جدد رئيس
السلطة الفلسطينية، محمود
عباس، التزامه أمام العالم بأن دولته المستقبلية، ستكون "منزوعة السلاح"، كما جدد مطالبته لفصائل المقاومة الفلسطينية بإلقاء سلاحها رغم العدوان الإسرائيلي المستمر في قطاع
غزة، والضفة الغربية المحتلة، واستمرار الاستيطان وضم أراضي الدولة المستقبلية.
وخلال كلمته أمام قادة العالم خلال مؤتمر أممي عقد في نيويورك اعترفت خلاله العديد من الدول بـ"فلسطين"، قال عباس: "نريد دولة واحدة غير مسلحة، وقانونا واحدا وقوات أمن واحدة".
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون في خطابه بمؤتمر حل الدولتين في نيويورك إن "وقت السلام قد حان"، وإن الدولة الفلسطينية يجب أن تكون "منزوعة السلاح".
"احمونا"
حتى لو اعترفت دولة
الاحتلال الإسرائيلي، بدولة فلسطينية منزوعة السلاح، فإن الفلسطينيين سيكونون بحاجة قوة أكبر تؤمن لهم الحماية في المنطقة، على غرار دول أخرى وافقت على أن تكون منزوعة السلاح، مقابل تعهد دول كبرى بحمايتها، واكتفت بقوات أمن وشرطة محلية.
ولم يحدد عباس حين أطلق صرخته الشهيرة في
الأمم المتحدة عام 2023 قائلا: "احمونا"، من يقصد بالنداء، مؤكدا على أن الفلسطينيين "بشر" يستحقون الحماية.
دول خسرت سلاحها
ليس تخلي بعض الدول عن سلاحها أمرا نادرا في التاريخ، فالعديد من دول العالم إما خسرت سلاحها في الحروب، وإما تخلت عنه لأسباب أخرى، مع تعهد دول أكبر بالاضطلاع بأمر الحماية والدفاع عنها إن احتاج الأمر.
ألمانيا
بعد هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية عام 1945، تم فرض نزع سلاح شامل عليها من قبل الحلفاء (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفييتي، بريطانيا، وفرنسا). وتم تقسيم البلاد إلى أربع مناطق احتلال.
وبحسب الأرقام المختلفة، فقد خدم في الجيش الألماني "الفيرماخت" خلال الحرب العالمية الثانية ، ما يصل إلى 20 مليون جندي في أعلى تقدير و13 مليون على أقل تقدير.
وبعد الهزيمة جرى تفكيك الجيش الألمانية بالكامل، وبقيت البلاد بلا قوات مسلحة إلى حين تأسيس جيش جديد باسم "البوندسفير" في ألمانيا الغربية عام 1955، تحت إشراف "الناتو".
اليابان
بعد الاستسلام غير المشروط في 1945 تم تفكيك الجيش الإمبراطوري بالكامل، ومنع الدستور الجديد لعام 1947 اليابان صراحة من الحفاظ على قوات مسلحة أو شن الحروب.
وانتهت الفترة بدون قوات مسلحة فعلياً في 1954 مع إنشاء قوات الدفاع الذاتي حيث غيرت الولايات المتحدة سياستها لدعم اليابان كحليف لها.
اظهار أخبار متعلقة
دول المحور
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945، فرضت معاهدات باريس للسلام 1947 قيودا عسكرية على دول المحور المهزومة، بما في ذلك نزع سلاح جزئي، تقليص الجيوش، ومنع أنواع معينة من الأسلحة. كانت هذه المعاهدات تشمل إيطاليا، والمجر، ورومانيا، وبلغاريا.
كوستاريكا
على خلاف الدول السابقة التي خسرت في الحروب، ألغت كوستاريكا جيشها طوعا بعد حرب أهلية قصيرة في 1948 اندلعت الحرب بسبب إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث قاد خوسيه فيغيريس فيرير جيش التحرير الوطني للإطاحة بحكومة الرئيس السابق رافائيل كالديرون.
وفي العام ذاته، أعلن فيغيريس إلغاء الجيش الدائم، وأدرج ذلك في الدستور الجديد لعام 1949 لمنع الانقلابات العسكرية وإزالة الجيش كمنافس سياسي مع إعادة توجيه الميزانية إلى التعليم والصحة.
دول في حماية أخرى
في بعض الحالات، لا تتحمل بعض الدول الصغيرة نسبيا، كلفة إنشاء جيش لحمايتها، وبعضها مسالم لدرجة أنه لا يعاني من أي تهديدات تذكر.
وتعتمد أندورا على سبيل المثال على فرنسا وإسبانيا، ولديها قوة شرطية صغيرة، فيما ليختنشتاين فقد تخلت عن جيشها منذ القرن التاسع عشر، وتعتمد على سويسرا بشكل غير رسمي.
أما جزر مارشال وولايات ميكرونيسيا المتحدة وبالاو فتعتمد على الولايات المتحدة، فيما تعتمد ناورو على أستراليا لتأمين الحماية، وساموا على نيوزيلندا.
اظهار أخبار متعلقة
أما الفاتيكان فلا يرتبط بمعاهدة دفاع رسمية لكنه يستفيد من إيطاليا، في حين يتولى الحرس السويسري مهام حماية البابا.
أما الدول التي يغطيها "نظام الأمن الإقليمي" في البحر الكاريبي فتشمل دومينيكا التي استغنت عن الجيش منذ عام 1981، وغرينادا التي ألغت جيشها بعد الغزو الأمريكي عام 1983، إضافة إلى سانت لوسيا وسانت فينسنت والغرينادين.
الخلاصة
لا تشبه الحالية الفلسطينية أي من الحالات السابقة، فهي لم تخض حربا بين دولتين مسلحتين بجيشين نظاميين خسرت فيها حتى تلقي سلاحها، ولا هي دولة مستقلة تعيش برخاء وتوكل مهمة الأمن لدولة صديقة في المنطقة، بل دولة محتلة تخسر كل يوم جزءا من أراضيها وشعبها، فيها سلطة منزوعة الصلاحيات ترغب بحل سلمي، وفصائل مقاومة لا تشاطرها الرأي وترى أن وضع السلاح انتحار، في ظل استمرار الاحتلال.