مع احتدام حرب
الاحتلال الإسرائيلي على
غزة، تتجه الأنظار إلى مفارقة لافتة: فبينما تحقق الصناعات
العسكرية داخل الاحتلال الإسرائيلي أرباحًا قياسية، تواجه تل أبيب في الوقت نفسه عزلة
دولية غير مسبوقة.
وبحسب تقرير لشبكة
"
سي إن إن" فقد أقر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا
بأن بلاده تواجه "نوعًا من العزلة" قد يستمر لسنوات، في اعتراف نادر يعكس
حجم الضغوط الدبلوماسية، وهذا التصريح جاء على خلفية إعلان دول مثل بريطانيا وأستراليا
وكندا وفرنسا اعترافها بدولة
فلسطينية، ما شكل ضربة سياسية جديدة للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف تقرير الـ"سي
إن إن" أنه رغم هذه الانتقادات، تكشف بيانات وزارة الحرب الإسرائيلية أن صادرات
السلاح بلغت 14.7 مليار دولار عام 2024، بزيادة 13 بالمئة عن العام السابق، وأكثر من
نصف هذه الصفقات أبرم مع دول أوروبية، ويرى محللون أن استمرار الحروب في غزة ولبنان
وإيران واليمن منح المنتجات الإسرائيلية سمعة "الأسلحة المجربة في الميدان"،
وهو عامل جذب للمشترين.
وتابع التقرير أن هذه
الأرباح تواجه تحديات حقيقية، خاصة بعد أن ألغت إسبانيا صفقات عسكرية بمئات الملايين
من الدولارات، ووصفت حرب إسرائيل على غزة بـ"الوحشية"، كما منعت فرنسا شركات
إسرائيلية كبرى من المشاركة في معرض باريس الجوي، وألغت الإمارات مشاركة إسرائيل في
معرض دبي للطيران المقرر نهاية العام، وفي بريطانيا، يواجه معرض الأسلحة الدولي احتجاجات
واسعة، فيما يضغط نواب من حزب العمال الحاكم لاستبعاد الشركات الإسرائيلية من عقود
وزارة الدفاع.
اظهار أخبار متعلقة
وأشار التقرير إلى
أن داخل أروقة المعرض اللندني، أبدت شركات مثل "إلبيت سيستمز" و"رافائيل"
و"IAI" ثقة في استمرار الطلب، مؤكدين أن منتجاتهم
مطلوبة بسبب فعاليتها القتالية، غير أن خبراء مثل عوديد يارون من صحيفة "هآرتس"
يحذرون من أن هذا الازدهار قد يكون مؤقتًا إذا تصاعدت المقاطعات السياسية.
من الناحية التقنية،
يحرص الاحتلال الإسرائيلي على إبراز نجاحاتها العسكرية، مثل اعتراض صواريخ إيرانية
بواسطة منظومة "حيتس"، أو استخدام الطائرة المقاتلة "إف-35 آدير"
بترقيات محلية، وهذه الإنجازات تسوق كدليل على تفوق صناعتها الدفاعية، ومع ذلك، فإن
تقارير منظمات حقوقية تؤكد أن بعض هذه الأسلحة استخدمت في قصف مناطق مدنية بغزة
وقتل المدنيين ما يزيد من الجدل حول مشروعيتها.
وتابع التقرير أن خبراء
عسكريون يرون أن إسرائيل تسعى لتجاوز القيود عبر تأسيس كيانات في الخارج أو إدماج مكوناتها
في سلاسل توريد دولية، وهو ما يقلل من أثر المقاطعات الرسمية. لكنهم يحذرون من أن استمرار
العمليات العسكرية في غزة يرفع "الكلفة غير المباشرة"، سواء عبر تراجع الصورة
الدولية لإسرائيل أو من خلال الضغوط المتزايدة داخل برلمانات الدول الحليفة.
واختتم التقرير أن
العقود المليارية الجديدة قد تؤكد أن صناعة السلاح الإسرائيلية في أوج ازدهارها، فإن
المستقبل يبدو محفوفًا بالمخاطر: فكلما طالت الحرب، زادت احتمالات الخسارة السياسية
والدبلوماسية التي قد تقوض هذا النجاح الاقتصادي.