ملفات وتقارير

حفل جوائز كتاب فلسطين 2025 في لندن.. احتفاء بالذاكرة والمقاومة وسرد الحقيقة

ألقى الجراح البريطاني ـ الفلسطيني المعروف د. غسان أبو سِتّة الكلمة الرئيسية للحفل، مقدّمًا قراءة قاسية ومباشرة لما وصفه بـ"الإبادة الجماعية المتواصلة" في غزة. عربي21
ألقى الجراح البريطاني ـ الفلسطيني المعروف د. غسان أبو سِتّة الكلمة الرئيسية للحفل، مقدّمًا قراءة قاسية ومباشرة لما وصفه بـ"الإبادة الجماعية المتواصلة" في غزة. عربي21
شهدت العاصمة البريطانية لندن، مساء أول أمس الجمعة، إقامة الدورة الرابعة عشرة من جوائز كتاب فلسطين 2025 التي ينظمها سنويًا "ميدل إيست مونيتور" (MEMO)، في احتفال أدبي وثقافي اتسم بعمق رمزيته وتزامنه مع لحظة فلسطينية شديدة الحساسية.

وقد تحوّل الحفل، الذي جمع كتّابًا وأكاديميين وناشرين وفنانين ونشطاء من مختلف البلدان، إلى منصة تضامن ثقافي وتاريخي مع فلسطين، وإلى تأكيد على مركزية السرد الفلسطيني في مواجهة محاولات محوه.

مشاركات قياسية وتنوع لافت

وسجلت نسخة هذا العام مشاركة غير مسبوقة، إذ تجاوز عدد الكتب المتقدمة للمسابقة 80 إصدارًا في مختلف المجالات، وهو أعلى رقم في تاريخ الجائزة. وأعلن خلال الحفل عن أسماء الفائزين لسبع فئات رئيسية، جاءت على النحو التالي: جائزة الكتاب الأكاديمي.. د. ناصر أبو رحمة، جائزة الترجمة: حازم جمجوم، جائزة الإبداع الأدبي: يوسف الجمل، جائزة التاريخ الشفوي: محمد طربوش، جائزة المذكرات: سارة عزيزة، جائزة غزة للتأثير العالمي: بانكاج ميشرا، جائزة "التيار المضاد": محمد الكرد وعمّار العقاد، جائزة الإنجاز مدى الحياة: المؤرخ البارز البروفيسور وليد الخالدي.

فعاليات مرافقة وحضور نوعي

وانطلقت الاحتفالات باكرًا مساء الخميس في "غاليري P21"، حيث اجتمع الجمهور مع جميع الكتّاب المرشحين للقائمة القصيرة، في أمسية شهدت نقاشات موسعة حول الكتابة الفلسطينية وتحدياتها في ظل الظروف الراهنة.

أمّا الحفل الرئيسي فقد أقيم يوم الجمعة في قلب لندن، وتولّت تقديمه الشاعرة والناشطة البريطانية-الفلسطينية ليان محمد، التي افتتحت الأمسية بكلمات مؤثرة أكدت فيها أن "العالم لم يعد كما كان بعد غزة"، قبل أن تقود دعاءً على روح الأكاديمي الراحل د. رفعت العرير وجميع شهداء فلسطين. وأضافت: "يبتكرون طرقًا كثيرة ليمحونا… ونجد طرقًا أكثر لنعيش".

كلمة الافتتاح.. الأدب مقاومة

وفي كلمته الترحيبية، قال مدير "ميدل إيست مونيتور" د. داود عبد الله إن الكتب المشاركة هذا العام "تحمل القصة المركزية لفلسطين: قصة الإصرار على مقاومة الإخضاع". وأكد أن الجرائم الإسرائيلية ضد المستشفيات والمدارس والبنى المدنية ليست جديدة، وأن دور الأدب هو كشف امتداد هذه المظالم عبر الزمن. وختم قائلاً: "في هذه اللحظة القاتمة، قدّم لنا هؤلاء الكتّاب الضوء… وفي عيون الفلسطينيين، كلهم فائزون".

