مقالات مختارة

ترامب موظف أمريكي في خدمة نتنياهو

محمد ياغي
جيتي
جيتي
من كان يخطر في باله أن دولة الاحتلال ستقوم بمهاجمة دولة قَطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط؟ القاعدة التي لا تتحرك طائرة مقاتلة في الشرق الأوسط الكبير الذي يشمل بالإضافة إلى العالم العربي وتركيا، أفغانستان وباكستان، إلا وتكون على علم بها.

أن تدعي إدارة ترامب أن قواتها المنتشرة في سورية والعراق وتركيا والخليج العربي رصدت الطائرات الإسرائيلية المتوجهة لقصف قَطر في وقت متأخر جداً، مما لم يُمَكنها من إعلام الدولة المُستهدفَة أو منع إسرائيل من القيام بجريمتها فهذا مُجرد كذب صريح.

وأن يتم الادعاء أن أنظمة الدفاع الجوي في قاعدة العديد لم يجري تفعيلها لأنها لم تتمكن من رصد «طائرات» و»صواريخ» أمريكية الصنع استخدمتها إسرائيل في هجومها، فهذا أيضا كلام فارغ لا يُصدقه عقل.

الحقيقة أن الضربة لدولة قطر تم تنسيقها والتخطيط لها مع إدارة ترامب، والادعاء بعدم العلم، ليس سببه أن الرئيس ترامب مُحرج من قَطر، ولكن لأن الضربة فَشلت في تحقيق هدفها وهو اغتيال قادة «حماس». ولو نجحت تلك الضربة، لكان أول المتفاخرين بها كما حدث عندما أصبح ناطقاً رسمياً باسم الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب على إيران مطالباً سكان طهران بمغادرتها.

ترامب مواقفه معروفة، فهو أول رئيس أمريكي يجاهر بكراهيته للعرب والمسلمين ويعاديهم علناً، والأدلة على ذلك كثيرة جداً. من أصل 12 بلداً مَنع مواطنيها من دخول أمريكا، هنالك ستة بلدان إسلامية وعربية (أفغانستان، إيران، ليبيا، الصومال، السودان، واليمن).

وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي اعتبر الاستيطان في الضفة الغربية لا يخالف القانون الدولي. وهو الوحيد الذي اعتبر القدس والجولان أراضي «إسرائيلية». وهو الوحيد الذي عين سفيراً لبلاده في إسرائيل يدعو فيها الأخير لتكثيف الاستيطان في الضفة، ويسميها يهودا والسامرة.

وهو الوحيد الذي يشجع علناً على تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ويتوعد من لا يرحل «بالجحيم». وهو الوحيد الذي قال إن دولة الاحتلال صغيرة ويتفهم سعيها لتوسيع حدودها. وهو فوق كل ذلك، الوحيد الذي جعل من بلاده بلا قيمة أخلاقية او دبلوماسية، فهو يُمارس الكذب والخداع خدمة لدولة الاحتلال ابتداءً من تراجعه عن تعهداته بضمان وقف إطلاق النار في كانون الثاني من هذا العام مع «حماس»، الى تخلّيه عن تعهدات بلاده بضمان وقف إطلاق النار مع لبنان، الى خداع إيران لإعطاء دولة الاحتلال عنصر المفاجأة لمهاجمة منشآتها النووية.

كل هذا وغيره بالطبع، يعطينا الحق بالقول إن سياسات أمريكا الشرق أوسطية يتم رسمها في تل أبيب، وأن ساكن البيت الأبيض ليس أكثر من «خادم» أمين لتنفيذ هذه السياسات.
يحتار المرء في فهم أسباب هذه التبعية لدولة الاحتلال، فالمصالح الأمريكية لا تلتقي مع المصالح الإسرائيلية

يحتار المرء في فهم أسباب هذه التبعية لدولة الاحتلال، فالمصالح الأمريكية لا تلتقي مع المصالح الإسرائيلية.
إذا كان الأمن والاستقرار والسلام هو مصلحة أمريكية، فذلك لا يتم بدعم حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ولا بالسماح للدولة «فاقدة العقل» بأن تُلقي جحيمها على سبع دول عربية وإسلامية (فلسطين، لبنان، سورية، اليمن، العراق، إيران، وقبل أيام تونس حيث تم استهداف سفينتين من أسطول الصمود).

