مصر في قعر
الهاوية.. والأقصى ينادي بالصحوة
في أواخر عام
2025، ومصر تغرق في مستنقع من الديون الخانقة التي بلغت 200 مليار دولار، ومعدل
تضخم يلتهم أحلام الطبقة الوسطى، وشباب يتخرجون من الجامعات ليجدون أنفسهم في صفوف
الجياع، يبدو الأمر كأنه كابوس لا ينتهي. النظام العسكري، الذي يقوده عبد الفتاح
السيسي منذ انقلاب 2013، لم يعد مجرد فاشل؛ إنه مجرم يسرق الشعب باسم "الأمن
القومي".
الاقتصاد ينهار:
مصر تحتل المرتبة الأولى عربيا في الديون، والثانية في مخاطر التمويل، كما كشفت
تقارير دولية حديثة. جودة الحياة هنا في قاع التصنيف العالمي، المرتبة 85 من 88
دول، مع 83.2 نقطة فقط، حسب تصنيف Numbeo لنصف 2025. سياسيا، القمع
يخنق أي صوت معارض، واجتماعيا، الفجوة بين الغنى الفاحش للعسكر والفقر المدقع
للشعب أصبحت جرحا نازفا. هذا ليس مجرد فشل؛ إنه إبادة بطيئة للأمة.
لكن في هذا
الظلام، يلوح أمل غريب: "طوفان الأقصى". العملية العسكرية الفلسطينية في
7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي هزت أركان الاحتلال الإسرائيلي، لم تكن مجرد
هجوم؛ كانت صرخة تحرر أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الوعي العربي. بعد عامين،
في 2025، ما زالت تداعياتها تهز المنطقة، وتضع مصر أمام مفترق طرق. هنا السؤال
الجريء: هل يمكن للمعارضة المصرية، هذه الوحش الجريح الذي يلهث تحت وطأة القمع، أن
تحول القضية المصرية إلى "مشروع مصري" وطني يجمع الشعب حول راية التحرر
من الداخل والخارج؟ هل "طوفان الأقصى" فرصة لتحويل الغضب إلى ثورة هادرة،
في وجه النظام العسكري الذي باع القضية لإسرائيل مقابل حفنة قروض وصفقات؟
هذا المقال ليس
تحليلا باردا؛ إنه صرخة بشرية، من قلب مصري ينزف، يطالب بالجرأة. سنستعرض الفشل،
نستخرج دروس "طوفان الأقصى"، نكشف قدرات المعارضة وحدودها، ونحاول رسم
خطة عملية لتحويل "القضية" إلى "مشروع". لأن مصر ليست مجرد
دولة؛ إنها أمة تستحق النهوض، لا الاستسلام.
القسم الأول:
الفشل الشامل للنظام العسكري.. مصر في قبضة الإفلاس والقمع
دعونا نواجه
الحقيقة بجرأة: عبد الفتاح السيسي لم ينقذ مصر؛ هو من دمرها. منذ انقلابه،
تحولت مصر إلى دولة عسكرية، حيث يسيطر الجيش على 60 في المئة من الاقتصاد، من خلال
شركات وهمية تسرق الميزانية العامة. في 2025، بلغ الدين الخارجي 161 مليار دولار،
ومن المتوقع أن يصل إلى 202 مليار بحلول 2030، حسب صندوق النقد الدولي. خدمة الدين
تستهلك 65 في المئة من الميزانية في العام المالي 2025/2026، مما يعني أن كل جنيه
يُولد يذهب للبنوك الأجنبية، لا للمدارس أو المستشفيات. الاقتصاد ينمو بنسبة 4.5
في المئة، لكنه نمو وهمي مدعوم بالديون، لا بالإنتاج الحقيقي، كما يؤكد تقرير
"المشهد المصري" لتشرين الأول/ أكتوبر 2025.
سياسيا، النظام
يعتمد على القمع: آلاف السجناء السياسيين، وانتخابات مزيفة، وإعلام
يبث الدعاية. اجتماعيا، البطالة بين الشباب 30 في المئة، والفقر يطال 60 في المئة
من السكان. هذا ليس حكما؛ إنه إجرام.
