في تحولٍ
سياسي لافتٍ يعبّر عن تبدّل المزاج العام داخل الولايات المتحدة، حقق السياسي
الأمريكي من أصول أفريقية وآسيوية، زهران
ممداني، فوزا تاريخيا في الانتخابات
المحلية بنيويورك، حاملا معه خطابا تقدميا إنسانيا يتحدى سردية اليمين الأمريكي
المتصهين، ويضع حدّا لتغلغل المال والسياسة في دعم الاحتلال
الإسرائيلي.
هزيمة
رمزية لترامب ومعسكر الكراهية
فوز
ممداني لا يمكن قراءته بمعزل عن المناخ السياسي الذي زرعه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، والذي بنى مشروعه السياسي على التحريض العنصري والتبعية العمياء للوبي
الصهيوني. فقد مثّل ترامب طوال سنوات حكمه نموذجا فاضحا لتحالف المال والنفوذ من
أجل حماية الاحتلال الإسرائيلي وتوسيع نفوذه في المنطقة، متجاوزا كل القيم التي
تدّعيها الديمقراطية الأمريكية.
لكن
نيويورك، المدينة التي كانت يوما ما معقل رأس المال واليمين الليبرالي، قالت
كلمتها الآن بوضوح: كفى تطرفا، كفى ازدواجية، كفى تواطؤا مع الاحتلال.
فوز ممداني ليس مجرد انتصار انتخابي محلي، بل إشارة قوية إلى انحسار النفوذ الإسرائيلي في دوائر القرار المحلي الأمريكي، وتآكل قدرة اللوبيات المالية على فرض أجندتها على المواطنين
ممداني،
الذي لا يخفي دعمه العلني لحقوق الشعب الفلسطيني، يرمز لجيل جديد من السياسيين
الأمريكيين الذين يرفضون أن تُدار بلادهم بعقلية "الشيك على بياض" تجاه
جرائم الاحتلال. فخطابه القائم على العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية يتناقض
جذريا مع خطاب ترامب الذي استخدم البيت الأبيض منصة لتبييض جرائم الحرب في غزة
والقدس.
إسرائيل
تخسر نفوذا في أهم المدن الأمريكية
الاحتلال
الإسرائيلي تلقى صدمة حقيقية بعد إعلان فوز ممداني، فقد خرج وزير في حكومة
الاحتلال يدعو يهود نيويورك إلى الهجرة "خوفا من حكم مسلم معادٍ لإسرائيل"،
في تصريح يكشف حجم الذعر داخل المؤسسة الصهيونية من التحولات التي يشهدها الرأي
العام الأمريكي.
نيويورك المدينة
التي طالما كانت عاصمة غير رسمية للوبي الإسرائيلي في أمريكا تشهد الآن تحوّلا
جذريا؛ فجيل الشباب، والنشطاء، والمجتمع المدني، بدأوا يرفعون أصواتهم ضد التمويل
الأمريكي غير المحدود لآلة القتل في غزة، وضد ازدواجية المعايير التي يكرّسها
السياسيون التابعون لترامب ورفاقه.
فوز
ممداني ليس مجرد انتصار انتخابي محلي، بل إشارة قوية إلى انحسار النفوذ الإسرائيلي
في دوائر القرار المحلي الأمريكي، وتآكل قدرة اللوبيات المالية على فرض أجندتها
على المواطنين.
نتيجة
مباشرة لحرب غزة
غزة هي الشرارة التي أيقظت الضمير العالمي، ومهدت لصعود وجوه سياسية جديدة مثل زهران ممداني، لا تخشى مواجهة اللوبي الصهيوني، ولا تساوم على القيم الإنسانية
لا يمكن
فصل فوز ممداني عن التغير العالمي الذي أحدثته معركة طوفان الأقصى، وما تلاها من
حربٍ همجية على غزة كشفت زيف الادعاءات الإسرائيلية حول "الديمقراطية" و"الحق
في الدفاع عن النفس".
فصور
الأطفال تحت الركام، وصمود أهل غزة أمام آلة القتل، أسقطت القناع المزيف عن وجه
الاحتلال أمام ملايين الأمريكيين الذين بدأوا يدركون حجم الجريمة المستمرة منذ
عقود.
لقد كانت
غزة هي الشرارة التي أيقظت الضمير العالمي، ومهدت لصعود وجوه سياسية جديدة مثل
زهران ممداني، لا تخشى مواجهة اللوبي الصهيوني، ولا تساوم على القيم الإنسانية.
فوزه بهذا
المعنى يُعد أحد أبرز نتائج طوفان الأقصى، حيث تحوّل الوعي الشعبي الأمريكي من
التأثر بالدعاية الصهيونية إلى التعاطف مع المظلومين، وإدانة القاتل لا الضحية.
رسالة من
نيويورك إلى واشنطن
رسالة
ممداني واضحة: أمريكا الجديدة قادرة على الوقوف إلى جانب العدالة لا إلى جانب
الاحتلال. وإذا كانت إدارة ترامب قد فتحت السفارة الأمريكية في القدس، وضغطت
لتجريم حركة المقاطعة (BDS)،
فإن فوز ممداني يُعيد الأمل في صوتٍ أمريكيٍّ حر، يرى أن دعم حقوق الإنسان لا
يتجزأ، وأن الدم الفلسطيني ليس أقل قيمة من أي دم آخر.
إنها
هزيمة رمزية لترامب ولمنظومته التي ربطت السياسة الخارجية الأمريكية بمصالح
الاحتلال الإسرائيلي، وهي بداية لصوت جديد في المدن الكبرى يقول بوضوح: لن يتحكم
فينا اللوبى الصهيونى من جديد..