بدأت الساحة السياسية والإعلامية الاسرائيلية تتفاعل عقب إعلان
رد حماس على خطة الرئيس الأمريكي، دونالد
ترامب لإنهاء حرب
غزة، والتعقيب الإيجابي الذي أصدرته نحو الحركة، والذي دفع ترامب للمطالبة بالتوقف الفوري عن قصف غزة، وهي خطوة تُقوّض مبدأ إجراء المفاوضات تحت النار الذي اعتمده الأخير طوال فترة العدوان، مما يجعل من الضغط الأمريكي الواضح يشكل دراما حقيقية في "تل أبيب"، ويجعل الكرة الآن في ملعب رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو.
القناة 12 أجرت استطلاعاً لآراء كبار معلقيها لمعرفة ما قد تؤول إليه الأمور في الساعات القادمة في ضوء ما حصل أخيرا، وجاءت ردودهم التي ترجمتها "عربي21" على النحو التالي.
يارون أفراهام ذكر أن "رد الفعل الأمريكي السريع للإشادة بردّ حماس على الخطة، يُبقِي السؤال مفتوحا حول ما إذا كان الرد: "نعم" أم "نعم، ولكن"، أم "لا" أم "لا، ولكن"، مفتوحًا، وهو ترجمة حرفية تقريبًا للغة العبرية لهذه الصياغة الذكية التي أصدرتها حماس، لكن بالنسبة لترامب، الذي صاغ خطة العشرين نقطة، وجسّدها، يكفي هذا الإعلان وحده لبدء النقاش، ويبدو أن بعض التفاصيل مطروحة بالفعل في المحادثات، حيث يرى أن ردّ حماس يشكل أساسًا للعمل".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أنه "من الصعب، على الأقل في هذه المرحلة، أن نرى كيف يمكن التراجع عن هذا التصريح القاطع من ترامب، ما لم يقرر التراجع عنه، أو إذا عُقدت محادثات على مستويات أعلى في الساعات القادمة، فمن الصعب تخيّل أن
دولة الاحتلال لن تُجرّ لطاولة المفاوضات، كما أنه ليس من السهل معرفة ما سيحصل لاحقا، ولكن، باستخدام استعارة قانونية، يبدو أن القاضي قد حكم ضدها بالفعل، وبالنسبة لترامب، يجب عليها وقف القصف فورًا لإعطاء خطته للسلام فرصة، الآن، يبقى أن نرى كيف ستردّ، وما هي خطواتها التالية".
الصحفية الإسرائيلية، دانا فايس، اعتبرت أن "رد حماس، وردّ ترامب عليها، خلال وقت قصير، شكّل دراما كبيرة جدًا لدولة الاحتلال، لأن ما حصل لم يكن متوقعًا، لا من نتيناهو ولا من وزيره المقرب رون ديرمر، فقد كان هناك تفاهم على أن ترامب سيقبل النهج الإسرائيلي فيما يتعلق بمبدأ نزع السلاح، وهو ما لا تقبله حماس، ولكن هنا يأتي بيان لا لبس فيه متمثلا بدعوة الرئيس للاحتلال لوقف الهجمات تمامًا، ولأول مرة منذ بدء الحرب، لا تقبل الولايات المتحدة مبدأه الأساسي المتمثل في "المفاوضات تحت النار".
وأشارت إلى أن "ترامب كان صريحا بالقول إن حماس مهتمة بالسلام، وبذلك يتبنى الحجة التي طرحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عليه في محادثتهما قبل ساعات، الذي أبلغ ترامب أنه طالما استمرت الهجمات الإسرائيلية، فهذه هي العقبة الرئيسية، الآن نرى أن الأخير يقبل هذا النهج، ومن الناحية العملية، فهو يُجبر الاحتلال على التفاوض، ولكن خلال وقف إطلاق النار، وبذلك فهو يُغير مبدأً راسخًا لديه منذ السابع من أكتوبر، ويرسّخ موقفًا مفاده أن حماس تريد بالفعل صفقة".
وأوضحت أن "أوساط ترامب تتحدث أنه في الأيام والساعات الأخيرة، جرت مناقشات مع الوسطاء لدفع الخطة، وترجمة رد حماس لتفاصيل عملية، مما مثّل مفاجأة كبيرة في تل أبيب أشبه ما يكون بدراما حقيقية، لأن نتنياهو أوضح بالفعل أنه لن يقف في وجه ترامب، مع الإشارة أنه في الهجوم على إيران، عندما كانت الطائرات الإسرائيلية في الجو، صدر أمر مباشر منه بالعودة، فعادت أدراجها".
