قال المتحدث الرسمي باسم وزارة
الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مايكل ميتشل، إن الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب لإنهاء حرب
غزة "ليست مبادرة شكلية، بل مسار عملي وجاد يربط بين البُعد الأمني والإنساني والسياسي وهي خيار عملي مناسب للجميع وخطة واقعية تنهي الحرب على أساس إطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء سيطرة حماس التي تسبّبت بالكارثة الحالية"، وفق قوله.
وأضاف ميتشل، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "صحيح أن الطريق ليس سهلا، لكن ما يميز هذه الخطة أنها تأخذ في الاعتبار التجارب السابقة وتحاول معالجة جذور المشكلة لا مظاهرها فقط، كما أنها لا تقوم على شعارات أو وقف مؤقت لإطلاق النار، بل على عناصر واقعية قابلة للتنفيذ: إطلاق سراح الرهائن فورا، وإنهاء حكم حماس، وإدخال مساعدات إنسانية آمنة وفعّالة".
واستطرد ميتشل، قائلا: "نحن لن نقبل باستمرار حربٍ لا نهاية لها ومعاناة إنسانية متفاقمة، وقد كان الرئيس ترامب واضح جدا بهذا الشأن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. هدفنا الوصول إلى نهاية مسؤولة لهذه الحرب، وبالتعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين"، مُشدّدا على أن "ترامب يريد إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن".
اظهار أخبار متعلقة
وبسؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في جهود إعادة إعمار غزة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب، أجاب: "أي نقاش حول إعادة الإعمار سيكون سابقا لأوانه ما لم تتوافر ترتيبات أمنية وسياسية جديدة تمنع تكرار المأساة وتضمن مستقبلا أفضل لأهل غزة. الأولوية الآن واضحة: إنهاء الحرب، ثم النظر في الخطوات التالية على أسس أكثر استقرارا ومسؤولية".
ومساء الثلاثاء، قدّم ترامب على هامش اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، خطة من 21 بندا لقادة دول عربية وإسلامية، بهدف إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ عامين.
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما مدى قدرة الولايات المتحدة على إجبار إسرائيل على القبول بالخطة الأمريكية لوقف الحرب؟ وماذا لو رفضتها تل أبيب؟
الولايات المتحدة لا تسعى إلى إجبار أي طرف، بل إلى دفع خطة واقعية تنهي الحرب على أساس إطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء سيطرة حماس التي تسبّبت بالكارثة الحالية.
قوتنا الدبلوماسية تكمن في العمل مع شركائنا ومع المجتمع الدولي لتأمين ظروف تجعل هذه الخطة الخيار العملي المناسب للجميع.
نحن لن نقبل باستمرار حربٍ لا نهاية لها ومعاناة إنسانية متفاقمة، وقد كان الرئيس ترامب واضح جدا بهذا الشأن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. هدفنا الوصول إلى نهاية مسؤولة لهذه الحرب، وبالتعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين.
لكن ماذا لو فشلت خطة ترامب في وقف حرب غزة مثلما فشلت العديد من المبادرات والمقترحات الأخرى؟
هذه ليست مبادرة شكلية، بل مسار عملي وجاد يربط بين البُعد الأمني والإنساني والسياسي. صحيح أن الطريق ليس سهلا، لكن ما يميز هذه الخطة أنها تأخذ في الاعتبار التجارب السابقة وتحاول معالجة جذور المشكلة لا مظاهرها فقط، كما أنها لا تقوم على شعارات أو وقف مؤقت لإطلاق النار، بل على عناصر واقعية قابلة للتنفيذ: إطلاق سراح الرهائن فورا، وإنهاء حكم حماس، وإدخال مساعدات إنسانية آمنة وفعّالة.
من وجهة نظركم، مَن المسؤول عن فشل مقترح وقف إطلاق النار الأخير الذي أعلنت حركة حماس موافقتها الرسمية عليه في 18 آب/ أغسطس الماضي؟ وكيف تفسرون اختلاف الرواية الأمريكية عن الرواية القطرية والمصرية بشأن الطرف المعرقل لوقف إطلاق النار؟
نحن نحكم على الأمور من زاوية الالتزامات القابلة للتحقق. حركة حماس أعلنت قبولها العلني لكن وضعت شروطا والتزامات غامضة لا تؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن ولا إلى ترتيبات أمنية موثوقة. بالنسبة لنا، أي وقف إطلاق نار لا يحقق هذين الشرطين لن يكون حلا بل هدنة مؤقتة تمكّن حماس من إعادة تنظيم صفوفها.
