ملفات وتقارير

الاحتلال في مأزق.. الحوثي يجره إلى حرب استنزاف وخبير عسكري يكشف خسائره

ضربات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت نحو 50 موقعا - الأناضول
ضربات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت نحو 50 موقعا - الأناضول
تسبت هجمات الاحتلال الإسرائيلي الأحد، بسلسلة غارات جوية على أهداف تابعة لجماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء، في تصعيد جديد على خلفية الهجمات الصاروخية التي تنفذها الجماعة ضد الاحتلال رفضا للعدوان على قطاع غزة، ما أثار توترا جديدا في الداخل الإسرائيلي خوفا من حرب استنزاف أقحم الاحتلال نفسه فيها.

واستهدفت ضربات الاحتلال الإسرائيلي نحو 50 موقعا، شملت محطات كهرباء، مواقع وقود، وشركة النفط في شارع الـ60، بالإضافة إلى محيط المجمع الرئاسي اليمني وقواعد صواريخ، حيث أعلن جيش الاحتلال أن الضربات تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية والصاروخية للحوثيين وإرسال رسالة حازمة بأن الجماعة بمرمى النيران الإسرائيلية.

وتأتي الغارات بعد أن أطلقت جماعة الحوثي الجمعة صاروخا نحو الاحتلال الإسرائيلي، حيث كشف تحقيق إسرائيلي أنه كان مزودا برأس حربي متعدد المراحل وقابل للانشطار، ما يعكس قدرة الجماعة على تهديد العمق الإسرائيلي.

الأهداف المعلنة من قبل الاحتلال
تضمنت الأهداف الرئيسية لغارات الاحتلال الإسرائيلي،: المجمع الرئاسي: لإرسال رسالة سياسية للحوثيين حول قدرتهم على الضرب في أي مكان.

قواعد صواريخ ومخازن أسلحة:
للحد من القدرة الصاروخية للهجوم على الأراضي الإسرائيلية.

البنية التحتية الحيوية:
مثل محطات الكهرباء ومواقع الوقود لتقليل القدرة اللوجستية للجماعة.

حرب استنزاف
ومن ناحية أخرى كشفت تقارير عبرية، أن الضربات الجوية المكثفة التي نفذها الجيش الإسرائيلي لاستهداف مواقع إنتاج وتخزين الصواريخ والموانئ اليمنية لم تسفر عن تدمير شبكة الإمدادات التابعة لجماعة الحوثي.

وبحسب المراسل العسكري لموقع "واللا"، أمير بوحبوط، فإن الحوثيين تمكنوا من تجاوز الضربات المباشرة عبر إيجاد طرق بديلة لنقل المواد الخام وتقنيات التصنيع، مما سمح لهم بمواصلة إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة بوتيرة منتظمة.

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف بوحبوط أن استهداف الموانئ لم يحقق النتائج المرجوة، حيث لجأ الحوثيون بسرعة إلى شبكات إمداد بديلة، ما عزز صمودهم أمام الضغوط العسكرية الإسرائيلية، وأوضح أن هذا الفشل كشف عن ثغرات استخباراتية وعملية في تقديرات الجيش الإسرائيلي، الذي لم يتوقع قدرة الحوثيين على التكيف مع القيود المفروضة.

على المستوى الإقليمي، يشير التقرير إلى أن دولًا مثل مصر والأردن والسعودية ودول الخليج الأخرى لم تظهر استعدادا للتدخل المباشر، مفضلة البقاء على الحياد في المواجهة بين الاحتلال الإسرائيلي والحوثيين. ويرى التقرير أن توجيه ضربة فعالة للحوثيين يتطلب تحالفًا إقليميًا واسعًا، غير أن الظروف السياسية الحالية لا تشير إلى استعداد لمثل هذا التحالف.

وأكد مسؤولون سياسيون وأمنيون أن أي تفاهم مستقبلي مع الحوثيين لن يكون ممكنًا دون تدخل أمريكي مباشر، سواء عبر الضغط الدبلوماسي أو الانخراط العسكري المحدود، وهو أمر غير مطروح حاليا، في ظل سياسة واشنطن التي تركز على التهدئة والوساطات بدلًا من التصعيد العسكري.