السيسي حبس نفسه
في قفص الفشل، كما وصفته هيومن رايتس ووتش في 2024، وما زال يعيش في وهم
"الاستقرار" بينما الشعب يغرق. في ظل هذا العجز، أصبحت القضية
الفلسطينية -التي كانت دائما قلب مصر النابض- مجرد أداة للنظام العسكري ليظهر
كـ"وسيط"، بينما يتآمر سرا مع إسرائيل لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء،
كما كشفت تقارير عن مخططات الاحتلال.
هذا الفشل ليس
مصادفة؛ إنه نتيجة نظام يرى في الشعب عدوا، وفي إسرائيل حليفا. لكن هنا تأتي
"طوفان الأقصى" كسيف ذو حدين: يهدد النظام بغضب الشارع، ويمنح المعارضة
فرصة للالتفاف حول قضية وطنية حقيقية.
القسم الثاني:
"طوفان الأقصى".. الصفعة التي أيقظت الضمير العربي وكشفت عورة النظام
المصري
عندما شنت حماس
عملية "طوفان الأقصى"، لم تكن مجرد عملية عسكرية؛ كانت ثورة هزت معادلة
الردع الإسرائيلي، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية. بعد عامين، في
2025، تضررت بنية حماس العسكرية، لكن الردع الإسرائيلي انهار منه جزء كبير، كما
يؤكد تحليل الجزيرة.
تغيرت المنطقة:
حرب
غزة أدت إلى دمار هائل، لكنها أجبرت على إعادة التفكير في الصراع، مع تداعيات
اقتصادية وسياسية شملت الجميع، بما في ذلك مصر.
بالنسبة لمصر،
كانت التداعيات مدمرة وملهمة معا. نظام السيسي، الذي يدير معبر رفح عبر العرجاني
كأداة للابتزاز، واجه ضغوطا هائلة: مخاوف من نزوح ملايين الفلسطينيين إلى سيناء،
مما يهدد الأمن القومي الحقيقي. في الوقت نفسه، أدت العملية إلى إحياء الدور
المصري كوسيط، مع قمة شرم الشيخ في تشرين الأول/ أكتوبر 2025 التي أنهت الحرب مؤقتا،
كما أفادت بي بي سي. لكن هذا الدور كان مزيفا: مصر رفضت التهجير، لكنها سمحت بعقد
صفقة الغاز الإسرائيلي مقابل الصمت، مما يعكس خيانة القضية.
علينا أن نقول إن
"طوفان الأقصى" كشفت عورة السيسي. الشعب المصري، الذي ينزف اقتصاديا،
وجد في غزة مرآة لمعاناته: احتلال خارجي يتآمر مع ديكتاتور داخلي. على منصة إكس غمرت
المنشورات غضبا: "مصر تبيع القضية لإسرائيل مقابل قروض"، كما في تغريدات
ناشطين يطالبون بثورة داخلية. هذا الطوفان ليس فلسطينيا فقط؛ إنه دعوة لمصر لتحرير
نفسها أولا.
القسم الثالث:
الاستفادة من "طوفان الأقصى": كيف نحول القضية الفلسطينية إلى مشروع
وطني مصري
القضية
الفلسطينية ليست بعيدة عن مصر؛ إنها جزء من هويتنا. منذ 1948، دافعت مصر عن فلسطين
عسكريا وسياسيا، كما في حرب الـ48 وحصار غزة. لكن تحت السيسي أصبحت أداة للدعاية. الآن، بعد "طوفان الأقصى"، يمكن تحويلها إلى
"مشروع مصري" يجمع الشعب حول أهداف وطنية: التحرر من الاحتلال الخارجي
(إسرائيل) والديكتاتورية الداخلية (العسكر).
والسؤال هنا هو كيف؟
أولا، ربط
الصراعين: التهجير إلى سيناء ليس تهديدا فلسطينيا؛ إنه مؤامرة إسرائيلية-سيسية
لتفتيت مصر، كما كشفت خطط الأمم المتحدة في الخمسينيات.
