مقابلات

قيادي سوداني لـ"عربي21": الحسم العسكري الكامل هو الحل الوحيد للأزمة

تسيطر "الدعم السريع" على ولايات إقليم دارفور الخمس غربا من أصل 18 ولاية بعموم السودان – عربي21
تسيطر "الدعم السريع" على ولايات إقليم دارفور الخمس غربا من أصل 18 ولاية بعموم السودان – عربي21
قال رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتغيير والعدالة في السودان والقائد العام لقوات الأورطة الشرقية (متحالفة مع الجيش)، الأمين داؤود، إن "الحسم العسكري الكامل هو الطريق والحل الوحيد لإنهاء التمرد والقضاء على المشروع الأجنبي وإعادة الدولة إلى مسارها الطبيعي"، مُشدّدا على أن "السودان يواجه اليوم معركة وجود لا تحتمل أي مساومات أو تنازلات من أي نوع".

وأضاف داؤود، في حديث خاص مع "عربي21"، أن: "كل المحاولات السياسية والهدن السابقة سُخّرت لتمكين ميليشيا الدعم السريع من إعادة التموضع، ما يجعل أي مسار غير الحسم مضيعة للوقت وتكريسا للفوضى"، وذكر أن "حجم الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وما كشفته معارك الفاشر ودارفور من فظائع، يثبت أن الميليشيا لا تؤمن مطلقًا بالحلول السلمية ولا تلتزم بأية هدنة"، مؤكدًا أن "البلاد لن تستعيد وحدتها واستقرارها إلا عبر عملية عسكرية حاسمة تُنهي وجود المليشيا بالكامل وتعيد بناء المؤسسات الوطنية على أساس سيادي خالص".

منعطف حاسم
وأشار إلى أن "المشهد العسكري والسياسي في السودان يشهد منعطفًا حاسمًا بعد سقوط الفاشر واتساع رقعة الاشتباكات"، مؤكدًا أن "الأحداث التي رافقت معركة الفاشر أظهرت للعالم حجم الانتهاكات التي مورست ضد المدنيين خلال الأسابيع الماضية، والصور والشهادات التي خرجت من المدينة مثّلت أدلة دامغة على حجم الجرائم، وأسهمت في إسقاط الرواية التي حاولت الميلشيا تقديمها خلال السنوات الماضية لتبرير تمدّدها العسكري والسياسي في دارفور ومحيطها".

وذكر داؤود أن "سقوط الفاشر لم يكن حدثا عسكريا فقط، بل شكّل نقطة فاصلة في الوعي العام السوداني والدولي، حيث أدرك الجميع أن الدعم السريع ليس قوة سياسية أو اجتماعية لها مطالب، بل مليشيا منفلتة من كل عقال تستخدم العنف المفرط والقتل الجماعي والاغتصاب والنزوح القسري كأدوات لتحقيق مكاسب ميدانية على حساب المدنيين".

اظهار أخبار متعلقة


وتابع: "بعد مرور فترة على أحداث 15 نيسان/ أبريل 2023، يمكن النظر إلى المشهدين السياسي والعسكري في السودان بنظرة إيجابية لصالح الدولة؛ إذ يشهد التمرد تراجعا كبيرًا على المستويين السياسي والعسكري، ولا سيما بعد مجزرة الفاشر التي صدمت العالم بوحشية قوات الدعم السريع وفضحت الدول الداعمة لها".

الالتفاف على الضغط الدولي
وذكر رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتغيير والعدالة، أن "الهدنة التي يطرحها الدعم السريع بين حين وآخر ليست سوى محاولة للالتفاف على الضغط الدولي"، منوها إلى أنه "لا توجد أي هدنة حقيقية مع طرف يتعمد خرق جميع الاتفاقات ويستغل فترات وقف النار لتهريب السلاح وتبديل القوات وإعادة التموضع في الأحياء المدنية".

