صحافة إسرائيلية

ما هو نظام الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي المصمم لـ"التنبؤ بالمستقبل"؟

يزعم القائمون على المشروع أن النظام ساعد في إدارة أزمة كوفيد-19- جيتي
يزعم القائمون على المشروع أن النظام ساعد في إدارة أزمة كوفيد-19- جيتي
كشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية أن دولة الاحتلال تمتلك نظاما متطورا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لـ"التنبؤ بالمستقبل وتحليل التحولات العالمية"، وأنه "أثبت فعاليته" في محطات سابقة مثل التحذير من أزمة كورونا، ورصد صعود الروبوتات، والتنبؤ بالتنافس بين الولايات المتحدة والصين منذ عام 2018.

وذكرت الصحيفة أن فيكتور يسرائيل، رئيس قسم أول في شركة "هورايزون لاين" التابعة لوزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية، يستخدم مع فريقه أنظمة تكنولوجية متقدمة لتقديم تقييمات استشرافية ودعم الوزارات الحكومية في التخطيط طويل المدى.

وأوضحت "قد يبدو المفهوم أشبه بفيلم خيال علمي، حاسوب عملاق من نوع الفكر العميق من فيلم "دليل المسافر إلى المجرة" يُخرج الرقم "42" كإجابة على أسئلة الحياة، أو كرة بلورية لعرافة. في الواقع، إنه نظام بالغ الأهمية أثبت جدارته في حالات متعددة، بدءًا من المساعدة في إدارة أزمة كوفيد-19 ووصولًا إلى تحديد اتجاهات السياسة الدولية الناشئة".

وذكرت "يتألف هذا الجهد في الواقع من أربعة أنظمة، كل منها مبني على تقنيات مختلفة وتعمل بالتوازي. الأول، الذي أُطلق قبل أربع سنوات، يُحدد الاتجاهات الاجتماعية والسياسية. أما الثاني، والذي يعمل أيضًا منذ أربع سنوات، فيُركّز على التقنيات المستقبلية. النظام الثالث، الذي بدأ العمل به في الأشهر الأخيرة، مخصص بشكل أساسي لوزارة الدفاع (الحرب)، يُحلل سلاسل التوريد. أما النظام الرابع، وربما الأكثر تطورًا، وهو "خط الأفق"، فلا يزال قيد التطوير".

اظهار أخبار متعلقة


وكشفت وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا عن هذه الأنظمة هذا الأسبوع في مؤتمر "ما وراء الأفق 2025". وقال المسؤول عن البرنامج فيكتور يسرائيل: "نعمل بميزانية تتراوح بين 4 و5 ملايين شيكل فقط (1.4 مليون دولار)". بدأ المشروع عام 2018 كمختبر داخل وزارة الاستخبارات تحت إشراف الوزير آنذاك يسرائيل كاتس. 

وأصبح لاحقًا أحد الأقسام الرئيسية الأربعة في الوزارة، وبعد حل الوزارة العام الماضي، نُقل بناءً على طلب وزيرة الاستخبارات السابقة جيلا جامليل إلى وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا، حيث يعمل الآن.

قالت جمليئيل: "تعكس آلية مسح الأفق التميز الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا. فهي تُحسّن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وتُعزز استقلال إسرائيل العلمي والتكنولوجي، وتُعزز أمنها العلمي".

وازعم فيكتور يسرائيل أن الغرض من نظام "خط الأفق" مساعدة إسرائيل على اجتياز مستقبل غامض، وأن آليات مسح الأفق، كما تُسمى غالبًا، موجودة بالفعل في دول مثل بريطانيا وأستراليا وسنغافورة.

وذكرت الصحيفة أنه "في عام 2018، أنشأت وزارة الاستخبارات مختبرًا لتسخير البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لاكتشاف الاتجاهات العالمية الناشئة. صُممت هذه العملية لدعم التخطيط الاستراتيجي وصنع القرار على المستوى الوطني. يتألف فريق "خط الأفق" بشكل رئيسي من باحثين، يتمتع العديد منهم بخلفيات في الأجهزة العسكرية أو الاستخباراتية مثل الاستخبارات العسكرية والموساد، إلى جانب خبراء تقنيين يعملون على تطوير البيانات وتحليلها ومعالجتها وتحويلها إلى منتجات استخباراتية وتوصيات سياسية".