ثانيا، بناء
تحالف شعبي: حملات توعية تربط معاناة غزة بفقر مصر، مستلهمة من بعض ركائز مصرية
تجاه فلسطين: إقامة دولة فلسطينية، رفض التهجير، دعم الوحدة.
ثالثا، اقتصاديا:
مقاطعة الغاز الإسرائيلي، وتحويل المساعدات لفلسطين إلى مشاريع مشتركة في سيناء،
لتعزيز الاقتصاد المصري بدلا من تمويله للديكتاتور. هذا المشروع يجب أن يكون وطنيا:
يجمع الإسلاميين، اليساريين، القوميين حول
"مصر حرة،
فلسطين حرة".
كما أنقذت مصر
القضية من التصفية في 2025، يمكنها إنقاذ نفسها، وإذا لم نفعل، سنصبح جزءا من
المشروع الصهيوني.
القسم الرابع:
المعارضة المصرية.. بين الانقسام والإمكانية: هل تملك القوة للتحول؟
المعارضة المصرية
في 2025 منقسمة كالزجاج المكسور وتحديات هائلة أمامها: قمع أمني، انقسامات داخلية،
وفقدان ثقة الشعب، كما يناقش أحمد صبرة في مقالاته عن كسب الثقة في 2025. أيمن نور
يرى أملا في التغيير، لكنه يحذر من أن يعيد التاريخ نفسه.
لكن قدرات
المعارضة موجودة: شباب السوشيال ميديا الذين يربطون "طوفان الأقصى" بفشل
السيسي، كما في تغريدات تطالب بـ"ثورة داخلية"، والإخوان المسلمين،
الذين يملكون قاعدة شعبية، رغم سجنهم.
المعارضة تستطيع
إذا توحدت حول "المشروع المصري"، مستفيدة من غضب الشارع تجاه الخيانة
لفلسطين. ليست هزيمة؛ إنها فرصة للنهوض، كما في تحالفات 2005، لكن أقوى.
القسم الخامس:
الخطة العملية.. من القضية إلى المشروع: خطوات جريئة للمعارضة
لتحويل القضية
إلى مشروع، يجب على المعارضة:
1-
التحول الإعلامي: حملة "مصر مع غزة" على إكس وفيسبوك، تربط الفشل
الاقتصادي بالخيانة، مستلهمة من منشورات تطالب بـ"إسقاط النظام".
2- التحالف
الشعبي: عقد مؤتمرات وطنية افتراضية، تجمع الإخوان، واليسار، والناشطين حول
برنامج: إنهاء الاتفاقيات مع إسرائيل، وإعادة توزيع الثروة العسكرية، وكيفية إنجاح
المشروع المصري في مواجهة مشروع العسكر ظاهريا والمشروع الصهيوني من خلف الستار.
3-
الفعل الاقتصادي: دعوات للمقاطعة، وصناديق دعم لسيناء كـ"حزام أمني فلسطيني- مصري".
4- الضغط الدولي: التواصل مع منظمات حقوقية
لكشف التهجير، مستفيدة من قمة شرم الشيخ كغطاء.
5-
الثورة السلمية: مظاهرات مرتبطة بغزة، تحول الغضب إلى حركة وطنية.
هذه الخطة ليست
وهما؛ إنها ضرورة، فالمعارضة قادرة إذا تجرأت.
الخاتمة: الآن أو
أبدا.. دعوة للثورة الوطنية
مصر ليست مصيرها
الإفلاس والقمع؛ إنها أم الدنيا، قادرة على النهوض. المعارضة، يا إخوتي، لديها
القدرة إذا التزمت بالجرأة: تحول القضية إلى مشروع يجمع المصريين، يطيح بالعسكر،
ويبني وطنا حرا. الشعب ينتظر الصرخة؛ فهل تسمعون؟ الثورة هي الحل، والأقصى شاهد
عليها. قوموا، قبل فوات الأوان.