وأشار التقرير إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى أن يؤدي أي تصعيد في قطاع غزة إلى دفع الحوثيين لمضاعفة هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيرة، في إطار ما يصفه المراقبون بـ"حرب استنزاف متعددة الجبهات"، ما يزيد تعقيد الاستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية ويضغط على منظومة القبة الحديدية وأنظمة الدفاع الجوي الأخرى التي تواجه تحديات على أكثر من جبهة.

اظهار أخبار متعلقة


ومن جانبه أكد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد الصمادي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إن الغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة على مواقع جماعة الحوثي في اليمن فشلت في تحقيق أهدافها الأساسية، خاصة وأنها لم توقف إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من الأراضي اليمنية، كما لم تحقق الرد المرجو من الاحتلال الإسرائيلي.

قدرات الحوثي 

وأوضح الصمادي، أن الحوثيين أثبتوا قدرتهم على إخفاء منصات الإطلاق وغرف التحكم المتنقلة، مستفيدين من التمويه الجغرافي والتضاريس الجبلية التي تجعل توجيه الضربات الجوية الإسرائيلية غير حاسم، مضيفا أن العمليات اليمنية غير تقليدية وكشفت عن تغيير واضح في موازين الردع الدولي، مشيرا إلى أن هذه العمليات شكلت تحديا مباشرا لمفهوم التفوق الجوي والأمني التقليدي للاحتلال الإسرائيلى.

وأشار الصمادي إلى أن الهجمات الحوثية لها أبعاد متعددة: فهي لا تؤثر فقط على المستوى العسكري، بل تمتد لتشمل الأثر السياسي والنفسي، مضيفا أن الصواريخ اليمنية أصبحت تهديدا مباشرا أجبر الاحتلال الإسرائيلي على توسيع مظلة دفاعها الجوي، خاصة بعد إطلاق صاروخ مجهز بقدرات انشطارية متعددة.

دخول مصر والسعودية على خط المواجهة
وأكد الخبير العسكري أن دول المنطقة مثل مصر والسعودية لن تدخل المواجهة مباشرة، كما ذكر التقارير العبرية خوفا من الاصطدام مع الحوثيين ومع شعوبها العربية الرافضة للاحتلال الإسرائيلي، أما الولايات المتحدة، فهي بحسب الصمادي مشغولة بالصين والحرب الروسية الأوكرانية، وسيقتصر دورها على الدعم الاستخباراتي والتقني، مع استبعاد أي تدخل بري أو بحري.

رفع تكلفة الحرب على الاحتلالوحول تكلفة المواجهة، أوضح الصمادي أن طيران الاحتلال الإسرائيلي يتحمل تكلفة ضخمة لكل طلعة، تصل إلى حوالي 2000 كيلومتر ذهابًا ومثلها إيابًا، مع ساعة طيران تكلف حوالي 40 ألف دولار، في المقابل، فإن الصاروخ اليمني الواحد يكلف بين 2 إلى 5 ملايين دولار حسب نوعه، والمسيرة حوالي 15 ألف دولار، بينما تكلفة صواريخ الاعتراض الإسرائيلية تصل إلى 20 مليون دولار لكل هدف، بالإضافة إلى تعطيل ممرات الملاحة البحرية وتهديد ميناء حيفا، ما يرفع من الأثر الاقتصادي والسياسي والعسكري على الاحتلال الإسرائيلي.

اظهار أخبار متعلقة


وأكد الصمادي أن الحوثيين لا يخسرون إلا قليلا مقابل الأضرار الكبيرة التي يسببونها للاحتلال، مضيفا أن أي تصعيد إسرائيلي لن يكون حاسما إلا في حالة تهديد النفط الخليجي أو الملاحة البحرية، مع ضرورة وجود تدخل أمريكي مباشر لضمان أي تأثير حقيقي.

وختم بالقول إن الاحتلال الإسرائيلي في مأزق، حيث أن الاستنزاف سيزداد كلما طالت الحرب، وأن المواجهة الحالية لم تحقق نتائج حاسمة على الأرض، ما يعكس محدودية قدرة الاحتلال على تحقيق أهدافه أمام تكتيكات الحوثيين المتقدمة.
التعليقات (0)