وأكدت أنه "في مثل هذا الواقع، يصعب تصور كيف ستواصل جيش الاحتلال القتال في غزة، بينما يُصرّح الرئيس الأمريكي بحدة ووضوح: يجب وقف إطلاق النار، وإجراء مفاوضات، والتوصل لاتفاق، هنا نرى تغييرًا في موقف ترامب، بعد أن هدد حماس مؤخرًا فقط، واصفًا إياها بـ"منظمة إرهابية قاسية وعنيفة"، ومحذرًا من أنها إذا لم تقبل الخطة، "فإن أبواب الجحيم ستُفتح"، الآن، يُصرّح نفسه بأنها مستعدة بالفعل، وتريد السلام، دون أن يتطرق لمسألة مستقبلها إطلاقًا".
وأضافت أنه "بالنسبة لترامب، فإن أهم شيء هو إثبات نجاح سريع بإظهار قبول حماس والاحتلال للخطة، وإطلاق مفاوضات، وتحقيق تهدئة ميدانية، مما سيُحقق إنجازًا فوريًا لدى الرأي العام، ويسمح له بالادعاء بأن وقف إطلاق النار تم التوصل إليه حتى قبل الاتفاق نفسه، وقد أدركت حماس، ربما بذكاء، أن هذا جوهر المسألة بالنسبة له، ولذلك وافقت على الخطة، مع بعض القيود الفنية".
وختمت بالقول أنه "بالنسبة لترامب فهو يراه اتفاقا كافيا، أما الاحتلال فيتعين عليه أن يقرر كيفية المضي قدمًت، لأن المواجهة العلنية مع ترامب خطوة لا يرغب بها نتنياهو، لكن مطالبته بوقف القصف في غزة تتطلب إعادة النظر في السياسة الإسرائيلية منذ بداية الحرب".
الصحفي والمحلل الإسرائيلي، باراك رافيد أكد أننا "أمام حدث دراماتيكي، منذ بداية الحرب، لا في إدارة بايدن وبالتأكيد ليس في إدارة ترامب، لم تفرض الولايات المتحدة وقف إطلاق النار على الاحتلال، الآن نحن في هذه المرحلة بالضبط: يحاول ترامب القيام بذلك بوضوح، وبشكل لا لبس فيه، فما حدث هذا الأسبوع في واشنطن يذكرنا كثيرًا بشهر يناير 2020. ثم، عشية الانتخابات، حين دعا ترامب نتنياهو للبيت الأبيض، حتى يوافق على خطة سلام تقوم على حل الدولتين، لم يرغب نتنياهو في الحضور، لكنه جاء لأنه لم يكن لديه خيار آخر".
اظهار أخبار متعلقة
وأضاف أنه "حتى في ذلك الوقت، فرض ترامب الحدث عليه، ثم منعه من ضم الضفة الغربية، والآن يحدث وضع مماثل، حيث وافق نتنياهو على خطة ترامب الحالية، وتمكن من إدخال عدة تعديلات عليها، وظهر في البيت الأبيض في احتفالية أمام الكاميرات، وشعر بأنه مسيطر على الوضع، وأن كل شيء تحت سيطرته، لكنه وجد نفسه مجددًا في موقف حرج: ترامب يفرض عليه فعليًا وقف إطلاق النار في غزة، حتى لو لم يكن وقفًا كاملاً للحرب".
ونقل عن مسؤول إسرائيلي كبير أنه "من الآن فصاعدًا، لا يهم ما يفكر به نتنياهو، لأن ترامب هو من يحدد ما سيحدث، الجميع يدرك هذا: نتنياهو، حماس، والعالم أجمع، ويبقى السؤال الآن هو: كيف سيرد رئيس الوزراء، فإذا لم يمتثل لمطلب ترامب، فمن المتوقع أن يواجه مواجهة صعبة ومباشرة مع رئيس الولايات المتحدة، لكن من الصعب تصور أن يختار هذا المسار، لأنه حتى الآن تجنب المواجهة معه في قضايا عديدة، لأن ثمن المواجهة معه باهظا للغاية، سواءً لنتنياهو شخصيًا، أو للدولة برمّتها".
يمكن الخروج باستنتاج من هذه القراءات الاسرائيلية ومفادها أن دولة الاحتلال تعتبر هذا التطور حدثًا بالغ الأهمية، حيث لم يكن لديها وقتٌ كافٍ للرد أو التأثير، ومنذ اللحظة التي نشرت فيها حماس ردّها، أعلن ترامب رده، قبل مرور ساعة واحدة فقط، وفي مثل هذا الوقت القصير، بدا صعباً على الاحتلال صياغة رد واضح، لأن اندفاع ترامب يظهر أنه مهتمٌّ برؤية الخطة تنطلق، ويُكرّس كل هيبته لها، وفي الخلفية طموحه للفوز بجائزة نوبل، وأي تلكؤ من الاحتلال قد يدفع ثمنه غالياً.