بالطبع نحن نحترم جهود الوسطاء، لكن تقييمنا الموضوعي مبني على قدرة الأطراف على التنفيذ وليس على التصريحات. لهذا السبب قد تختلف قراءتنا عن غيرنا، لكن معيارنا ثابت: هل سيسمح الاتفاق بإنهاء الحرب فعلا أم سيؤجّلها فقط؟
هل تعتقدون أن واشنطن ما تزال وسيطا نزيها في الصراع، أم أنها طرف منحاز بالكامل لإسرائيل وبالتالي فقدت أهليتها للوساطة؟
يجب تصحيح بعض المفاهيم هنا، أنه لا يمكننا المقارنة بين دولة ديمقراطية حليفة ذات سيادة ومنظمة إرهابية مصنّفة دوليا. دورنا لا يُقاس بالتصريحات بل بالقدرة على التوصل إلى اتفاق يطلق سراح الرهائن، وينهي القتال، ويضع أسسا لإعادة إعمار غزة دون حماس.
والأهم من هذا كله، أننا سمعنا بشكل مباشر في نيويورك أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة من كل شركائنا وحلفائنا الإقليميين أنهم يريدون أيضا نهاية هذه الحرب، وهذا هو الهدف المشترك لأن الرئيس ترامب يريد إنهاء هذه الحرب في أسرع وقت ممكن. في نهاية المطاف كل من الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة لديهم نفس الهدف والرؤية.
في ظل تزايد الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، ألا تجدون أن رفض واشنطن لذلك يعزلها دبلوماسيا ويضعها في مواجهة مع الرأي العام العالمي؟
هذه الاعترافات رمزية بطبيعتها ولا تغيّر من الواقع على الأرض. بعض الدول اتخذت قرارات لأسباب داخلية أو رمزية، لكنها لا تفتح طريقا إلى سلام حقيقي. ما يهمنا هو نتائج واقعية تتمثل في إطلاق سراح الرهائن، وإنهاء حكم حماس، وإدخال المساعدات، وتهيئة بيئة مستقبلية يمكن للفلسطينيين أن يبنوا فيها مؤسسات مسؤولة. لذلك، الولايات المتحدة لا ترى نفسها معزولة بل تقود الجهد الدولي لإيجاد حلول قابلة للتنفيذ، في حين أن الخطوات الرمزية لا تقدّم حلولا عملية.
أنتم تقولون إن لا دور لحماس مستقبلا في غزة "لا عسكريا ولا سياسيا"، فهل يعني ذلك أن واشنطن تتبنى سياسة إقصاء كامل لفصيل سياسي واجتماعي له قاعدة شعبية واسعة؟ وهل هذا ممكن على أرض الواقع؟
المسألة لا تتعلق بإقصاء شريحة اجتماعية، بل بإنهاء دور كيان مسلّح إرهابي يفرض حكمه بالعنف ويستخدم المدنيين دروعا بشرية. الفلسطينيون يستحقون قيادة مسؤولة تُعلي مصلحتهم وتُخضع نفسها للمساءلة. هناك أصوات فلسطينية متعددة يمكن أن تبرز وتشارك في المستقبل، لكن استمرار سيطرة حماس يعني استمرار الحلقة المفرغة من العنف والدمار. لذلك، يجب على حركة حماس قبول فكرة الاستسلام في هذه الحرب وتسليم السلاح.
اظهار أخبار متعلقة
ما نقوله ببساطة هو أن مستقبل غزة يجب أن يُبنى على إدارة مدنية مسؤولة، لا على ميليشيا مسلّحة. ودعونا لا ننسى أن كل معاناة أهالي قطاع غزة اليوم هي بسبب حماس وتبعات ما قامت به في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واستمرار هذه المعاناة كان بسبب تعنت حركة حماس ورفضهم الاستسلام. بالتالي فإن أهالي غزة هم أكثر مَن يعانون من هذه "الحركة الإرهابية".
