أثار الهجوم الذي شنه طيران
الاحتلال الإسرائيلي على جماعة "أنصار الله"
الحوثي في صنعاء، نهاية الأسبوع الماضي، وأسفر عن استشهاد 12 مسؤولا بينهم رئيس وزراء حكومة الحوثيين ووزير الخارجية، كانوا في اجتماع لمتابعة خطاب زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، أسئلة عدة عن سيناريوهات هذا التصعيد لاسيما بعد انتقاله إلى مرحلة جديدة وسط تعهد الحوثيون بالانتقام.
والسبت، أعلنت الجماعة استشهاد رئيس حكومتها أحمد غالب الرهوي، مع عدد من الوزراء جراء القصف الإسرائيلي على العاصمة
اليمنية صنعاء، الخميس.
وقد تعهد أكثر من قيادي في الحوثيين بالانتقام، حيث قال مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، بوم السبت أيضا،: "مع أن العدو الغادر تسبب بالألم والخسارة، إلا أننا نتعهد أمام الله والشعب اليمني الأبي وعائلات الشهداء والجرحى بالانتقام، ومن عمق الجرحى سنحقق النصر".
وأعلنت جماعة الحوثي، الثلاثاء، تنفيذ 4 عمليات عسكرية هاجمت فيها أهدافا إسرائيلية بينها مبنى هيئة الأركان ومطار بن غوريون وسط إسرائيل، ومحطة كهرباء الخضيرة (شمال) وميناء أسدود (جنوب)، ضمن عمليات الرد على اغتيال قادة الجهاز الإداري التابع للجماعة الأسبوع الماضي.
الذهاب لأبعد نقطة
وفي السياق، قال الكاتب والصحفي اليمني، كمال السلامي إن الهجوم الإسرائيلي يعد أخطر هجوم على جماعة الحوثي منذ بداية التصعيد المتبادل، مضيفا أن خسارة طاقم إدارة الدولة كاملاً، ليس حدثاً عادياً، وسيلقي بظلاله على أداء الجماعة، وطريقة إدارتها للمواجهة، وللمشهد الحربي داخلياً وخارجياً.
وتابع السلامي في حديث خاص لـ"عربي21" بأن جماعة الحوثي تتقن استغلال مثل هذه الحوادث، لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، مؤكدا أنه عقب اغتيال رئيس وأغلب أعضاء حكومة الجماعة، فإنها بلا شك، ستستغل ذلك لإعادة شحن المجتمع والقواعد بفكرة الحرب والمواجهة، فلديها الآن سبب قوي للاستمرار والذهاب لأبعد نقطة في تلك المواجهة.
وتوقع الكاتب اليمني أن تصعد الجماعة من هجماتها، بما في ذلك "
الهجمات البحرية"، وربما تعود الاضطرابات بشكل أكبر إلى الخط الملاحي الدولي في باب المندب.
في المقابل، لم يستبعد أن تذهب إسرائيل نحو تكرار سيناريو حزب الله وإيران من خلال التركيز على الاغتيالات، بالاستعانة بالقدرات الاستخباراتية الأمريكية طبعا.
وأوضح السلامي أن المشهد في اليمن، (مشهد المواجهة مع إسرائيل)، أصبح أكثر ارتباطاً بغزة من أي وقتٍ مضى، وبالتالي "فإمكانية التهدئة في جبهة اليمن ضئيلة، في ظل استمرار حرب غزة، وستستمر بالتصاعد وربما تدخل الولايات المتحدة مجدداً في المواجهة إذا ما تهددت الملاحة الدولية".
اظهار أخبار متعلقة
سيناريوهات وخيارات محدودة
من جانبه، اعتبر الإعلامي والكاتب اليمني، أحمد الشلفي أن الهجمات الإسرائيلية التي نُفذت يوم الخميس الماضي على الحوثيين واستهدفت اجتماع الحكومة في صنعاء "شكّلت مفاجأة صادمة للجماعة"، مؤكدا أنه ورغم محاولة الحوثيين إظهار التماسك في خطابهم العلني، إلا أن القراءة المتأنية تكشف أن الضربة كان لها تأثير معنوي عالٍ وقوي، سواء داخل صفوفهم أو في نظر المتابعين .
وقال الشلفي في حديث خاص لـ"عربي21" إن العملية في التقديرات الأولية تعكس "تصميمًا إسرائيليًا واضحًا على استهداف العمق التنظيمي للجماعة والاقتراب من دوائر قيادية عليا"، وهو ما يفرض على القيادة الحوثية التفكير جديًا في طبيعة الحماية أولا والرد ثانيا.
وأوضح أن الحوثيين أمام معادلة صعبة لسببين: الأول "استعادة الصورة المعنوية أمام جمهورهم الداخلي والخارجي، والتأكيد أن قدرتهم لم تتأثر رغم حجم الخسارة".
أما الثاني وفق الشلفي فيكمن في "إيصال رسالة مباشرة لإسرائيل بأن الجماعة ما زالت قادرة على الرد وأن الضربة لم تشل قوتها، حتى لو حاولوا حصر الخسائر في مدنيين فقط مع أن الواقع يقول إن هناك أفرادا مهمين سقطوا في العملية".
