افتتاح
المتحف
المصري الكبير، بعد سنوات من الانتظار والتأجيل، يمثل حدثا ثقافيا ضخما
يسلّط الضوء على واحدة من أعظم حضارات التاريخ الإنساني، لكن في الوقت ذاته، يفتح
الباب أمام تساؤلات عديدة حول كيفية توظيف هذا الإنجاز في ظل أزمة اقتصادية خانقة
تعيشها مصر منذ سنوات.
من
الناحية المعمارية والإدارية، يُعدّ
المشروع من أكبر المتاحف الأثرية في العالم،
ويضم آلاف القطع الفريدة التي تُعرض لأول مرة في مكان واحد. لا شك أن المتحف سيكون
واجهة سياحية راقية، وقد يساهم في رفع عائدات السياحة جزئيا إذا توافرت له الإدارة
الجيدة والتسويق الفعّال. غير أن الإنجاز المعماري رغم ضخامته، لا يمكن فصله عن
سياق إدارة الدولة للملف الاقتصادي العام. فالمتحف الذي تجاوزت تكلفته المليار
دولار،
الإنجازات الحقيقية لا تُقاس فقط بضخامة الحجارة والزجاج، بل بقدرة المؤسسات على تحويلها إلى مصادر مستدامة للدخل والوعي
يأتي في وقت تواجه فيه مصر واحدة من أسوأ أزماتها الاقتصادية، حيث تتفاقم
الديون الخارجية ويتراجع الجنيه وتزداد معاناة المواطنين اليومية.
يرى
مراقبون أن النظام الحاكم يسعى لاستثمار افتتاح المتحف كإنجاز يُضاف إلى سجل عبد
الفتاح
السيسي، خاصة في ظل تراجع الشعبية الداخلية واشتداد الانتقادات بشأن
أولويات الإنفاق العام. فبدلا من ضخ الاستثمارات في قطاعات إنتاجية توفر فرص عمل
وتحرك السوق، تمضي الدولة في مشروعات كبرى ذات طابع دعائي، تبدو فاخرة المظهر
لكنها محدودة الأثر على حياة المواطن العادي.
في
المقابل، لا يمكن إنكار أن
المتحف المصري الكبير مشروع قومي طال انتظاره، وكان حلما
راود علماء الآثار لعقود طويلة قبل أن تبدأ مراحل تنفيذه الفعلية في أوائل الألفية.
لكن السؤال الأهم: هل سيبقى هذا الصرح مجرد واجهة للترويج السياسي، أم يتحول إلى
محور حقيقي لنهضة ثقافية وسياحية تساهم فعلا في تحسين الوضع الاقتصادي؟
إن
الإنجازات الحقيقية لا تُقاس فقط بضخامة الحجارة والزجاج، بل بقدرة المؤسسات على
تحويلها إلى مصادر مستدامة للدخل والوعي.