جلت "طوفان
الأقصى" الغشاوة عن أعين الناس في أدنى الأرض وأقصاها، وأزالت صباغات التجميل
والتحسين من وجه
إسرائيل القبيح، ونزعت عنها تاجها، وكانت قد توّجت (إسرائيل) ملكة
للشرق الأوسط في الجمال الإداري والمدني والديمقراطي والدموي أيضا، فهي أقل
جاراتها
العربيات دما وبطشا، وظهر للأعشى والبصير إن هي إلا واحدة من أخواتها
العربيات اللاتي سبقنها في التمكين لها، فما كان للملكة العبرية أن تتبوأ منزلتها
لولا أخواتها العربيات، ويشكُّ كثيرون في أن يكون بين رؤساء الدول العربية الوصائف
رئيسا منتسبا للعروبة أبا وأما، فهم هجناء أو أن يكون فيهم مسلم واحد، فهم من دين
ملكة الجمال، أو من أديان باطنية. جرى قبل فترة استفتاء بين الفلسطينيين الماكثين تحت
الاستعمار الإسرائيلي؛ خُيّروا فيه بين حكم السلطة "الوطنية" الفلسطينية
بقيادة أبي مازن محمود عباس وحكم الاحتلال، فاختاروا كنف إسرائيل بنت المحظوظة!
كانت
إسرائيل تحافظ على قفازاتها الحريرية التي اضطرت إلى خلعها في طوفان الأقصى، وأمست
قائدة محور المقاومة الصهيوني الأمريكي الغربي، وهي تجاهر برغبتها في الحرب إلى
الأبد، فهي جيش له دولة، ولأن حماس كبيرة وعريقة، فلن تفنى بسهولة.
كانت إسرائيل تحافظ على قفازاتها الحريرية التي اضطرت إلى خلعها في طوفان الأقصى، وأمست قائدة محور المقاومة الصهيوني الأمريكي الغربي، وهي تجاهر برغبتها في الحرب إلى الأبد
إسرائيل
دولة محصنة في "المنطقة الخضراء"، المحمية بالقباب الحديدية الأرضية
والجوية والسياسية، وكان المرء يظن أن إسرائيل ستظهر بعض الآداب والجمائل والصنائع
التلفزيونية، كأن تقدم بعض الماء للأسرى المدنيين المختطفين من
غزة، أو أن تصور
بعض الأسرى المخطوفين من غزة وهم يضحكون للكاميرا شاكرين حامدين فضل هذه الدولة
الراقية، أو أن تتجنب تعريتهم كما تفعل دائما، لكنها نسيت "الروح الرياضية"
التي تدّعيها عادة.
ويحسن
التذكر -إن نفعت الذكرى- أنَّ ألعاب إسرائيل الرياضية كلها مع أوروبا؛ كرة القدم واليد
وسائر الرياضات، فإلاسرائيليون لا يلعبون مع العرب الذين يريدون التطبيع معهم،
وهذا أمر عجاب، فالرياضة وهي حرب من غير دماء جالبة المودة، وهي جالبة للعداوة أيضا.
تخيل عزيزي القارئ أن يلعب الفريق الإسرائيلي في مصر بكرة القدم مع الأهلي أو الزمالك؛
كيف ستُلهب المباراة الجروح النائمة، والجروح قصاص، وقد تنشأ حرب غير "أهلية"
تنكأ الجروح والثارات، أشد وأنكى من معركة أم درمان بين جماهير مصر الرياضية
وجماهير السودان. تخيل أن يلعب فريق كروي إسرائيلي مع فريق أردني مثلا، أغلب الظن
أن الجماهير ستنزل من الشرفات إلى الملعب، ويندلع "طوفان" رياضي. هذه
مباراة لن نخسر فيها وقد تجعلنا إسرائيل نربح رشوة وترضية.
لباب
القول: إن قادة إسرائيل أمسوا يشبهون الحكام العرب القذة بالقذة، والجزمة بالجزمة،
أحد النظائر هي طول مدة الحكم، فقد تلبث بنيامين بالحكم اثنتين وعشرين سنة بالحيل
الانتخابية، حتى أنه يضمر شعار إلى الأبد. ومن المتشابهات أنّ حاكم إسرائيل
المطلوب للجنائية الدولية متديّن، تدينه لا يكلفه سوى طاقية وأسماء معارك مقتبسة
من التوراة، مثل تدين الزعماء العرب ووطنيتهم.
ومن
الأشباه والنظائر، زعمُ رئيس وزرائها الشاطر أنه يحارب سبع دول، وكررها في أكثر من
خطاب. وكان صدام يزعم أنه يحارب ثلاثا وثلاثين دولة، أما إعلام الأسد، فزعم أن
رئيسه الهارب يحارب ستا وثمانين دولة، وانتصر عليها أيضا.
