دعا رئيس النظام
المصري
عبد الفتاح
السيسي، الأحد، إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي والأفريقي للتوصل إلى اتفاق
قانوني ملزم بشأن تشغيل وملء
سد النهضة الإثيوبي، محذرًا من أن استمرار إدارة إثيوبيا
للسد بشكل أحادي يسبب أضرارًا مباشرة لمصر والسودان.
وفي كلمته المسجلة
خلال افتتاح أسبوع القاهرة الثامن للمياه، شدد السيسي على أن مصر اتبعت خلال 14 عامًا
سياسة دبلوماسية هادئة وموضوعية تهدف إلى إيجاد حل يوازن بين مصالح الدول الثلاث، مقدما
بدائل فنية تعكس الرغبة في التعاون، لكنها قوبلت بتعنت من الجانب الإثيوبي.
وقال السيسي إن نهر
النيل يشكل موردًا مشتركًا لجميع دول حوضه، وأن أي تصرف أحادي يعد تهددا للأمن المائي
لدول المصب، وأوضح أن الإجراءات الأخيرة لإثيوبيا أدت إلى فيضانات في مناطق متفرقة
بمصر والسودان بسبب تصريف المياه دون تنسيق مسبق، مطالبًا بضمان تنظيم تصريف المياه
في أوقات الجفاف والفيضان عبر اتفاق دولي ملزم.
لن تقف مكتوفة
الأيدي
وأكد رئيس النظام المصري
أن اعتماد مصر على الدبلوماسية واللجوء إلى الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ليس تراجعًا،
بل يعكس قوة الموقف المصري وحرصه على حماية مصالح المواطنين وأمنهم المائي، وقال السيسي:
"مصر لن تقف مكتوفة الأيدي وستتخذ كافة التدابير اللازمة لحماية أمنها المائي".
اظهار أخبار متعلقة
وجاءت تصريحات السيسي
بعد أن اتهمت وزارة الري المصرية، في 3 تشرين الأول / أكتوبر الجاري، إثيوبيا بـ"التصرفات
المتهورة وغير المسؤولة" في إدارة السد، والتي ألقت بظلالها على السودان ومصر،
وأدت إلى مخاطر مباشرة على الأراضي والمواطنين.
ويستمر الخلاف حول
سد النهضة الذي بدأ إنشاؤه عام 2011، مع تمسك مصر والسودان بضرورة اتفاق ثلاثي قانوني
قبل أي ملء أو تشغيل للسد، في حين تصر إثيوبيا على عدم الإضرار بمصالح أي طرف، وهو
ما أدى إلى تجميد المفاوضات منذ 2024.
أوراق ضغط في يد النظام
المصري
وفي تصريحات خاصة
لـ"
عربي21" أكد خبير هندسة السدود محمد حافظ، أن الحكومة المصرية تمتلك مجموعة
متعددة من أوراق الضغط لحماية مصالحها المائية في مواجهة سد النهضة الإثيوبي، تشمل
مسارات قانونية ودبلوماسية واقتصادية وإقليمية وفنية، مع إبقاء خيار الردع العسكري
كملاذ أخير بسبب مخاطره العالية.
وأشار حافظ إلى أن
التحرك المصري يجمع بين استدعاء القوانين الدولية المتعلقة بالمجاري المائية، مثل مبادئ
الانتفاع المنصف وعدم التسبب بأضرار كبيرة، وتفعيل الاتفاقيات التاريخية مثل اتفاق
1902 وإعلان المبادئ لعام 2015، وتقديم هذه الملفات إلى الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة
ومحكمة العدل الدولية لرفع كلفة التعنت على الجانب الإثيوبي.
وعن المسار الدبلوماسي،
أكد حافظ أن على مصر السعي لتدويل الملف عبر مجلس السلم والأمن الإفريقي والجمعية العامة
للأمم المتحدة، مع إشراك الوسطاء الدوليين المؤثرين، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي ودول الخليج، وربط أي تعاون أوسع بحل أزمة السد ضمن إطار زمني واضح وآلية
متابعة دقيقة.
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف حافظ أن الضغط
الاقتصادي والتمويلي يشكل أداة أخرى فعالة، من خلال مراقبة مشروعات الربط الكهربائي
الإثيوبية واتفاقيات شراء الطاقة وتمويل المعدات، إلى جانب الاستفادة من اتفاقيات التجارة
الإقليمية مثل COMESA وAfCFTA لزيادة كلفة التعنت الإثيوبي عبر ترتيبات
مشروطة بالتعاون المائي.
توحيد الجهود
وأشار الخبير إلى أهمية
التنسيق مع السودان لتوحيد الموقف الفني والدبلوماسي، بما يشمل قواعد الملء والتصريف
خلال فترات الجفاف الطويلة، وتبادل البيانات الفورية حول المناسيب والآثار على السدود
والملاحة، لتعزيز الموقف المصري بالأدلة الميدانية.
أما الأدوات الفنية
والتشغيلية، فذكر حافظ أنها تتضمن منصة إقليمية للشفافية تعتمد على الأقمار الصناعية
وقياسات فورية لتصرف المياه والمنسوب في مفاصل النيل الرئيسية، مع نماذج تنبؤية لمخاطر
الجفاف والفيضانات، وربط أي تفاهمات مستقبلية بالتقارير الشهرية وآليات تعديل التشغيل
عند تجاوز الحدود الآمنة.
ولفت حافظ إلى أهمية
الضغط المجتمعي والإعلامي، عبر إنتاج ملفات أثر بيئي واجتماعي موثقة عن الضرر على الزراعة
والطمي والطاقة والمصايد، مع حملة توعوية تبرز البدائل الواقعية لتشغيل آمن وتحقيق
منفعة متبادلة، مع تسليط الضوء على كلفة المخاطر العابرة للحدود عند غياب قواعد ملزمة.
الردع العسكري
وأوضح أن الردع العسكري
يظل خيارًا نظريًا فقط، بسبب المخاطر الاستراتيجية والإنسانية العالية، واحتمالات التصعيد
الإقليمي، مشددًا على أن الحلول التفاوضية الملزمة، القائمة على تبادل البيانات والتشغيل
المنسق، تمثل الطريق الأكثر أمانًا لتحقيق حل مستدام.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار حافظ إلى أن
أي تصعيد مسلح قد يؤدي إلى خطر كبير على المنشآت المائية والسكان والاقتصاد، ويزيد
عدم اليقين في إدارة التخزين والتصريف، مما يعزز أهمية التعاون في التشغيل والتفاهمات
القانونية الدولية كأفضل مسار لحماية الأمن المائي والطاقة.
واختتم خبير السدود
بالإشارة إلى أن القيود القانونية والسياسية تجعل الحلول العسكرية غير قابلة للتطبيق،
بينما ترتيبات التشغيل التعاونية، مع تبادل البيانات وآليات فض النزاعات، توفر حماية
فعالة ومستدامة للأمن المائي لمصر والسودان.