رياضي"
ووصفت الشركة في بيانها استمرار الارتباط بالفريق بأنه أصبح "غير قابل للاستمرار"، وهو ما اعتبره مراقبون ضربة قاضية لجهود "الغسيل الرياضي" التي كانت تقودها أطراف استثمارية إسرائيلية.