وأوضح أن "الهدنة في أي نزاع مسلح تُبرم بين طرفين يلتزمان بالقانون الدولي الإنساني، بينما الدعم السريع طرف خارج عن القانون يقتل المدنيين ويحرق القرى ويسيطر على ممتلكات الناس، ولذلك فإن أي هدنة يعلنها ليست سوى مناورة سياسية تهدف إلى تخفيف الضغط عليه بعد الجرائم المتصاعدة في الفاشر وبقية دارفور، وبالتالي لا يجوز عقد أي هدنة معه تحت أي ظرف من الظروف".

وواصل حديثه قائلًا: "تؤكد الجبهة الشعبية المتحدة أن إعلان الدعم السريع عن الهدنة لا قيمة له على الإطلاق؛ فكلما أُتيحت له الفرصة للانتقام من المدنيين سيسارع إلى استغلالها. ونرى أن مخاطبة الدعم السريع للمجتمع الدولي لا تعدو كونها محاولة تضليل مفضوحة لا تنطلي على أحد"، وأضاف أن "المجتمع الدولي أصبح يرى بوضوح أن الميلشيا لا تحترم أي اتفاق، والهجمات التي نفذتها خلال فترات الهدنة السابقة تمثل دليلًا قاطعا، بعدما استخدمت وقف إطلاق النار في مرات عديدة لنقل الأسلحة والذخائر بطرق سرية عبر مناطق متعددة، وكأنها تستثمر الهدنة لإطالة أمد عملياتها العسكرية".

في حين رأى أن "الإمارات باتت تقود أخطر مشروع تخريبي يستهدف السودان دولةً وشعبا، فضلا عن المنطقة بأسرها"، مؤكدًا أن "الدور الإماراتي في حرب السودان تجاوز حدود الدعم السياسي واللوجستي والإعلامي، وتحوّل إلى إدارة فعلية للصراع عبر تمويل قوات الدعم السريع وتسليحها وإدارتها، حتى باتت تلك الميلشيا بمثابة ألعوبة في أيدي أبو ظبي".

دور الجبهة الشعبية المتحدة
وذكر أن "الجبهة الشعبية المتحدة للتغيير والعدالة أدت دورا وطنيا قبل الحرب وبعدها؛ فقد عارضت الاتفاق الإطاري لأنه كان مشروعًا خارجيًا يستهدف إعادة هندسة الوضع السياسي وفق مصالح أجنبية، وليس وفق الإرادة الوطنية، وبعد اندلاع الحرب انخرطت الجبهة في المقاومة السياسية والميدانية لحماية الدولة ومناهضة المشروع الأجنبي".

ونوّه إلى أن "دور الجبهة اليوم يتجاوز مجرد المعارضة السياسية؛ فهي تعمل ميدانيا في مناطق متعددة، وتنسق مع قوى وطنية من الشرق والشمال والوسط من أجل تعزيز جبهة الدفاع عن السودان"، مؤكدا أن "الجبهة لن تتراجع عن موقفها الرافض لأي تصفية سياسية تهدد وحدة البلاد أو سيادتها"، كما لفت إلى أن "الجبهة الشعبية دشّنت الحملة القومية لتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية، ودعت فيها إلى تتبع الجرائم التي ارتكبت بحق المدنيين"، مشيرًا إلى أن "الجبهة تتحرك عبر مسارات دبلوماسية وقانونية مع عدة دول ولجان أممية ومنظمات متخصصة لجمع الأدلة وتقديمها في ملفات قانونية متكاملة".

اظهار أخبار متعلقة


وأكمل: "سوف نتخذ كل ما بوسعنا للضغط على المجتمع الدولي وفضح الجرائم التي تهدد المواطن السوداني، حتى يتم تصنيف الدعم السريع ضمن المنظمات الإرهابية، ولدينا تواصل مع العديد من الجهات المحلية والإقليمية والدولية لدعم هذا المسار وتعزيزه".