خطاب أبو سِتّة.. "مواجهة محاولات المحو"

وألقى الجراح البريطاني ـ الفلسطيني المعروف د. غسان أبو سِتّة الكلمة الرئيسية للحفل، مقدّمًا قراءة قاسية ومباشرة لما وصفه بـ"الإبادة الجماعية المتواصلة" في غزة. واعتبر أن المرحلة الحالية تمثل "طورًا جديدًا" في المشروع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، يهدف إلى الانتقال من إدارة القضية الفلسطينية إلى السعي لمحوها بالكامل.

وأوضح أبو سِتّة أن أحد الركائز المركزية لعمليات الإبادة هو الإنكار، الذي يُبنى على "نزع الإنسانية" عن الضحية وتجريد الأطفال الفلسطينيين من قابلية أن يُحزن عليهم، ما يجعل قتلهم مقبولاً في الخطاب الغربي السائد. وقال: "هذا ما يسمح للإبادة أن تستمر… وهذا ما يجب أن نواجهه".

كما لفت إلى أن غزة، رغم مأساويتها، "كشفت للعالم منظومات القوة وكيف تتغلغل في كل المستويات للحفاظ على هيمنتها وإقصاء من تعتبرهم سكانًا فائضين".

تكريم خاص لوليد الخالدي

وخلال الأمسية، قدّم عدد من الأكاديميين والكتاب ـ من بينهم د. أشجان عجور، والبرفسورة بيني غرين، ود. عفاف جبيري، وفراس أبو هلال ـ الجوائز للفائزين. واختتم الحفل بعرض مرئي خاص تكريمًا للمؤرخ الكبير البروفيسور وليد الخالدي، الفائز بجائزة الإنجاز مدى الحياة، تقديرًا لإسهاماته الممتدة في الدفاع عن الرواية الفلسطينية وتثبيت حقائقها التاريخية.

هكذا رسّخت دورة 2025 من جوائز كتاب فلسطين مكانتها كأحد أبرز الفعاليات الثقافية الفلسطينية العالمية، جامعًة بين الاحتفاء بالإبداع الأدبي والبحثي، وبين تأكيد دور الثقافة في مواجهة المحو والاستعمار وخطابات التزييف. وفي لحظة تاريخية شديدة الألم، جاءت الأمسية لتعيد إبراز قوة الكلمة والمخيلة أمام آلة القمع والطمس.

ميدل إيست مونيتور.. منصة دولية لصون الرواية الفلسطينية

يُعد ميدل إيست مونيتور واحدًا من أبرز المراكز الإعلامية والبحثية في أوروبا المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط، مع تركيز خاص على فلسطين. تأسس في لندن بهدف مواجهة اختلال السرديات في الإعلام الغربي، وإبراز الوقائع المغيبة والأصوات المهمّشة. ويعتمد المركز على شبكة واسعة من الباحثين والكتاب لتقديم تقارير وتحليلات معمّقة، إضافة إلى تنظيم فعاليات ثقافية وفكرية كبرى، من أبرزها جوائز كتاب فلسطين.

جائزة كتاب فلسطين.. منصة دولية لحماية الذاكرة الفلسطينية

انطلقت جوائز كتاب فلسطين عام 2012 لتكريم المؤلفات التي تعالج القضية الفلسطينية عبر الأدب والبحث والتاريخ والترجمة. وخلال سنوات قليلة تحولت الجائزة إلى حدث ثقافي عالمي يجمع نخبة من الكتاب والباحثين والناشرين، ويوفر مساحة لتقديم أعمال توثق الذاكرة الفلسطينية وتفضح بنية الاستعمار الاستيطاني، وتضع فلسطين في قلب النقاشات الفكرية العالمية. وتشمل فعالياتها ندوات عامة ولقاءات مفتوحة مع المؤلفين، إضافة إلى حفل التكريم الرسمي.











التعليقات (0)