من
النظائر والمتشابهات أن
نتنياهو يدعي أنه خلق شرق أوسط جديدا، وهو يطمع بإسرائيل الكبرى
(يشبه قول زوجة الأسد: وين كنا وين صرنا)، وأنه يعاني من الحصار كما عانت سوريا منه
منذ الثمانينات، بل ذهب إلى أن إسرائيل ستكون مثل إسبرطه. وكان النظام السوري
الساقط يدعي أن سوريا محاصرة، وكانت كذلك شعبا، وكذلك كان العراق، أما مصر
فشعاراتها واقعية، وأقصى طموح قادتها هو ألا تكون مثل سوريا والعراق و.. غزة.
تدعي
إسرائيل أنها تحارب الإرهاب مثل زعمائنا، وقد كثرت الخصائص والعلامات بينهما، وهذه
الأقدام بعضها من بعض؛ مثل التعذيب في المعتقلات، والاغتصاب في السجون (اغتصاب
الرجال والنساء)، والتجويع، ومنع الفرح والاحتفال بالمفرج عنهم. وكان المعلقون
الإسرائيليون يباهون قبل طوفان الأقصى بأن سجونهم معروضة للصليب الأحمر وزيارات
المنظمات الدولية، ولم تعد كذلك.
أكبر المتشابهات هي المؤامرات واللجان والأعراس الشعبية، وكان آخرها مؤتمر شرم الشيخ للسلام. ومن النظائر والأشباه تدمير المدن والقرى، والحواجز، والمدافن الجماعية، وسرقة الأعضاء من الجثث، والنظائر كثيرة
وكذلك
الشبه في فردانية الرؤساء، حتى أن الرئيس ترامب نفسه كشف غيرته من الرئيس الكوري
الشمالي، وأعرب عن رغبته في مثابة مثل مثابة الرئيس الكوري، وأن يحكم إلى الأبد، أو
عدة دورات بتصفير العداد. وكان شعار مظاهرات أمريكا أمس هو: لا للملوك. ومعناها: ارحل.
وهو شعار يشبه قول: أبي زمعة بن الأسود بن المطلب لقريش عند سعي عثمان بن الحويرث
لملك مكة: عباد الله أملك بتهامة!
ومن
المتشابهات نهب جند إسرائيل أثاث الغزيين ومتاعهم كغنائم، وهو ما يسمى في سوريا التعفيش،
وإكراه المعتقلين والناشطين الفلسطينيين، بل والعالميين المتضامنين مع غزة، على
تقبيل العلم الإسرائيلي، ومنهم غريتا تونبرغ نفسها، وهذا آيزو للإسرائيليين سبقوا
بها الزعماء العرب. وكان شبيحة الأسد يجبرون المعتقلين وإخوة بلال الحبشي على قول
لا إله إلا بشار الأسد. أكبر المتشابهات هي المؤامرات واللجان والأعراس الشعبية، وكان
آخرها مؤتمر شرم الشيخ للسلام. ومن النظائر والأشباه تدمير المدن والقرى، والحواجز،
والمدافن الجماعية، وسرقة الأعضاء من الجثث، والنظائر كثيرة.
لكن
الحق يقال إن إسرائيل ما زالت تحتفظ ببعض الخصائص التي أطالت عمرها، مثل محاكمة نتنياهو،
فلم يقع للعرب أن حاكموا زعيما قط، ولا صور له مثل صور الأسد أو صدام أو السيسي في
الشوارع.
ليس آخر
النظائر قول وزير
الصحة الأمريكي روبرت كينيدي لرئيس الولايات الترامبية المتحدة: أنت تقوم بعمل
الرب هنا. وهو قول يشبه قول عضو مجلس الشعب خالد العلي للأسد الجونيور: أنت
يا سيادة الرئيس قليل عليك أن تحكم العالم. ولأن ترامب يحكم العالم حقا، قال كنيدي
عبارته الدينية للحاكم بأمر الله الأمريكي.
نحن
مقبلون بالاتفاقات الإبراهيمية المنتظرة على خاتمة الفيلم الهندي الشهير: أمر أكبر
أنطوني. إخوة تفرقوا بهرب والدهم من العصابة فيجري تبنيهم من ثلاث عائلات؛ إسلامية
ومسيحية وهندوسية، ثم يجتمعون للانتقام من زعيم العصابة وكفار قريش؛ كما وصف محمود
عباس حركة حماس ذات مرة.
x.com/OmarImaromar