صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي: الوضع في الضفة الغربية سيبقى مشتعلا حتى إشعار آخر

أركين يقول إن من اعتقدوا أن نهاية الحرب على غزة ستتيح لإسرائيل ضم الضفة كانوا واهمين - جيتي
أركين يقول إن من اعتقدوا أن نهاية الحرب على غزة ستتيح لإسرائيل ضم الضفة كانوا واهمين - جيتي
بينما تنشغل دولة الاحتلال بعملياتها في قطاع غزة، يبقى مصير الضفة الغربية أحد أكثر الملفات تعقيداً وغموضاً، إذ لا يلوح في الأفق أي توافق داخلي أو حل سياسي واضح، ما يجعلها برميل بارود مرشحاً لتفجير الوضع في المنطقة بأسرها.

قال دان أركين، المحرر الرئيسي في مجلة "يسرائيل ديفينس" المتخصصة في الشؤون العسكرية، إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر أعاد مجددًا الجدل حول مستقبل الضفة الغربية، مشيرًا إلى أن من ظنوا أن انتهاء الحرب على غزة سيفتح الطريق أمام إسرائيل لضم الضفة قد خاب ظنهم، بعدما وجّه "الصديق في البيت الأبيض" رسالة صارمة لدعاة الضم مفادها "توقفوا"، رغم أن مسألة الضفة بقيت لعقود من أبرز القضايا التي تشغل الإسرائيليين.

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "المتظاهرين المناهضين لدولة الاحتلال في المدن الأوروبية والأمريكية والجامعات، يتظاهرون أساساً ضدّ "الاحتلال" في المقام الأول، وقد مرت ثمانية وخمسون عامًا منذ احتل الجيش الضفة الغربية في حرب 1967، ولا يقبل العالم الليبرالي الديمقراطي "الاحتلال"، ويحتج ضده حتى يومنا هذا، حتى بعد هجوم السابع من أكتوبر، لأن الحجج التي تُسمع في دولة الاحتلال حول "أرض الآباء والأجداد، والوعد الإلهي لإبراهيم"، لا تُقبل بين معارضيها لاحتلال أكثر من مليوني فلسطيني، وأراضيهم".

وأشار أن "صديق البيت الأبيض، ترامب، قال إن دولة الاحتلال لن تضمّ الضفة الغربية، ولكن في هذه الأثناء، يشن الجيش حربًا فيها، وعنف المستوطنين يتزايد، والاشتباكات تتواصل، وهجمات المقاومة، وتفجيرات سيارات، وإنتاج أسلحة في مختبرات سرية في مدن الضفة الغربية، ورغم كل ذلك، فإن الوضع فيها ليس على رأس جدول الأعمال الإسرائيلي".

وأوضح أنه "لا توجد هناك أي مقرات أمريكية دولية تضم ممثلين عن جيوش من جميع أنحاء العالم، ولم يرسل ترامب مستشاريه بعد إلى تل أبيب لمناقشة مستقبل جنين ورام الله، حيث يدير الجيش الحملة بنفسه، بقيادة القيادة الوسطى والرئيس الجديد لجهاز الأمن العام (الشاباك)، ومن المستحيل القول إن الحملة ضد المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية تُشن "على نار هادئة"، فالنار مشتعلة بالفعل، ويتوقع بعض الخبراء أن تتحول إلى لهيب".

اظهار أخبار متعلقة



وأكد أنه "منذ حرب 1967، يتساءل الإسرائيليون عن علاقة الجيش بالفلسطينيين في الضفة الغربية، ولأن المستوطنين اليهود يعيشون مع الفلسطينيون جنبًا إلى جنب، وأحيانًا على مسافة قريبة، فنحن أمام جمر مشتعل قد يشتعل إلى لهب كبير، والحل السياسي غير ممكن، وليس هناك أصلا حل سياسي، مما يجعل من اختلافات الرأي حول من سيحكم في الصفة، ومن سيكون صاحب السيادة فيها، مسألة عميقة ومتداخلة مع جوانب دينية واعتقادية راسخة".

وأوضح أن "هناك جملة خيارات لهذا الوضع الإشكالي: حل الدولتين، دولة إسرائيلية-فلسطينية واحدة، التهجير، تسوية سياسية، التقسيم، الفصل التام، "هم هنا ونحن هناك"، وقد نوقشت هذه الخيارات في ألف منتدى خلال ستين عامًا، ولا يوجد حل في الأفق، لأن المستوطنين منتشرون في جميع المدن والقرى الفلسطينية، وعددهم نصف مليون نسمة، يتوزعون على أكثر من مئة مستوطنة، ويقيم فيها عشرات من "فتيان التلال" و"الرعاة"، ممن يضايقون بانتظام مواشي جيرانهم الفلسطينيين وأشجار زيتونهم، وتنفيذ هجمات قاتلة ضدهم".

وأشار أنه "في الوقت ذاته، تنشط المقاومة الفلسطينية، حيث تهاجم مستوطنات الضفة، وطرقها، وتقذف الحجارة، وتنفذ هجمات بسيارات مفخخة على محطات الحافلات، وتعرض المستوطنين للخطر، ويخوض الجيش حربًا معقدة وخطيرة فيها، ويتمركز الجنود على المعابر الحدودية، ونقاط التفتيش، ويشنّون مداهمات ليلية في أزقّة المدن، وتقتحم منازل المقاومين، لاعتقالهم، بحضور زوجاتهم وأطفالهم في جوف الليل".

وأكد أن "هذا ليس نشاطًا عسكريًا لجيش نظامي، بل حرب عصابات ضد عدو خفي منفرد لا ينتمي لأي منظمة، يستيقظ في الصباح، ويركب شاحنته، ويقرر تنفيذ هجوم بسيارة مفخخة، وقتل مستوطنين يهود في محطة حافلات في مكان ما".

وختم بالقول إن "كل هذه التطورات تجعل من المستحيل التهرّب من التعامل مع مستقبل الضفة الغربية بكل تجلياته: دولة واحدة أو دولتان، ومستقبل المستوطنات، ومستقبل الفلسطينيين فيها، وتستند الآراء حول هذه القضية المتفجرة إلى رؤى عالمية مختلفة ومتعارضة، تمتد على مساحة شاسعة بين الاعتبارات والحجج الدينية، والوعود الإلهية، والكتاب المقدس، والرؤى العالمية الليبرالية والديمقراطية، وبين الرغبات في استمرار الاحتلال، والاستيلاء والسيطرة على شعب آخر بلا حقوق، ومن يفضلون بقاء الوضع على ما هو عليه".

اظهار أخبار متعلقة



تؤكد هذه القراءة الإسرائيلية أنه رغم استبعاد ترامب للضم الفعلي للضفة الغربية، أو أجزاء منها، لكن الحكومة الحالية ماضية في إقامة مستوطنات جديدة، وتنفيذ ضمّ فعلي، واتخاذ خطوات لضمان التواصل الجغرافي بينها، مما يُضعف أي إمكانية للتواصل الجغرافي الفلسطيني، الذي قد يؤدي لقيام دولة فلسطينية، مع العلم أن الحديث يدور عن ملايين الفلسطينيين ومئات آلاف المستوطنين الذين يعيشون على مقربة جغرافية، في نار تغلي، مما يزيد من مستويات العداء، وتصاعد المقاومة، وإفشال مخططات الاحتلال.
التعليقات (0)