نتنياهو قال إن العلاقات بين واشنطن وتل أبيب تمر بأقوى مراحلها وإن الولايات المتحدة ليس لديها حليف أفضل من إسرائيل.. فهل العلاقات بين واشنطن وتل أبيب في أفضل وأقوى مراحلها بالفعل؟ وما مستقبل هذه العلاقات برأيكم؟
العلاقات مع إسرائيل قوية وراسخة، لكنها أيضا صريحة لأن لدينا هذه العلاقة القوية التي تمكننا من الحديث عن الأمور الصعبة. دعمنا لأمن إسرائيل دائم ومستمر، لكننا في الوقت نفسه لا نتردد في مصارحتها عندما نرى أن بعض الخطوات قد تعرقل الوصول إلى سلامٍ مستدام.
مستقبل هذه العلاقة يتجه إلى تعزيز التعاون الأمني والإقليمي، وفي الوقت نفسه حث إسرائيل إلى اتخاذ خطوات استراتيجية تنهي الحرب وتفتح الطريق أمام استقرار طويل الأمد. قد لا نتفق دائما مع حلفائنا في كل المواضيع، ولكن هذا جزء من أي علاقة استراتيجية تركز على الصورة الأكبر. هذه علاقة تقوم على التحالف والثقة والوضوح، وهذا ما يجعلها أقوى.
هل هناك خطوط حمراء أمريكية أمام أي اجتياح بري جديد في قطاع غزة؟
لسنا في موقع رسم خطوط علنية، لكننا أوضحنا بجلاء أن أي عملية عسكرية يجب أن يكون لها أهداف استراتيجية واضحة. الحكم سيكون على الأفعال والنتائج: هل يحقق التحرك هدف إنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن؟، وهل يساهم في حماية المدنيين؟،
هذه هي معاييرنا في التقييم. العمليات العسكرية الأخيرة لإسرائيل لم تكن الهدف الأمريكي المنشود، والولايات المتحدة بذلت جهودا كبيرة لتجنب ذلك عبر المفاوضات، ولكن تعنت حماس ورفضها لكل المقترحات السابقة هو ما أوصلنا إلى هذه المرحلة الخطيرة، ونحن نتفهم الهدف العسكري لإسرائيل المُتمثل في القضاء على حماس بالكامل، وهو هدف مقبول بالنسبة لنا.
هل ستشارك الولايات المتحدة في جهود إعادة إعمار غزة في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب؟
من المبكر الحديث عن إعادة الإعمار في الوقت الراهن. تركيزنا الأساسي ينصبّ على إنهاء الحرب بشكل مسؤول عبر إطلاق سراح جميع الرهائن ووضع حدّ لحكم حماس لقطاع غزة. أي نقاش حول إعادة الإعمار سيكون سابقا لأوانه ما لم تتوافر ترتيبات أمنية وسياسية جديدة تمنع تكرار المأساة وتضمن مستقبلا أفضل لأهل غزة. الأولوية الآن واضحة: إنهاء الحرب، ثم النظر في الخطوات التالية على أسس أكثر استقرارا ومسؤولية، وسوف نعتمد على شركائنا الإقليميين في تنفيذ أي برنامج بعد الحرب.
وعلى صعيد الملف النووي الإيراني، هل من المحتمل توجيه ضربة أمريكية جديدة للمنشآت النووية الإيرانية؟
سياستنا واضحة: لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي. الرئيس ترامب أوضح أن عملية "ميدنايت هامر" دمّرت البنية الأساسية للمشروع النووي الإيراني، وأننا مستعدون لاستخدام كل الأدوات لمنع طهران من إعادة بناء قدراتها النووية. في الوقت نفسه، نواصل العمل دبلوماسيا واقتصاديا مع شركائنا للضغط على إيران. الخيارات العسكرية تبقى دائما مطروحة، لكننا لا نستبقها، وبطبيعة الحال نتمنى تجنب هذا الخيار. الرسالة الأساسية بسيطة: إيران لن تحصل على سلاح نووي، والولايات المتحدة ملتزمة بضمان ذلك؛ فمن المستحيل السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي بأي شكل من الأشكال.
وكما أوضح الرئيس ترامب منذ بداية ولايته، الولايات المتحدة اعتمدت سياسة "الضغط الأقصى" على إيران؛ لا يوجد أي ثقة بيننا وبين طهران، ونشكك كثيرا في نواياها. نحن مستعدون دائما للتفاوض بشأن برنامجها النووي، لكن في الوقت نفسه نحن جاهزون لكل السيناريوهات المختلفة، بما في ذلك فرض عقوبات أشد صرامة.