ولفت رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتغيير والعدالة، إلى أن "الدعم السريع وثّق جرائمه بنفسه عبر مقاطع مصورة وصور مُعلنة، ما يجعل من السهل على أي جهة محايدة التحقق من حجم الانتهاكات التي ارتكبت خلال الأشهر الماضية"، مؤكدًا أن "هذه الأدلة ستكون حجر الأساس في أي تحرك قانوني دولي ضد المليشيا والممولين الإقليميين لها".

جرائم حرب مكتملة الأركان
وقال إن "الجرائم التي ارتكبت في دارفور - خاصة في الفاشر وكتم والجنينة - تُمثل جرائم حرب مكتملة الأركان، وتكشف زيف خطاب المظلومية الذي تطرحه المليشيا"، مضيفًا: "إذا افترضنا جدلا أن دارفور تُعدّ حاضنة للدعم السريع، فإن الواقع يؤكد عكس ذلك؛ فالهاربون من المليشيا يتوجهون اليوم إلى شمال السودان، لا إلى مناطق سيطرتها سواء الجنينة أو زالنجي، ما يكشف زيف ادعاءاتهم وفقدانهم لأي سندٍ اجتماعي، وهذا أكبر دليل على فقدانها لأي شرعية مجتمعية".

وأشار إلى أن "شرق السودان تأثر بالحرب باعتباره جزءًا أصيلًا من الدولة السودانية، لكنه اصطف خلف الجيش والموقف الوطني، ورفض أي مشاريع تستهدف تقسيم البلاد أو تمزيقها"، مؤكدًا أن "الشرق سيظل جزءًا من معركة الدفاع عن السودان دولة وشعبا وهوية".

وشدّد داؤود على أن "الجيش السوداني يستعد على قدم وساق لمرحلة ميدانية جديدة ومختلفة تستهدف دحر الميلشيا من بقية المناطق التي تتحصن فيها"، مؤكدًا أن "الأيام القادمة ستشهد عمليات نوعية واسعة، وأن الإرادة الشعبية اليوم أقوى من أي وقت مضى، ومتجانسة تمامًا مع الرؤية العسكرية الرامية لإنهاء التمرد"، وقال إن المرحلة المقبلة ليست مرحلة تفاوض أو مساومات سياسية، بل مرحلة تحرر وطني شامل، لأن ما جرى من جرائم ضد المدنيين لا يسمح بأي حلول وسط، موضحًا أن السودان يحتاج إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية خالصة بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

وأضاف أن "المجتمع الدولي لم يستوعب بعد طبيعة ما يجري في السودان، ويواصل التعامل معه كصراع داخلي، بينما هو - في جوهره - صراع تديره أطراف إقليمية عبر مليشيا تقتل المدنيين وتدمر المدن"، داعيا الولايات المتحدة إلى "اتخاذ خطوات حاسمة لمحاسبة ممولي الحرب"، واختتم داؤود بقوله إن "الصمت الدولي على الجرائم أصبح غير مقبول، وأن السودان بحاجة ماسة إلى موقف واضح ينسجم مع حجم المأساة الإنسانية"، محذرا من أن "ترك المليشيا تواصل جرائمها سيقود إلى كارثة أكبر تهدد أمن المنطقة بأسرها، وليس السودان وحده".

وفي أيلول/ سبتمبر 2025، طرحت الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، خطة تدعو إلى هدنة إنسانية بالسودان لمدة 3 أشهر، تمهيدًا لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة، ورغم مواصلة "قوات الدعم السريع" ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتوسيع رقعة سيطرتها بولايات دارفور وكردفان، أعلن قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.

اظهار أخبار متعلقة


بينما تحفظ رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي، لأنها "تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها" التي احتلتها، لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها ترحب بالتفاوض وفقا لخريطة طريق قدمتها الخرطوم للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب "قوات الدعم السريع" من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.

ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر "الدعم السريع" على ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.
التعليقات (0)

خبر عاجل