وإذا كانت مصلحتها هي التجارة، فقد أعطاها العرب أكثر مما تَحلُم (ترامب يدّعي بأنه حصل على تعهدات بمشاريع واستثمارات مع بلاده تجاوزت ثلاث تريليونات في زيارته لدول الخليج العربي في شهر أيار الماضي، منها طائرة رئاسية بقيمة 400 مليون دولار من دولة قَطر التي استهدفتها طائرات الاحتلال). وإذا كانت المصلحة هي القواعد العسكرية، فهي تكاد تكون موجودة في كل بلد عربي.

قناعتي الشخصية أن المسألة لها علاقة بعاملين: واحد شخصي وهو كراهية الرجل العمياء للعرب والمسلمين بسبب ضحالة ثقافته وجهله لتاريخ المنطقة، وبسبب علاقاته الشخصية مع المتطرفين اليهود في أمريكا نفسها، وهم مِثله رجال يعملون في تجارة العقارات مثل مبعوثه للسلام (ستيف ويتكوف)، وهو ما يَدفعه بعيداً عن أية حسابات سياسية لأن يتصرف كخادم مطيع (وتلميذ أيضاً) في خدمة نتنياهو.

والثاني له علاقة بالطبع بقوة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة الذي يوفر الأموال والإعلام لكل من يَخدم إسرائيل.

إن المؤسف حقاً هو أن النظام العربي الرسمي لا يزال يرى في أمريكا «وسيطاً» بينما هي غارقة حتى النخاع في «تدمير» العالم العربي خدمة لإسرائيل. هل يستيقظ العرب بعد ضرب قَطر؟ هل وصلوا الى قناعة بأن عليهم قطع علاقاتهم مع دولة الاحتلال؟ وأن عليهم ألا يستجيبوا لما تطلبه منهم (ولا نقول مقاطعتها وطرد سُفرائها من بلدانهم)؟

الجواب لا كبيرة، لأن من يتفرج على إبادة الأطفال والنساء في غزة منذ عامين، ومن يتفرج على تدمير لبنان وسورية واليمن، ولم يفعل شيئاً، لن يفعل شيئاً أيضاً عندما يصل الإجرام لدولة قَطر.
هل هنالك أمل في حركات المقاومة؟

الجواب نعم ولا في نفس الوقت. «نعم» إذا تصرفت كوحدة واحدة. إذا أدركت أن ما يجري في غزة والضفة وفي بلدانها سيقرر مصيرها ومصير المنطقة، وان عليها بالتالي ألا تقبل بوقف لإطلاق النار أو بتسوية سياسية إلا إذا اشتملت الجبهات جميعها (فلسطين وسورية ولبنان واليمن) وبما في ذلك إنهاء الاحتلال أو أقله مسار سياسي برعاية دولية وليس أمريكية لإنهاء الاحتلال.

و»لا»، إذا استمرت في سلوكها الحالي: تَحمل الضربات الإسرائيلية واستيعابها والجري خلف الوهم الأمريكي بإلزام المُعتدي بوقف إطلاق النار وبعدم الاعتداء كما هو الحال في لبنان وسورية. أو في وضع قدم مع «محور المقاومة» وقدم خارجه كما هو حال «المقاومة العراقية». أو بشكل مُختصر في عدم رؤية أن مصيرها ومصير المنطقة كلها متوقف على نتائج المعركة مع الفلسطينيين.

الدول المجنونة (فاقدة العقل) كما هو حال دولة الاحتلال، لا يتم إعادة العقل لها بالموعظة.  

إذا أدرك العرب الرسميون أو العرب المقاومون ذلك، فإن المنطقة العربية ستنجو، وإذا لم يصلوا لهذه القناعة، فإن جنون دولة الاحتلال، سيوصلها الى ما لا يُمكن أن يَخطر على بال أحد، بما في ذلك قصف قناة الجزيرة» مثلاً، وبمباركة من الرئيس ترامب ووزير خارجيته.

الأيام الفلسطينية
التعليقات (0)

خبر عاجل