طالبت المديرة التنفيذية لمنظمة حقوق الإنسان "بيتسيلم"، يولي
نوفاك، بمحاسبة دولة
الاحتلال وأمريكا والغرب على
الإبادة الجماعية المرتكبة في
قطاع
غزة.
وقالت بمقال في صحيفة
الغارديان، إن الإبادة
الجماعية عملية مستمرة، وليست حدثا عندما تحدث إبادة جماعية، غالبا ما لا تظهر
جذورها والظروف التي سمحت بها إلا بعد فوات الأوان. وإذا ظلت هذه الظروف على
حالها ولم تكن هناك محاسبة، فهناك كل الأسباب للاعتقاد بأن العنف سيعود، وربما
أسوأ، خاصة إذا لم يتوقف تماما.
وأكدت أنه لما يقرب من عامين، "شنت
إسرائيل حملة في غزة تفي بأوضح تعريف للإبادة الجماعية: محاولة ممنهجة، غالبا ما
تكون معلنة علنا، لتدمير مجموعة من الناس، الفلسطينيين في غزة، من خلال القتل
والتجويع والتهجير القسري وتدمير الظروف المعيشية. فالإبادة الجماعية ليست
استعارة هنا، بل هو المصطلح الوحيد المناسب".
وقالت في المقال: "نشرت منظمتنا، بتسيلم،
تقريرا في تموز/ يوليو الماضي بعنوان إبادتنا الجماعية واخترنا هذا الاسم لأننا
لسنا مراقبين بل جزء من هذه القصة المروعة. عمل باحثون ومحققون وعاملون ميدانيون
إسرائيليون وفلسطينيون معا لتوثيق الأحداث في غزة والضفة الغربية وداخل إسرائيل.
يؤكد استنتاجنا ما قاله الفلسطينيون والخبراء الدوليون منذ زمن طويل: هذه إبادة
جماعية هجوم مباشر على شعب يهدف إلى تدميره".
وأوضحت أن الفلسطينيين في غزة تعرضوا للقصف، ثم
التهجير القسري، ثم التجويع المتعمد. وقتل أكثر من 68 ألف شخص، ثلثهم من الأطفال
والنساء. قد يكون هذا العدد أعلى بكثير، مع وجود عشرات الآلاف ممن لا يزالون في
عداد المفقودين. وأصيب مئات الآلاف. استهدفت المستشفيات والصحفيون بشكل منهجي. دفن
الأطفال أحياء تحت الأنقاض محيت عائلات بأكملها هدمت البنية التحتية. أعلن
المسؤولون الإسرائيليون صراحة أن الهدف هو تدمير غزة وجعلها غير صالحة للسكن.
بحسب التعريف العلمي، هذه إبادة جماعية: الاستهداف المتعمد للأشخاص ليس بسبب
هويتهم كأفراد، ولكن لأنهم أعضاء في جماعة محددة للتدمير.
وأشارت إلى أن جذور هذه الإبادة الجماعية لم
تبدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولم تنتهِ باتفاق وقف إطلاق النار. جذورها
تمتد إلى عقود من الحكم العسكري الإسرائيلي على الفلسطينيين، والفصل العنصري،
والإفلات من العقاب، ونزع الإنسانية، مدفوعة بنظام بني لضمان التفوق اليهودي على
كامل الأرض. هذا لا يعني أن هذه الإبادة الجماعية كانت حتمية. فكل إبادة جماعية
تعتمد على الظروف المواتية والأحداث التي تدفعها إلى الأمام.
وشددت على أن المجتمع الدولي، ولا سيما
الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى، سمح بحدوث كل هذا. هكذا تبدو
الإبادة الجماعية في القرن الحادي والعشرين: ليس فقط من حيث النطاق أو الطريقة،
ولكن في كيفية تطبيعها. كيف تراقب الحكومات والقادة، وخاصة في الولايات المتحدة
وأوروبا، الدمار دون أن يحركوا ساكنا. أو الأسوأ من ذلك، يدعمونه ويمكّنونه.
اظهار أخبار متعلقة
ثم أكدت أنه وعلى الرغم من دعاية إسرائيل، فقد
أدرك الناس في الولايات المتحدة وحول العالم ما يحدث. تتصاعد حركة متنامية من
المواطنين، ليس فقط ضد الإبادة الجماعية، بل ضد النظام الذي يمكّنها. لا بد من
تسمية هذا النظام: نظام تحكم عنيف بملايين يوصفون بالدونية. نظام فصل عنصري،
تقوده حكومة إسرائيلية تتبنى العنصرية، ويمكّن مليشيات المستوطنين من إرهاب
مجتمعات الضفة الغربية، ويدير معسكرات تعذيب تحتجز آلاف الفلسطينيين دون محاكمة،
ويرتكب جرائم حرب يومية.
وقالت إن من المغري، وخاصة بالنسبة
للإسرائيليين، الاعتقاد بأن الأسوأ قد انتهى. لكن في غزة، لا تزال الإبادة
الجماعية مستمرة في الأطراف المبتورة، والصدمات النفسية غير المعالجة، وانتشار
الجوع تواصل إسرائيل منع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية الأخرى وضياع أجيال لن
يقع ثمن تطبيع هذه الإبادة الجماعية على عاتق الفلسطينيين وحدهم إن تداعياتها
العالمية هي بالضبط السبب الذي دفع المجتمع الدولي، بعد الحرب العالمية الثانية،
إلى إنشاء إطار قانوني لمنع تكرار الفظائع، مثل الإبادة الجماعية فعندما يسمح
لدولة ما بمحو أمة أخرى دون عواقب، فإنها تقول للحكومات المستقبلية: يمكنك فعل
هذا أيضا والإفلات من العقاب.
وأكدت أنه "يجب ألا نغض الطرف يجب ألا
نمضي قدما يجب على أولئك الذين يرغبون في الوقوف معنا، جميعنا، شعب هذه الأرض،
أن يتحركوا لوقف هذا النظام العنيف والعنصري والفاشي بشكل متزايد، ومحاسبة قادته".
وخلصت إلى أن المساءلة ضرورية ليس للانتقام،
ولكن لأنه لا حساب دون مسؤولية يجب ألا يتم تطبيع الإبادة الجماعية ويجب ألا يمر
النظام الذي يرتكبها دون تحد.