أفضت خطة السلام الإقليمية التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، والمؤلفة من 22 بندا، إلى وقف إطلاق النار في قطاع
غزة، وأسفرت عن الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال
الإسرائيلي باستثناء أسير واحد لا يزال جثمانه داخل القطاع.
وبموجب الخطة، انسحب جيش الاحتلال إلى ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، الذي يشكل نحو 53 بالمئة من مساحة غزة، في حين استعادت حركة
حماس سيطرتها الكاملة على النسبة المتبقية البالغة 47 في المئة.
وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن ترامب يعتزم الانتقال قريبا إلى المرحلة الثانية من الخطة، والتي تتضمن انسحاب الاحتلال إلى خط الحدود الدولية، مع إنشاء منطقة أمنية عازلة يصل عرضها إلى ألف متر.
اظهار أخبار متعلقة
وبعد هذا الانسحاب، يُعلن رسميا انتهاء الحرب، على أن تدخل قوات متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة لتحل محل سيطرة حماس، وتبدأ في الوقت نفسه عملية إعادة إعمار واسعة، يُتوقع أن تفتح الباب أمام توسيع اتفاقيات السلام في الشرق الأوسط، ومع ذلك، لا يزال الغموض يحيط بمسألة نزع سلاح حماس وتفكيك أنفاقها.
وبحسب الصحيفة، يعكس هذا السيناريو تحولا جذريا وسريعا في السياسة الخارجية الأمريكية بالشرق الأوسط، تقوده إدارة ترامب بهدف فرض تسوية إقليمية على حكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين
نتنياهو، مدفوعة بإحباط متزايد من استمرار الحرب.
وترى الخطة أن نتنياهو يسعى إلى مواصلة الحرب إلى أجل غير مسمى، في تعارض مباشر مع رؤية ترامب، ما جعل بنود الخطة الـ22 أداة ضغط لفرض إرادته.
وأشارت "معاريف" إلى أن الخطة تتضمن جوهريا الدفع نحو إقامة دولة فلسطينية عبر قرار من مجلس الأمن، بما يعني فرض حل الدولتين على إسرائيل، إلى جانب إضفاء شرعية على تدخل تركيا وقطر في شؤون قطاع غزة، وهو ما تعتبره الصحيفة مساسا بأمن الاحتلال ونفوذه السياسي، ومنحا لقوى تُصنف على أنها معادية له.
اظهار أخبار متعلقة
ولفت التقرير إلى أن هذا التوجه يمثل تحولا استراتيجيا في التحالفات الإقليمية، عبر بناء تحالف جديد يوازن قوة دولة الاحتلال الإسرائيلي، خلافا للسياسة الأمريكية التقليدية الداعمة لها.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخطوات تنطوي على مخاطر وجودية، أبرزها تقويض الدعم الأمريكي التقليدي، والمس بالميزة العسكرية النوعية للاحتلال، من خلال بيع مقاتلات متقدمة مثل F-35 لدول بينها تركيا والسعودية، مع احتمال شمول قطر، إضافة إلى زيادة العزلة السياسية والدبلوماسية، وتعاظم التهديدات التقليدية وغير التقليدية.
ولفتت الصحيفة إلى أن السيناريو يصور حكومة الاحتلال بوصفها العقبة الرئيسية أمام السلام الإقليمي، ويشير إلى تخلي واشنطن عنها لصالح تحالف أوسع مع دول عربية وإسلامية.
وأكدت أنه كان بإمكان إسرائيل تفادي هذه المسارات لو تبنى نتنياهو خطة ترامب قبل عام، إذ كان من شأن ذلك وقف الحرب، والانسحاب من غزة، والإفراج عن الأسرى، وتوسيع اتفاقيات السلام، ومنع سلسلة تطورات سلبية أدت إلى عزل دولة الاحتلال ودفع قرارات دولية لا تصب في مصلحتها.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف التقرير أن استمرار نتنياهو في الدفع نحو مسار الحرب، ومحاولاته إقناع واشنطن بالسماح بهجمات إضافية في غزة ولبنان وإيران، يتجاهل الواقع العسكري المعقد، في ظل صعوبات يواجهها جيش الاحتلال البري في حسم المواجهة مع حماس، وعدم جاهزيته لهزيمة حزب الله، فضلا عن المخاطر الكبيرة لأي مواجهة جديدة مع إيران، التي أثبتت قدرتها على التعافي السريع.
وحذرت الصحيفة من أن هذا النهج يقود إسرائيل نحو عزلة سياسية خطيرة ويقربها من تهديد وجودي حقيقي، معربة عن أملها في أن تتجنب الإدارة الأمريكية الوقوع في هذا المسار.