وبحسب الإعلامي اليمني في قناة الجزيرة فإنه مع ذلك، تبدو خيارات الرد الحوثي محدودة نسبيًا، مشيرا إلى أن فالجماعة جربت معظم أدواتها في السابق الطائرات المسيّرة،
الصواريخ الباليستية، وضرب الممرات البحرية.
وقال : ومع ذلك، لا تمتلك الحوثية ثِقلًا عسكريا نوعيا بحجم ما تمتلكه إيران، التي أظهرت قدرتها مؤخرًا في هجماتها المباشرة على إسرائيل".
وتابع: لهذا قد تضطر الجماعة إلى التفكير “خارج الصندوق” في طبيعة ردها القادم، موازنةً بين حاجتها إلى استعادة الردع المعنوي وبين ضعف إمكانياتها مقارنة بمحور طهران.
من بين السيناريوهات الممكنة، يلفت الإعلامي والكاتب اليمني إلى أن يحاول الحوثيون استهداف أهداف بعيدة داخل إسرائيل عبر "الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الباليستية".
غير أن هذا الخيار بحسب الشلفي ـ قد لا يحقق نجاحًا كبيرًا في ظل منظومات الدفاع الإسرائيلية المتطورة، إلا إذا تمكنوا من الوصول إلى هدف نوعي مثل منزل شخصية سياسية أو عسكرية أو مقر استخباراتي بارز، وهو أمر يحتاج إلى معلومات دقيقة واختراق استخباراتي عميق وقد لا يكون هذا ممكنا.
وأورد المتحدث ذاته خيارا آخرا يتمثل في "إعادة تنشيط هجمات البحر الأحمر، عبر استهداف ناقلات أو سفن مرتبطة بإسرائيل أو مصالحها أو هدف بحري مهم" ، وقال : "ربما يذهب الحوثيون أبعد من ذلك لاستهداف ميناء أو مطار أو شركة مهمة بشكل مباشر في وقت الذروة لتعطيله نهائيا".
ويرى الكاتب اليمني أن مثل هذا المسار قد يوجّه رسالة مؤلمة ويعيد الحوثيين إلى دائرة الاهتمام الدولي، لكنه يتطلب وقتًا للتخطيط واختيار هدف يحمل رمزية كبيرة.
وأكد أنه قد يفكر الحوثيون في استخدام الصواريخ الانشطارية التي تنقسم إلى أكثر من مقذوف عند الاقتراب من الهدف، لتجاوز القدرات الاعتراضية الإسرائيلية.
لكنه استدرك قائلا: غير أن هذا الخيار يتطلب خبرة وتجارب متكررة لتقليص نسبة الفشل، كما أن منظومة الدفاع الإسرائيلية قادرة على مواجهة جزء كبير منه.
وأشار الإعلامي الشلفي إلى أن الحوثيين ليسوا إيران، ولا يمتلكون دولة بوزنها ولا قواعد اشتباكها...لكنهم من جهة أخرى ليسوا جماعة مترددة؛ فأي وسيلة متاحة يمكن أن تُلحق أذى بإسرائيل قد يلجأون إليها، حتى لو كان الثمن باهظا.
وأردف قائلا : "بالنسبة للجماعة، إثبات القدرة على الرد أهم من أي حسابات أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
وتساءل الشلفي في ختامه حديثه قائلا: إذا كان الحوثيون سيبحثون عن رد مؤلم بأي وسيلة، فماذا عن محور إيران ككل الذي تلقى ضربات قاسية من إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة؟ وهل نحن بصدد دخول مرحلة جديدة وأوسع من الحرب، عنوانها ليس من سيفوز، بل من سيتحمّل الخسارة الأكبر؟
والأربعاء، أعلن الحوثيون، تنفيذ عملية عسكرية استهدفت مواقع إسرائيلية "حساسة" بمنطقة تل أبيب، بصاروخين بالستيين أحدهما "انشطاري".
وقال المتحدث العسكري لقوات الحوثيين، يحيى سريع، في بيان، إنهم أطلقوا "صاروخا بالستيا من نوع فلسطين2 الانشطاري مزود برؤوس متعددة والذي يستخدم للمرة الثانية، وصاروخاً آخر من نوع ذو الفقار نحو يافا (تل أبيب)".
وأشار سريع إلى أن العملية أصابت "أهدافا حساسة وحققت أهدافها بنجاح"، وأنها تسببت في "هروع أعداد كبيرة من الإسرائيليين إلى الملاجئ".
وفي وقت سابق الأربعاء، أغلقت السلطات الإسرائيلية المجال الجوي في منطقة مطار بن غوريون في تل أبيب وسط البلاد، مؤقتا بعد رصد إطلاق صاروخ من اليمن.
ودوت صفارات الإنذار في منطقة تل أبيب الكبرى وسط إسرائيل إضافة إلى القدس الغربية.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية الخاصة، إن هذه هي المرة الأولى التي تدوي فيها صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس الغربية منذ اغتيال رئيس حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا) وعدد من وزرائها بقصف إسرائيلي على صنعاء الأسبوع الماضي.