قال فيكتور يسرائيل إن المشروع "في جوهره مختبر لواقع متغير، أُنشئ لتقديم تنبيهات استراتيجية لصانعي القرار الحكوميين.. هدفنا هو تحديد الاتجاهات العالمية الناشئة وبناء صورة موحدة لما يحدث. نؤمن بأن إسرائيل ليست معزولة عن العالم، ولذلك يجب عليها الاستعداد للموجات القادمة بدلاً من انتظارها حتى تصطدم بنا".

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف "نقسم العالم إلى ثمانية مجالات أساسية: الأيديولوجيات، والأفكار، والأديان؛ المناخ والموارد الطبيعية؛ الديموغرافيا؛ العلاقات الدولية؛ الاقتصاد العالمي؛ التغير الاجتماعي؛ التكنولوجيا؛ والجغرافيا السياسية. النقطة الأساسية هي الترابط والتأثير المتبادل بين جميع هذه المجالات. لا يمكنك النظر إلى مجال واحد بمعزل عن الآخر وتوقع فهم كيفية عمل العالم".

وأوضح "يتكون النظام من أربع منصات منفصلة. إحداها، لا تزال قيد التطوير، تركز على "الاتجاهات الكبرى". تأخذ المجالات الثمانية، وتقسمها إلى حوالي 59 اتجاهًا، وتجمع البيانات لتوليد التوقعات. أما الأخرى، وهي قيد التشغيل منذ عدة سنوات، فتتعامل مع الاستشراف التكنولوجي".

وأشار إلى أن "قاعدة بيانات تتضمن أكثر من 4000 تقنية من المتوقع أن يكون لها تأثير مستقبلي كبير. في الماضي، كان يعتمد على التعلم الآلي، أما اليوم، فهو يعتمد على نموذج الذكاء الاصطناعي متعدد الوكلاء. كل وكيل خبير في مجاله - التكنولوجيا، والاقتصاد، والأخلاق، وما إلى ذلك - ويناقشون كل تقنية في قاعدة البيانات. في نهاية العملية، يُنتج النظام تقريرًا مفصلاً مُزودًا برسوم بيانية ومراجع للمصادر".

أوضح القائمون على النظام أن الباحثين البشريين يشاركون أساسًا في تحديد استفسارات الآلة ومراجعة نتائجها، للتأكد من أنها لا تُنتج معلومات مضللة. وأضافوا أن النظام تطور عبر تعاون طويل بين الآلة والعلماء حتى وصل إلى مرحلة يُمكن الوثوق بمخرجاته.

وذكروا أنه "عند إصدار النظام تنبيهًا، فإنه يجرى تحديد آثاره على مختلف الوزارات. على سبيل المثال، عند رصد توجه ناشئ في مجال الروبوتات، قُدمت توصيات لوزارة الاقتصاد بالتحضير لخطوط إنتاج تُشغلها الروبوتات، فيما نُصحت وزارة الرعاية الاجتماعية بدراسة رعاية آلية لكبار السن".

وفقًا للتقييم الأخير، يشهد العالم انتقالًا من نظام أحادي القطب تهيمن عليه الولايات المتحدة إلى نظام متعدد الأقطاب، مع تراجع النماذج الاقتصادية القائمة واتساع الفجوة الاجتماعية. واعتُبر التنافس بين واشنطن وبكين تحولًا هيكليًا عميقًا، لا مجرد ظاهرة مؤقتة.

رأى الخبراء أن التحولات في النظام الدولي غالبًا ما تُصاحبها حروب كبرى، لافتين إلى أن الحرب العالمية الثالثة قد لا تكون نزاعًا واحدًا بل سلسلة صراعات إقليمية. وأشاروا إلى أن الحرب في أوروبا والشرق الأوسط جارية بالفعل، بينما يبقى الصراع في مضيق تايوان احتمالًا قائمًا.

اظهار أخبار متعلقة


توقع المسؤولون أن تواجه "إسرائيل" فترة طويلة من عدم الاستقرار، ما يستلزم تنويع شراكاتها الاستراتيجية مع دول مثل الهند وأوروبا، وعدم الاكتفاء بالاعتماد على الولايات المتحدة. كما دعوا إلى انخراط أوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وإلى تحديث المناهج الدراسية لمواكبة عصر الذكاء الاصطناعي.

أقر القائمون على النظام بأن بعض التوقعات قد تخطئ، خصوصًا فيما يتعلق بالاتجاهات الثانوية مثل الاحتجاجات السياسية التي شهدت تراجعًا مؤخرًا. وأكدوا أن أحداثًا مفاجئة مثل هجوم السابع من أكتوبر لا يمكن لأي نظام أن يتنبأ بها بشكل دقيق، نظرًا لاعتمادها على عوامل بشرية تتجاوز قدرة التكنولوجيا.
التعليقات (0)