أثار غياب النشطاء
العرب عن المرحلة الأولى من أسطول الصمود، الذي انطلق الأسبوع الماضي من ميناء برشلونة
الإسباني، انطباعا على منصات التواصل بأنهم غير ممثلين في هذا التحرك. غير أنّ هذا
الانطباع لم يكن دقيقا، إذ فرضت طبيعة الرحلة الأوروبية اشتراطات خاصة بالمشاركة تتعلق
بحيازة جوازات سفر أو تأشيرات أوروبية، وهو ما صعّب انضمام النشطاء العرب في تلك المرحلة.
لكن الحقيقة تتجلّى
في تونس اليوم، حيث يملأ شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة المئات من المتضامنين العرب
والمسلمين الذين يستعدون للإبحار نحو
غزة. إنها رسالة عملية تقول إنّ الشعوب العربية
حاضرة في ميدان الفعل، وأنها لو أُتيح لها المجال لتقدمت بأرواحها دفاعا عن
فلسطين.
مبادرة مغاربية تتسع
عالميا
رسالة عملية تقول إنّ الشعوب العربية حاضرة في ميدان الفعل، وأنها لو أُتيح لها المجال لتقدمت بأرواحها دفاعا عن فلسطين
بعد محاولة قافلة
الصمود العربية كسر
الحصار برا في حزيران/ يونيو الماضي، أطلقت "تنسيقية العمل
المشترك من أجل فلسطين" في تونس مبادرة أسطول الصمود المغاربي منتصف تموز/ يوليو
2025 تحت شعار: "أشرعتنا نحو غزة وغايتنا كسر الحصار". ضمت المبادرة نشطاء
من مكونات اللجنة الدولية لكسر الحصار في تونس والجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا،
بهدف تشكيل تحرك شعبي بحري يحمل مساعدات إنسانية ويكسر الحصار المفروض على أكثر من
مليوني فلسطيني.
وسرعان ما تطورت الفكرة
لتصبح تحالفا دوليا يشمل إلى جانب الأسطول المغاربي حركة غزة العالمية، ومبادرة صمود
نوسانتارا الماليزية، إضافة إلى مكونات من أسطول الحرية الذي يعمل منذ أكثر من 15 عاما
في مجال كسر الحصار البحري.
تحضيرات تونسية ورسائل
دعم
في الموانئ التونسية،
تتواصل الاستعدادات اللوجستية والفنية: تجهيز المؤن والمعدات الطبية، وصيانة السفن،
وتدريبات على مواجهة احتمالات التوقيف أو الاعتداء من قبل
الاحتلال. هذه الجهود يقودها
متطوعون ومنظمات مدنية تونسية بدعم من الاتحاد العام للشغل وشخصيات مستقلة، وبمشاركة
من نشطاء من شمال أفريقيا ودول خليجية مثل الكويت وعُمان وقطر والبحرين، وقد شهدت العاصمة
التونسية تظاهرات واسعة وخيم تضامنية دعمت هذا التحرك، بينما أكد الاتحاد العام للشغل
أنّ المبادرة تمثل "ضمير الأمة في مواجهة الظلم".
مشاركة عربية وإسلامية
واسعة
يضم الوفد المغاربي
نحو 120 مشاركا من الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا، كما تشارك وفود من لبنان والأردن
ومصر واليمن والعراق والسودان وقطر، بينهم أطباء ومحامون وبرلمانيون وإعلاميون.
وتحضر تركيا بوفد
كبير يضم أربعة نواب معارضين، كما يشارك وفد ماليزي واسع من ناشطي التحالف الماليزي
لدعم فلسطين، يرافقهم أطباء وصحفيون، وإلى جانبهم نشطاء من إندونيسيا وباكستان والسنغال
وجنوب أفريقيا، في مشهد يعكس اتساع رقعة التضامن الإسلامي والإنساني مع غزة.
وعلى المستوى الدولي،
يضم الأسطول أكثر من 300 ناشط من 44 دولة، بينهم برلمانيون ونقابيون وممثلو منظمات
إنسانية من أوروبا والأمريكتين وأستراليا، وقد انطلقت سفنهم من برشلونة أواخر آب/ أغسطس
الماضي.
إن مشاركة هذا العدد الكبير من دول ومجتمعات مختلفة تؤكد أن الأسطول ليس مجرد قافلة مساعدات، بل رسالة إنسانية قوية ضد صمت المجتمع الدولي على جريمة الحصار وحرب الإبادة في غزة
رسالة إنسانية في
مواجهة الصمت
إن مشاركة هذا العدد
الكبير من دول ومجتمعات مختلفة تؤكد أن الأسطول ليس مجرد قافلة مساعدات، بل رسالة إنسانية
قوية ضد صمت المجتمع الدولي على جريمة الحصار وحرب الإبادة في غزة.
وتلعب منظمات المجتمع
المدني التونسية دورا محوريا في توفير الأرضية اللوجستية والبشرية لإنجاح هذا التحرك،
ما يعكس حيوية المجتمع المحلي واستعداده لاحتضان المبادرات التضامنية.
الانطلاق من تونس
بينما بدأت أولى سفن
الأسطول رحلتها من برشلونة في 31 آب/ أغسطس، من المقرر أن تنضم السفن التونسية والعربية
الأخرى ابتداء من 7 أيلول/ سبتمبر، في محاولة لفتح ممر بحري إنساني إلى غزة وكسر الحصار
البحري الإسرائيلي، حيث يقف اليوم النشطاء العرب، إلى جانب أحرار العالم، في مواجهة
آلة الحصار، حاملين معهم ليس فقط مساعدات إنسانية بل رسائل أمل وصمود، حيث يجسد أسطول
الصمود من تونس إلى غزة وحدة الشعوب الحرة حول قضية إنسانية عادلة، ويؤكد أن غزة ليست
وحدها، وأن الحصار ليس قدرا أبديا بل جدارا سيُهدم أمام إرادة الشعوب.
* إعلامي فلسطيني، ورئيس اللجنة الدولية لكسر
الحصار عن غزة